مواجهة غير متكافئة للبيت الفني للمسرح مع نجوم وعروض القطاع الخاص

كتب: هالة نور الثلاثاء 23-04-2019 00:01

يشهد المسرح الخاص حالة من الرواج الفنى على مستوى عدد الأعمال المعروضة ونجومها، والتى تصل إلى حد الإبهار بعد سنوات عجاف مر فيها بأزمات عديدة جعلت مسرح الدولة يعزف منفردًا على مدار سنوات. سنوات طويلة انطفأت خلالها أضواء مسارح القطاع الخاص حتى جاءت الانتعاشة من جديد مع تجربة مسرح مصر. اليوم يقدم القطاع الخاص أكثر من تجربة على أكثر من مسرح مثل تجربة محمد هنيدى في عرض «3 أيام في الساحل» ويحيى الفخرانى وفاروق الفيشاوى في «الملك لير» وأشرف عبدالباقى في «جريما في المعادى» ومحمد صبحى وعرضه «خيبتنا»، وفى الطريق عروض أخرى قادمة لأكرم حسنى. أمام هذه العروض وأسماء النجوم ماذا سيفعل مسرح الدولة في هذه المنافسة غير المتكافئة على مستوى الإمكانات المادية وأسماء أبطال العروض

ميسرة صلاح الدين: العروض القوية تحمس الجمهور لمشاهدة المسرحيات البديلة

اعتبر الشاعر ميسرة صلاح الدين، مؤلف العرض المسرحى «خفيف الروح» أن مواجهة مسرح الدولة للخاص، ليست الهدف الأمثل ولكن يجب على الجميع أن يعمل بشكل متكامل، وقال: الفن لا يمكن أن يسير على وتيرة واحدة وإلا ستكون السلعة «بائرة» ولكن التنوع سيكون أمرا إيجابيا للمسرح حتى إذا لم نكن راضين عنه بشكل كامل.

وأوضح أن مسرح الدولة خلال السنوات الثلاثة الماضية به تحركات للأمام، مستدلاً على ذلك بعدد العروض الناجحة التي جذبت قطاعا كبيرا من رواده مثل «الطوق والإسورة»، وغيرها، لافتًا إلى أن مشكلة مسارح الدولة تكمُن في نقطتين الأولى فكرة البيروقراطية، وأن المبدع يمر بخطوات كثيرة سواء من الناحية الرقابية، أو العقود، والتى قد تستنزف جهدًا وطاقة كبيرة تصل لأن تكون معوقة، بالإضافة إلى عدم وجود مكاتب رقابية لتسجيل العروض في الأقاليم مما يجعل المركزية تحد من وصول المسرح للجميع.

وتابع: فكرة جذب نجوم الصف الأول للعرض المسرحى «الملك لير» تحسب لصالح الشركة المنتجة وناجحة مائة في المائة. وطالب بضرورة القضاء على فكرة القيود المتنوعة على المسرح سواء، سياسية، أو دينية من خلال مسرح الدولة، والبيروقراطية حتى يتم النهوض بالمسرح ومواكبة ما يحدث على الساحة بشكل تدريجى.

واعتبر أن طرح عروض مسرحية قوية سيجعل رواد المسرح من الجمهور العادى يشاهدون ذلك من خلال العروض البديلة للعمل، خاصة أن سعر التذكرة من الممكن ألا يكون متاحًا لكافة الفئات الجماهيرية.

مجدى صبحى: الفلوس «نمبر وان» للنجومالفنان مجدي صبحي - صورة أرشيفية

وأوضح الفنان مجدى صبحى، أن مسرح الدولة، بقيادة الفنان إسماعيل مختار، يواجه القطاع الخاص، حاليًا بقوة، مضيفًا أنه يقدم حالة جيدة وهناك عروض ذات قيمة وتحمل رسائل متعددة أصبحت تُقدم على خشبة القطاع العام الذي استعاد نشاطه خاصة بعد فتح المسارح المغلقة، وأنها عروض تستحق المشاهدة بالإضافة إلى العروض المقبلة التي تحمل نفس الأهداف. وقال إن قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، برئاسة المخرج عادل عبده، خلق حالة رواج مسرحى كبيرة، سواء في القاهرة، أو المحافظات، من خلال عرض «سيرة الحب» الذي فاق نجاحه الأدبى والجماهيرى التوقعات، بالإضافة إلى عودة المسرح الاستعراضى بعد غياب أكثر من خمسة وعشرين عامًا، مشيرًا إلى أن هذا يؤكد نجاح مسرح الدولة.

وعن مسرح القطاع الخاص، يوضح «صبحى» أنه يجب علينا أن نعلم أن هناك فرقة أو اثنتين على الأكثر تسيران على النهج والخط السليم والحقيقى في عروضهما، هما مسرح الفنان محمد صبحى من خلال «خيبتنا»، و«الملك لير» مؤخرًا للفنان الكبير يحيى الفخرانى من حيث القيمة والرسالة التي يحملها كل عرض منهما.

وتساءل «صبحى»: لماذا دائمًا يلجأ النجوم للقطاع الخاص؟، مرجعًا ذلك إلى أن النجم ليس هدفه الفن بشكل خاص، وأن المادة بالنسبة له في القطاع الخاص «نمبر وان».

ويشير إلى أنه يرفع القبعة أمام الجهة المنتجة لعرض «الملك لير» لويليام شكسبير.

واعتبر أن الجانب المادى بالنسبة للتذاكر في أسعارها مُبالغ فيه جدًا لأن هناك فئة من الشعب حالتهم المالية متوسطة ولا يستطيعون دفع ألف أو خمسمائة جنيه في التذكرة الواحدة، لكنهم في المقابل يشتاقون لمشاهدة تلك الأعمال العالمية خاصة أنهم- المفترض- المستهدفون من العملية التنويرية.

دوارة: التجوال هو الحل أمام مسرح الدولةعمرو دواره - صورة أرشيفية

أعرب الناقد المسرحى الدكتور عمرو دوارة، عن سعادته مع كل إنتاج مسرحى جديد بصفة عامة وعودة بعض النجوم على خشبات المسارح، خاصة أن هناك منهم يعود بعد فترات طويلة من التوقف، مستدلاً على ذلك بالفنان محمد هنيدى، الذي عاد بعد 16 عامًا وكذلك يسعد بتكوين أي فرقة مسرحية جديدة ولا يُفرق بين جهة إنتاج وأخرى سواء كانت تابعة للدولة أو القطاع الخاص، وأوضح أن الحكم فقط طبقًا لجودة ما يتم تقديمه ومدى ارتباطه بالواقع الحالى.

وأشار إلى أنه بالنسبة للتجارب الأخيرة في القطاع الخاص يرفض بشدة المغالاة في أجور النجوم، وقيمة تذاكر الدخول التي وصلت برغم ظروفنا الاقتصادية الصعبة إلى 1000 جنيه للتذكرة الواحدة مما يعتبره لا يتناسب أبدًا مع الشريحة الكبيرة من الجمهور التي تتكون من العائلات أصحاب الطبقة المتوسطة أو فئة الشباب من طلاب الجامعات والمدارس.

ويرى «دوارة» أن العروض الأخيرة التي تستهدف الإبهار ويقدمها القطاع الخاص في بعض المناطق النائية لا ترتبط بمسرحنا المصرى ولا تؤثر فيه بصفة عامة لأنها تخاطب فقط جمهور السيارات الفارهة الذي يبحث أغلبه عن الشكل والإبهار دون المضمون.

وتابع: «فى مسرحنا المصرى الذي يُمول من أموال دافعى الضرائب يجب تنفيذ ما طالبنا به مرارًا وهو تجوال كل العروض بلا استثناء في جميع الأقاليم وعدم الاقتصار في العروض على العاصمة، مع ضرورة أن يتم التنسيق بين جهات وزارة الثقافة المختلفة فلا تصبح كالجزر المنعزلة وذلك بأن تفتح الهيئة العامة لقصور الثقافة مسارحها بصفة دورية بالأقاليم لعروض مسارح الدولة».

أحمد شاكر: آليات الإنتاج لدينا عقيمة بسبب البيروقراطية والروتينأحمد شاكر عبداللطيف

شدد الفنان أحمد شاكر عبداللطيف، مدير فرقة المسرح القومى، على أنه من خلال تجربته في منصبه الجديد الذي تولاه منذ شهرين وضع يديه على أداء الشكل المسرحى. وأشار إلى أن الشكل المسرحى الحكومى لم يتغير منذ سبعين عامًا، وأن اللوائح والبيروقراطية، لا تتماشى مع إيقاع العصر الحالى، موضحًا أنه إذا كانت هناك ميزانية لعمل مسرحى فإنهم لا يستطيعون صرف هذه الميزانية بطريقة مباشرة كى يتسنى التحرك للبدء في العمل. ويرى أن فكرة تقسيم الميزانية على سُلف تؤدى إلى تعطل العملية الفنية بشكل كبير لا تواكب نفس قوة الأفكار للنهوض بالحركة المسرحية.

وقال إنه طرح أفكارًا كثيرة والتى اشتغل عليها مثل مشروع خاص للربط بين مدينة الإنتاج الإعلامى ومسرح الدولة، باعتبارهما جهتين حكوميتين تتضمنان فكرة تصوير المدينة للتراث المسرحى وهو ما افتقدناه في السابق نتيجة البيروقراطية والروتين. وأضاف أنه يعمل على هذا المشروع حاليًا وأن جزءا كبيرا من نجاح المسرح الخاص في الوقت الحالى قائم على التصوير للتليفزيون فلا يقتصر الأمر على بضع عشرات من الجمهور يأتون إلى المسرح يوميًا، ولكن يجب دعم ذلك من خلال مشاهدتهم الأعمال عبر القنوات التليفزيونية. وتابع، أن الجهات الحكومية بداخلها نوايا طيبة ولكن يجب البحث في آليات الإنتاج بشكل جديد، مرجعًا ذلك إلى أن الكوادر الفنية لديها خبرة ليست موجودة في القطاع الخاص بينما تكمُن المشكلة في آليات شكل الإنتاج، لافتًا إلى أن هذه المسألة تتجاوز حدود وزارة الثقافة ولكن يجب أن يكون بها دعم مباشرة من أعلى أجهزة في الدولة. وطالب «شاكر» بتطوير آليات الإنتاج والقوانين، واللوائح المنظمة، وأنهم لا يريدون عشرات الملايين ولكن يريدون إمكانيات جيدة، وأن المسرح القومى حتى يستطيع الاستمرار يجب النظر بشكل آخر إلى تفاصيل العملية الإنتاجية ودعمها بشكل كامل من الجهات العليا. واعتبر أن العرض المسرحى «الملك لير» مشروع تم تقديمه بالكامل من إنتاج مسرح القطاع العام على مدار سنوات طويلة، لافتًا إلى أن الفنان الكبير يحيى الفخرانى، من حقه تقديمه من خلال أي جهة أخرى، وأن جمهور المسرح الخاص يقدم للصفوة خاصًة أن أسعار تذاكره بالآلاف بينما مسرح الدولة موجه لجميع المصريين على اختلاف فئاتهم، مستدلاً على ذلك بما شاهدوه قديمًا على مدار تاريخ المسرح المصرى وقتما كانت الفنانة أم كلثوم تقيم حفلاتها على مسرح الأزبكية، لنجد الوزير أو السفير يجلسان جنبًا إلى جنب مع العامل البسيط، فالتذاكر كانت متاحة للجميع من كافة فئات المجتمع.