لقى الفيلم التسجيلى المصرى «ظلال» المشارك فى مهرجان «طريفة» للسينما الأفريقية المنعقد حاليا فى إسبانيا استحسان الجمهور الإسبانى، رغم أنه يعرض خارج المسابقة الرسمية ضمن برنامج الاحتفال بالسينما فى مصر وتونس بعد نجاح ثورتيهما، وهو البرنامج الذى يضم 16 فيلما بينها 6 مصرية.
الفيلم 90 دقيقة تسجيلية صورتبالكامل فى مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، ويستعرض 16 حالة مختلفة من المرضى، من بينها امرأة مسيحية تحفظ آيات من القرآن الكريم وتجيد تلاوتها، كما تردد عبارات تبين تمسكها بدينها وقبولها للآخر، الفيلم إنتاج 2010 وأنتجته ماريان خورى التى تولت إخراجه بالتعاون مع المخرج التونسى مصطفى حسناوى الذى توفى فى يناير الماضى، وعقب عرض الفيلم فى كنيسة «سانت ماريا»- إحدى قاعات العرض بالمهرجان- حرصت ماريان على تحية الجمهور والحديث معهم عن الفيلم وكواليس تصويره.
وعن تجربتها قالت ماريان: كنت متحمسة جدا للفكرة لكننى فى الوقت ذاته شعرت بخوف من تنفيذها ومن احتياجى إلى مؤنس، فعرضتها على مصطفى حسناوى وطلبت منه مشاركتى واستغرق التصوير 8 أشهر، صورنا خلالها حوالى 120 ساعة خام، واخترنا منها 90 دقيقة واستغرق المونتاج عاما، وقد حاولت توفير أفضل الظروف لصناعة الفيلم، لذلك طلبت مشاركة مصطفى حسناوى لأنه مخرج تسجيلى متمكن، كما أسندنا مهام المونتاج وإدارة التصوير لخبرات جيدة فى العمل التسجيلى.
أكدت ماريان أنها لم تشعر بأى خوف من المرضى لأنها لا تعتبرهم خطرين وإنما تراهم مرضى نتيجة ظروف قاسية تعرضوا لها فى حياتهم، إما لصدمات عاطفية أو سياسية.
من ناحية أخرى كان تطور صناعة السينما فى الكونغو خلال الخمسين عاما الماضية محور نقاش المائدة المستديرة ضمن فعاليات المهرجان الثلاثاء الماضى، حيث تحدث من الكونغو كل من الناقد والمؤرخ جيدو كونفنتس المتخصص فى دراسات سينما الجنوب، والمخرج التسجيلى مونيكو فوبا، وركزت الندوة على سيطرة تليفزيون الكونغو على صناعة السينما، باعتبار هذه أكبر مشكلة تواجه السينمائيين الشباب الذين يطالبون بتحرير الصناعة من قبضة تليفزيون الدولة.
وقال المؤرخ جيدو كونفنتس: كما تم تحرير الكونغو ننتظر يوما تتحرر فيه السينما لأن لدينا أكثر من 40 قناة تليفزيونية هى وحدها التى تهيمن على تلك الصناعة، وهذا له تأثيراته السلبية من جميع النواحى الثقافية والاقتصادية، والمشكلة الكبرى أنه ليس لدينا قانون ينظم العمل السينمائى، ونطالب الحكومة حاليا بوضع قانون ولائحة تفصيلية حتى نواكب باقى الدول التى سبقتنا.
فى حين قال المخرج التسجيلى مونيكو فوبا: المشكلة أن الكونغو خالية من أى مؤسسة تعليمية تدرس السينما بشكل جيد، وبالتالى فكل ممارسى السينما لدينا يكونون دارسى مسرح أو تليفزيون، وهذا سبب مهم لتأخر صناعة السينما، ومن النادر أن تجد شخصا سافر خارج البلاد من أجل دراسة السينما.
وانتقل الحديث من الكلام عن آليات وتقنيات الصناعة للكلام عن موضوعات السينما، وقالت إليزابيث تيسو من جنوب إفريقيا إن السينما ينبغى أن تقوم بدورها فى القارة السمراء عموما، وفى الكونغو خصوصا، من حيث مناقشتها للمشكلات الحقيقية، حتى يتمكن صانع القرار من رؤية المشكلة بشكل واضح ويضع حلا لها، ولقد جئنا إلى هنا من 23 دولة أفريقية، نشارك بحوالى 140 فيلماً، ليس للتسلية وإنما لمعرفة الأوضاع السينمائية فى أفريقيا.
وعرض يوم الأربعاء الماضى على مدار 104 دقائق الفيلم السنغالى «مدام برويت» الذى تابعه عدد كبير من الإسبانيات، وبعد انتهاء عرضه قررن مقابلة مخرجه «موسى سنيه إبسا» والثناء عليه لمناقشته العنف ضد المرأة، ووعدهن «إبسا» بتقديم أفلام أخرى فى هذا الاتجاه، ثم التقط معهن بعض الصور التذكارية وبكى وقال: «النساء فى السنغال يعانين عنفا أكثر مما رأيتموه فى الفيلم».
«إبسا» يشارك هذا العام بفيلمى «مدام برويت» المعروض خارج المسابقة، و«يوولى» فى المسابقة الرسمية، وقال: استغرق تصوير الفيلم عامين كاملين، وتكلف حوالى 80 ألف دولار، وقررت تقديمه لأن حقوق الإنسان عموما والمرأة خاصة تعانى انتهاكات شديدة فى السنغال، وهذا ليس خافيا على أحد، تكفيك زيارة واحدة لنا وستجد بالصدفة رجلاً يعنف امرأة ويضربها فى الطريق العام، فهذا المشهد متكرر، اعتدنا رؤيته.
أضاف «إبسا»: منذ خمس سنوات كنت عضوا فى لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بمصر، وشاهدت أفلاما مصرية كثيرة، وعرفت أن بمصر مشاكل حقوقية، لكنها ليست بالقدر الذى نعانيه نحن، حيث لدينا مشكلة ثقافية حقيقية، والفيلم يحمل رسالة واضحة مفادها أن المرأة كائن ضعيف ورقيق يجب التعامل معه بود واحترام، لأن لديه لحظات قوة قد يستغلها ليثأر لكرامته كما حدث بالفيلم، فالبطلة حملت من حبيبها وطردها أبوها من المنزل، وحين ذهبت لحبيبها وأخبرته رفض استضافتها فى منزله، واستأجر لها غرفة فى منزل مشبوه تسكنه العاهرات، لذا قررت أن تصبر حتى تضع حملها ثم قتلته بعد ذلك لأنها منحته الحب والجسد بينما منحها هو التعنيف والمعاملة القاسية.
الفيلم تم عرضه فى قاعة صممتها إدارة المهرجان داخل خيمة على الطراز الإفريقى ليست بها مقاعد، وخلع المشاهدون أحذيتهم خارج الخيمة، وجلسوا على وسائد فيما يشبه طريقة العرض السينمائى فى بعض دول إفريقيا، وهى الطريقة التى أثارت إعجاب الجمهور الإسبانى.