رئيس الوزراء العراقي في الرياض لتعزيز العلاقات بعد زيارة إيران

كتب: عنتر فرحات, وكالات الخميس 18-04-2019 21:25

تشكل زيارة رئيس الوزراء العراقى، عادل عبدالمهدى، للسعودية، واجتماعاته مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، وولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان- منعطفا جديدا لتحسين العلاقات بين البلدين، والتى شابتها عقود من التوتر والأزمات.

وأكدت السعودية والعراق، فى بيان صحفى مشترك، أهمية العلاقات التاريخية والدينية والاجتماعية، وأهمية استثمار الإرث السياسى والتاريخى والدينى بين البلدين.

وقال البيان إن زيارة رئيس الوزراء العراقى تأتى فى إطار «الروابط التاريخية المتينة» التى تجمع بين السعودية والعراق، و«ترسيخًا للعلاقات وللرغبة المشتركة للدفع بها نحو آفاق أوسع»، كما تأتى الزيارة فى سياق استثمار «الإمكانات الكبيرة والفرص المتاحة لتعزيز التعاون القائم بين البلدين فى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية»، وفق البيان الذى نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس».

وعقد الملك سلمان وعبدالمهدى «جلسة مشاورات، تم خلالها بحث سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين»، وشهدت الجلسة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى مختلف المجالات، فى إطار مجلس التنسيق السعودى العراقى. وأكد العاهل السعودى ورئيس الوزراء العراقى «العلاقات التاريخية والدينية والاجتماعية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العراقية، وأهمية استثمار هذا الإرث السياسى والتاريخى والدينى وتعزيز العلاقات، انسجاما مع توجه القيادتين».

والتقى «عبدالمهدى»، ولى العهد السعودى، وبحثا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، واتفقا على مواصلة التشاور والتنسيق بما يعزز وحدة الصف العربى والعمل العربى المشترك.. وعلى هامش الزيارة، تم عقد الاجتماع الأول للجنة الشؤون السياسية والأمنية والعسكرية، برئاسة وزيرى خارجية البلدين.

وقال مكتب المهدى إن رئيس الوزراء التقى ولى العهد السعودى خلال أول زيارة رسمية يقوم بها إلى المملكة التى تتقارب مع بغداد، سعيا لوقف نفوذ إيران، وأضاف أن البلدين وقعا 13 اتفاقية فى مجالات «التجارة والطاقة والكهرباء والتعاون السياسى والزراعة والنقل البرى والنقل البحرى والتعاون العلمى والتعليمى».

وصل رئيس الوزراء العراقى، مساء أمس الأول، إلى الرياض برفقة وفد كبير يضم مسؤولين ورجال أعمال، إذ وصفت التجارة بأنها المحور الرئيسى للمحادثات بين أكبر منتجين للنفط فى منظمة «أوبك».

وتأتى الزيارة الأولى لرئيس الوزراء العراقى للرياض مع التحسن الذى تشهده العلاقات بين بغداد والرياض بعد عقود من التوتر، وأعلنت السعودية خلال إبريل الجارى حزمة مساعدات بقيمة مليار دولار لبغداد، لبناء منشآت رياضية، وهو الإعلان الذى تزامن مع زيارة وفد سعودى رفيع المستوى لبغداد، وتعهدت الرياض ببناء علاقات أقوى مع العراق، حيث يدور صراع نفوذ بين المملكة وإيران، وأعادت السعودية فتح قنصلية فى بغداد ظلت مغلقة لمدة 30 عاما.

كانت الرياض قد قطعت علاقاتها مع بغداد وأغلقت حدودها معها بعد الغزو العراقى للكويت فى أغسطس 1990، لكن البلدين تبادلا الزيارات فى الأشهر الأخيرة- فى إشارة إلى تحسن العلاقات - مع سعى الرياض لمواجهة تأثير إيران القوى على الحياة السياسية العراقية، وتسعى «بغداد» إلى تحقيق فوائد اقتصادية عبر توثيق علاقاتها مع المملكة، ولاسيما فى عمليات إصلاح الدمار الذى خلفته سنوات من القتال ضد تنظيم داعش.

عززت إيران نفوذها فى العراق منذ الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين عام 2003، واضطلعت بدور رئيسى فى هزيمة التنظيم المتطرف، ويسعى «عبدالمهدى»، الذى تولى منصبه فى أكتوبر الماضى، لإقامة علاقات جيدة مع كل من طهران وواشنطن، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على قطاعى الطاقة والبنوك فى طهران العام الماضى بعد انسحابها من الاتفاق النووى بين طهران والقوى الغربية، لكنها منحت بغداد إعفاءات مؤقتة للسماح لها بالاستمرار فى استيراد الغاز والكهرباء من إيران، وهو أمر بالغ الأهمية لقطاع الطاقة العراقى المتعثر.. وكان «عبدالمهدى» قد اجتمع خلال زيارته لطهران، بالرئيس الإيرانى حسن روحانى والمرشد الأعلى على خامنئى.

ومن جهة أخرى، أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» فى بيان، أن ضباطا عراقيين واصلوا عمليات تعذيب المعتقلين فى أحد سجون الموصل التى كانت معقلا لتنظيم «داعش» بشمال البلاد، ووثقت المنظمة ادعاءات جديدة لعمليات تعذيب فى سجن الفيصلية فى شمال العراق بداية العام الحالى، بعد نحو 6 أشهر من نشر تقرير عما وصفته بانتهاكات «كبيرة» هناك، وأوضحت أنها أرسلت الادعاءات التفصيلية إلى رئاسة الوزراء العراقية ووزير الخارجية ووزارة الداخلية، دون أن تتلقى أى رد. وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط فى المنظمة، لما فقيه، إنه «مع تجاهل الحكومة العراقية تقارير موثقة عن التعذيب، ليس من المستغرب أن تستمر الانتهاكات»، وتساءلت: «ما الذى تحتاج إليه السلطات لتأخذ مزاعم التعذيب بجدية؟!»، واستندت المنظمة فى تقريرها إلى سجين سابق وصف ما رآه فى سجن الفيصلية فى 2019، متحدثا عن مشاهدته لحراس وهم يضربون المحتجزين على أقدامهم بأنابيب بلاستيكية إلى أن يقروا بانتمائهم لتنظيم «داعش»، وأضاف السجين نفسه أن الحراس كانوا يرشون المعتقلين بالماء ويتناوبون ضربهم، إضافة إلى استخدام عملية «الإيهام بالغرق»، ثم يعلقونهم من أرجلهم بالسقف ويقيّدونهم من خلف ظهورهم.