ـ جئْتَ..
كأنَّكَ قُطْبٌ من «فُسْفُورٍ»
أخْضَلَ أوْرَاقَاً بيْضَاءْ
أقْلبَ وَجْهَ المَاءِ بلَونِ الزَّيْفْ..
تَرْفعُ سِرْبَالَكَ
وتصر على أنَّ الجَوْلةَ جَوْلَتُكَ
أو تضرم نارا في الحلبة
في زَمَن أعْلَنَ تغْييبَ الشَّمسِ
فنَصَبْتَ روَاغاً بيْنَ حُرُوفِ الكَلِمَاتْ
يُخَاتِلُ شَعْبا في هَمَجٍ لسَنَاجِبِ
تنْخُرُ في الأمْصَارْ..
ترْفَعُ سِرْبَالكَ
وتُلَوِّحُ في وجْهِ الفُرَقاءْ،
وفى هَمْهَمَةِ الأغْرِبَةِ الرَّعْنَاءْ
ترْفَعُ سِرْبَالكَ
كى تَنْقِلَنَا حَافِلةٌ
نُنْعِيْهَا قبْلَ الدَّوَرَانْ.
....................................
دقَّ البَابَ لَفِيفٌ مِنْ غَابِ الخُبَثَاءْ
ففَتَحْتَ الدَّارْ،
ووَضَعْتَ السَّيفَ بغِمْدِ الصَّمتْ،
أعْطَيتَ جوَادَك للغُربَاءْ،
ودرُوعَ الحِصنْ،
وحُلّتَكَ المَرْهُونَةَ
عنْدَ لصُوصِ الكُحْلِ المنْقُوشِ
خرائطَ عشْقِ في كُلِّ عيُونٍ
تدْمنُ وجْهَ الأرَضْ،
وتحْلمُ بالأمْطَارْ،
وتسْهدُ في عُشْبِ السّنوَاتِ العَجْفَاءْ..
....................................
صَافحْتَ الغُربَاءْ
مَلأَتْ كَفّيْكَ صُكُوكٌ مُبْتَلّةْ
في بَحْرٍ مُلْتَاثٍ بدمَاءِ الشُّهدَاءْ..
صَافَحْتَ الغُربَاءْ
أرَادُوا أنْ تبْقَى مكْتُوفَ الأيْدِى
بيْنَ الغَدْرِ
وبيْنَ البَحْرِ
بيْنَ الوَجَلِ السّاربِ في سَحْلِ الإذْعَانْ،
ومَقْصَلةِ العُصْبَةِ تَنْذِرُ بالإخْصَاءْ..
أرَادُوا أنْ تبْقَى مكْتُوفَ َالأيْدِى
حتّى ينْهَشُ كُلٌّ منْهُمْ
صَدْرَ امْرَأةٍ تحْملُ اسْمَكْ،
وأرَادُوا أنْ تُنْصَبَ خَلْفَ الحَائِطِ
صَنَمَاً يَوْفِى كُلَّ وُعُودِكَ
في ظِلِّ العَارْ.
.................................
ـ جئْتَ..
لتَقْطُفَ مِنْ وجْنَةِ أُمّى الثّمَرَ الوَرْدِىْ
كى تَعْصُرَهُ فِى آنِيَةِ اللّيْلِ سُلاَفَاً
تنْخبُهُ في نَعْرَةِ نِمْرٍ
كى تتَأَرْجَحَ فِى ميْزَانِ يَتَهَاوَى
تحْتَ حِذَاءِ النّكْرَانْ..
ـ لا..
ـ لمْ يُنْبَذْ فِى النّخْلِ المَزْرُوعِ بأَرضِ الدَّارْ
سَعْفٌ للقَطْفْ
للسَعْفِ جُذُورٌ فِى جِذْعٍ
يتَجَذَّرُ فِى الأغْوَارْ..
ـ جئْتَ..
لتَرْفَعَ سِرْبَالَكَ،
وتُلَوِّحُ فِى وجْهِ الخُصَمَاءْ
يتَهَلْهَلُ هذَا السّرْبَالْ،
وتَرْحَلُ يَوْمَاً
لكنْ..
ما زَالتْ فَوقَ صِقَالِ السّيفِ
دِمَاءٌ
جُرْمَاً لمْ يُغْفَرْ،
تَمْثُلُ خَلْفَ القُضْبَانْ.