رئيس الهيئة العامة للاستثمار: «الثورة» بريئة من تراجع الاستثمارات الأجنبية

كتب: اخبار الجمعة 17-06-2011 19:00

نفى أسامة صالح، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، ممارسة أى دولة عربية أو رجال أعمال ضغوطاً سياسية أو اقتصادية على مصر، من خلال ما سماه «اللعب بكارت الاستثمارات»، للتأثير على محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، أو فرض رؤيتهم الخاصة بالقضايا المتهم فيها.

وقال «صالح» فى حواره لبرنامج «مصر بكرة»، الذى تقدمه الإعلامية دينا عبدالفتاح، على قناة «المحور»، إن الدول العربية ترى أنه دون مصر لا وجود للوطن بأكمله، وإن المستثمر لا يدخل مصر ليساعد اقتصادها فقط، بل أيضاً ليقوى موقفه بتقوية موقف مصر.

وكشف «صالح» عن عقد الهيئة خلال الفترة الحالية، العديد من الاجتماعات المكثفة مع المستثمرين لحل الخلافات بينهم وبين الدولة، بسبب حصولهم على الأراضى بأسعار غير مناسبة للواقع، لمناقشة موقفهم الحالى ومراجعة جميع العقود الخاصة بهم للتوصل إلى حلول جذرية لها، وعقد تسويات مناسبة مع هؤلاء المستثمرين، باستثناء بعض الحالات التى تمت خلال عهد النظام السابق، وتخص بعض الأمور السيادية بالدولة.

وأضاف أن لجنة التصالح بقيادة اللواء محمود نصر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية والمحاسبية، تقوم بوضع مشروع قانون «التصالح»، الذى يسهل المأمورية خلال الفترة المقبلة، والذى يتمثل أهم بنوده فى وضع عقوبة «مالية» على المستثمرين المخطئين بقدر الخطأ الذى ارتكبوه.

وأوضح أن القانون المصرى لم يكن يعرف فى هذه الحالة سوى العقوبة الجنائية، التى تقضى بالحبس فقط، ما يعنى أن تلك الجرائم ستدخل تحت بند «جرائم الياقات البيضاء»، لأن المستثمر المخطئ من حقه أن يعاقب عقوبة مالية بقدر المخالفة التى ارتكبها- على حد قوله.

وتابع «صالح» أن تطبيق العقوبة الجنائية لن يؤدى لتخوف المستثمر الجاد، لأن الاستثمار بطبعه يحمل مخاطرة، ما دامت نية المستثمر سليمة، ويرغب بالفعل فى إقامة المزيد من المشروعات، مؤكداً أن أى مستثمر يعرف القواعد والقوانين التى تحكم عملية الاستثمار فى أى دولة قبل أن يتخذ قراراً بالاستثمار فيها.

وأكد أن جميع التعاقدات التى تمت مع المستثمرين، الذين تتم محاكمتهم كانت بقرار وليست بـ«قانون»، والأخطاء التى حدثت معهم كانت فى الإجراءات نفسها، مشيراً إلى إعلان الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، عن تشكيل لجنة خاصة لحل مشاكل عقود الاستثمار، تعنى بالتفريق بين المستثمر الجاد والفاسد، وقال إن ذلك سيظهر جلياً من خلال ما يقدمه المستثمر نفسه من مستندات تثبت جديته فى المضى قدماً فى مشروعاته المختلفة.

وأوضح أنه فى حالة المستثمر الجاد فسيتم إجراء مفاوضات معه لبحث سبل التسوية، مثلما حدث مع شركة «الملكة»، التى قال إنها تعتبر مثالاً جيداً لذلك، وستتم مراجعة جميع العقود بشكل عادل خلال الفترة المقبلة.

وعن المستثمرين الذين هددوا باللجوء للتحكيم الدولى، والذين يتم التحقيق معهم فى مخالفات التعاقدات المبرمة مع النظام السابق، أوضح أن التعاقدات التى يتم إبرامها مع العديد من المستثمرين تتم وفقاً لاتفاقية «حماية الاستثمار»، وتكون الدولة ملزمة بحماية مستثمرى الدول الأخرى، وفقاً لتلك الاتفاقية، وتعاملهم بنفس الآلية التى تتم معاملة المستثمر المحلى بها أو بمعاملة تفضيلية، وبالتالى فمن حق هؤلاء المستثمرين فى حالة وجود تجاوزات من قبل الدولة، تحمل مخالفات واضحة لبنود تلك الاتفاقية- اللجوء للتحكيم الدولى، موضحاً أن الأمر ليس بتلك السهولة لأنه يشترط لأى شركة ترغب فى اللجوء للتحكيم أن تكون الدولة أخلت ببنود الاتفاق نفسه.

ودعا «صالح» الشركات التى لديها مشكلات فى العقود إلى اللجوء لهيئة الاستثمار أولاً، لأن الهيئة لديها عدة آليات مختلفة لمساعدة المستثمرين، وهى المدافع الأول عنهم، وقال: «لدينا لجنة تسوية المنازعات، وهناك أيضاً لجنة لفض المنازعات يرأسها وزير العدل شخصياً، وأتولى فيها مهام الأمانة الفنية، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء، وقرارات تلك اللجنة ملزمة».

وأضاف أن النصف الأول من العام المالى 2011/2012 شهد تراجعاً فى حجم الاستثمار الأجنبى بنسبة 51.8٪، حيث أصبح 2.1 مليار جنيه، مقارنة بـ4.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضى، ما يعنى أن الثورة بريئة من ذلك، موضحاً أن البنك المركزى لم يعلن البيانات الخاصة بحجم الاستثمار الأجنبى بعد الثورة، وأنه تم تأسيس 2512 شركة منذ يناير حتى الآن، 15٪ منها مساهمات أجنبية، 5٪ «عرب»، و10٪ أجانب، بقيمة 630 مليون جنيه، من إجمالى 4.2 مليار جنيه، وتنوعت تلك الشركات عبر القطاعات المختلفة، القطاع الزراعى، الصناعى، الخدمى، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، العقارات، القطاع التمويلى، وشركات متعددة النشاط، موزعة على 25 محافظة.

وأوضح أن «حركة تأسيس الشركات لم تنقطع بعد، لكنها انخفضت بشكل كبير، وخلال الفترة الحالية نؤسس يومياً من 9 إلى 11 شركة، مقارنة بأكثر من 30 شركة كنا نؤسسها يومياً قبل الثورة».

وتابع أن مصر تحتاج نحو 24 مليار دولار أو 150 مليار جنيه تقريباً لتحقق معدلات نمو إيجابية تصل إلى 4.8٪، مؤكداً قدرة مصر على جذب تلك الاستثمارات، وقال إن ذلك ظهر من خلال الزيارات التى أجراها الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، إلى العديد من الدول العربية والأفريقية، التى وجد خلالها رغبة شديدة فى الاستثمار بمصر، ومشاعر طيبة من الإخوة العرب، تنذر بأن هناك المزيد من الاستثمارات التى تنتظرها مصر، بعد عودة الاستقرار السياسى وعودة الأمن إلى الشارع المصرى.

وقال «صالح» إن الحكومة الحالية أعلنت فى أكثر من مناسبة أنها تتبنى سياسات «الاقتصاد المفتوح أو الحر»، وأن العدالة الاجتماعية هى محور جميع القرارات على جميع الأصعدة، وأن القطاع الخاص شريك أساسى فى التنمية، وكل تلك الرسائل أعطت مؤشرات إيجابية لدى الجميع بشأن الأوضاع فى مصر، وبثت نوعاً من الطمأنينة فى نفوس المستثمرين.

وأضاف: «أتوقع أن تعود الأمور إلى مجاريها سريعاً، خاصة مع وضوح الرؤية السياسية بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، خاصة أن إضافة العدالة الاجتماعية إلى الإصلاح السياسى والاقتصادى سيكون لها مردود قوى».

وشدد على أن موافقة صندوق النقد الدولى على إقراض مصر، رسالة قوية إلى جميع المستثمرين ومجتمع الأعمال العالمى مفادها أن مصر قادرة على الوفاء بالتزاماتها على الرغم من أن البعض يرى أن الاقتراض من البنك الدولى حملنا التزامات أو تعهدات.

وأوضح أن القطاع العقارى وقطاع السياحة، من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة الراهنة، وأن قطاع السياحة كان يعتبر «باب رزق» مفتوحاً لدى مصر، وهبه الله إياها عبر موقعها المميز، إلا أن هذا «الباب» مغلق الآن فى أعقاب الثورة، كما أن القطاع العقارى تأثر أيضاً.

وقال إن لجنة التسوية التى شكلها الدكتور عصام شرف ستساهم فى حل أزمة الكثير من المستثمرين بهذا القطاع، ومن ثم عودته لطبيعته مرة أخرى، وإن المبادرة التى قام بها وزير الإسكان، الخاصة ببناء مليون وحدة سكنية ستحرك السوق العقارية وتنشط «المقاولين».

وعن ردود أفعال الجولات الترويجية، التى قامت بها قيادات الهيئة مؤخراً، قال إن اللجنة التى تم تشكيلها فى هيئة الاستثمار، عملت كـ«الجندى» بشكل مكثف وقوى، وأوضح: «قمنا بالاتصال بجميع المستثمرين فى مصر وجمعيات رجال الأعمال، والسفارات المختلفة، للتعرف على المشاكل أو الضغوطات التى تواجه استثماراتهم خلال تلك الفترة، وسبل حلها، كما قامت القوات المسلحة بلعب دور رائد وقوى فى المساهمة فى حماية جميع الاستثمارات الموجودة سواء المحلية أو الأجنبية خلال فترة الثورة.

وأضاف أن الهيئة تستقبل يومياً من 8 إلى 10 زيارات من الوفود المختلفة، بهدف التعرف على ما يحدث فى السوق المصرية والاقتصاد المصرى، بناء على رغبة قوية فى الاستثمار بمصر، وقال: «كان لدينا منذ أسابيع قليلة وفد من منتدى رجال الأعمال المصرى الأمريكى، ضم 24 شركة من كبرى الشركات الأمريكية، على رأسها شركة «أباتشى»، التى أكد رئيسها أمام الدكتور عصام شرف، استمرار الشركة فى العمل بمصر، واستقبلنا وفداً من بريطانيا أيضاً، تمت مناقشة الكثير من الموضوعات والأفكار الجديدة معه، حيث طرحوا العديد من المشروعات فى مجال الطاقة المتجددة، واقترحوا صناعة سيارة مصرية 100٪ (سيارة وطنية) بعلامة تجارية مصرية.

وعن خروج شركة «سكانسر» البريطانية، وهى واحدة من أبرز الشركات العاملة بقطاع التشييد والبناء من السوق، أكد «صالح» عقد الهيئة اجتماعاً مع رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب، تناول كيفية إمكانية استغلالهما لجنة فض المنازعات لتسوية العقود القديمة، موضحاً أن هناك احتمالية كبيرة لأن تحل تلك المنازعات بشكل جيد خلال شهر من الآن، وقال: نحن لا نرغب فى أن تخرج شركة فى مكانة «سكانسر» من السوق المصرية، إلا أننا سنعقد معهم اجتماعاً نهاية الشهر الجارى لنحسم مسألة التسوية.

وحول عدم قدرة المستثمر على الخروج من السوق المصرية، لكون آليات الخروج ليست واضحة، أوضح أن الخروج نوعان، الأول إجبارى، وهو عندما تفلس الشركة، وهناك إجراءات لذلك لكنها تحتاج فترات طويلة وصلت مع بعض المستثمرين إلى 12 سنة، والثانى هو الخروج الاختيارى، الذى تم اختصار إجراءاته لتصل إلى شهور قليلة وليس «سنوات»، وأنه فى قانون الإفلاس سيتم إلحاق جملة من البنود الجديدة التى تسهل عملية الخروج.