«سوريا الديمقراطية» تعلن القضاء على «داعش» نهائيًا

كتب: محمد البحيري الأحد 24-03-2019 04:02

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، السبت، القضاء التام على تنظيم داعش الإرهابى، بعد السيطرة على آخر جيوبه عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، فيما أشادت فرنسا وبريطانيا بهذا الإنجاز، مقابل تشكيك روسى.

ومع السيطرة على بلدة الباغوز بالكامل فى ريف دير الزور الشرقى، لم يعد للتنظيم أى أراض تحت سيطرته فى سوريا، بعد أكثر من عام على دحره من العراق المجاور، وقال مدير المركز الإعلامى فى قوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالى، فى تغريدة بالإنجليزية على موقع «تويتر»: «تعلن قوات سوريا الديمقراطية القضاء التام على ما يسمى الخلافة وخسارة التنظيم لأراضى سيطرته بنسبة مائة فى المائة»، وفى تغريدة أخرى بالعربية، كتب بالى «الباغوز تحررت والنصر العسكرى ضد داعش تحقق، وبعد سنوات من التضحيات الكبرى نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة».

ورفعت قوات سوريا الديمقراطية رايتها الصفراء على مبنى داخل آخر بقعة كانت تحت سيطرة التنظيم فى الباغوز، وأعلنت، أمس، بدء مرحلة جديدة فى قتال داعش فى سوريا، وقال القائد العام للقوات، مظلوم كوبانى، بمؤتمر صحفى فى حقل العمر النفطى: «نعلن للرأى العام العالمى عن بدء مرحلة جديدة فى محاربة إرهابيى داعش بهدف القضاء الكامل على الوجود العسكرى السرّى لتنظيم داعش المتمثّل فى خلاياه النائمة، والتى لا تزال تشكّل خطراً كبيراً على منطقتنا والعالم بأسره».

ودعا كوبانى الحكومة السورية إلى الحوار، بعد أيام من تأكيد دمشق عزم الجيش استعادة مناطق سيطرتها بـ«المصالحات» أو عبر «القوة» العسكرية.

ورغم إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلحاق الهزيمة بالتنظيم، إلا أن روسيا، على لسان مصادر بالخارجية الروسية، شككوا فى مصداقية التصريحات الأمريكية، متهمين واشنطن بأنها كانت تستغل التنظيم الإرهابى لتحقيق مصالحها.

ووصف مصدر فى وزارة الخارجية الروسية تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن ذلك بأنها «غير مقنعة».

وقال المصدر فى تصريح لوكالة نوفوستى الروسية للأنباء تعليقا على إعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، القضاء بنسبة 100% على تنظيم داعش الإرهابى: «إن هذه التصريحات لا يمكن اعتبارها مقنعة»، موضحا أن «آلافا من إرهابيى داعش لايزالون فى سوريا وفقا لتقديرات مختلفة».

وذكر المصدر أن الولايات المتحدة أدلت فى وقت سابق بـ«تصريحات صارخة» عن عزمها الانسحاب من سوريا لكنها حتى الآن لم تقدم أى خطط لخروج قواتها منها.

وقال عضو لجنة الدفاع بمجلس الدوما الروسى إيفان تيترين إن الجيش العربى السورى وحلفاءه هم من حرروا أكثر من 80% من الأراضى السورية من الإرهابيين، وإن الكلام الأمريكى «لا يعدو كونه محاولة لزيادة أهمية دور واشنطن فى تحرير سوريا من الإرهاب».

وأكد الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون أن «خطراً كبيراً زال عن بلادنا» معتبراً فى الوقت ذاته أن «التهديد لا يزال قائماً والكفاح ضد المجموعات الإرهابية يجب أن يستمر».

ووصفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى هزيمة تنظيم داعش بأنها «منعطف تاريخى»، ودعت إلى مواصلة المعركة ضد «أيديولوجيته المؤذية»

وعلى بعد أمتار من نهر الفرات، الذى تقع الباغوز على ضفافه الشرقية، شوهدت رايات التنظيم السوداء ملقاة على الأرض.

وقالت وكالة الأنباء السورية إن «الولايات المتحدة منذ أغسطس 2014 أقامت تحالفا استعراضيا من خارج الشرعية الدولية بزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابى إلا أن هذا التحالف ارتكب عشرات المجازر بحق المدنيين فى الرقة ودير الزور وريف حلب الشمالى وخلّف دمارا واسعا فى البنى التحتية، كما أن الوقائع أثبتت أن الولايات المتحدة كان هدفها استخدام التنظيم الإرهابى لتحقيق غايتها ومصالحها فى المنطقة وليس محاربته».

وأعلن التنظيم المتطرف فى العام 2014 إقامة «الخلافة الإسلامية» على مناطق واسعة سيطر عليها فى سوريا والعراق المجاور، تعادل مساحة بريطانيا. وتمكن خلال نحو 5 سنوات من فرض قوانينه المتشددة وأحكامه القاسية فى مناطق سيطرته وإثارة الرعب باعتداءاته الوحشية حول العالم.

وجاءت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على آخر جيوب التنظيم بعد 6 أشهر من هجوم واسع بدأته فى ريف دير الزور الشرقى بدعم من التحالف الدولى بقيادة أمريكية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين منذ 9 فبراير، تخللها قصف مدفعى وغارات للتحالف.

وفى وسط المخيم الذى شكل آخر بقعة للتنظيم قبل انكفاء مقاتليه فى الأيام الأخيرة إلى جيوب على ضفاف النهر، شوهدت خنادق محفورة تحت الأرض وبطانيات مبعثرة وآوان منزلية ومولدات كهرباء مرمية فى كل مكان، بين خيم مهترئة وأخرى محروقة أو مغطاة ببطانيات وقماش ملون.

وقالت إن عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة كانت متوقفة بين الخيم، غالبيتها باتت عبارة عن هياكل حديدية جراء القصف، بينما كانت هناك أسلحة مثبتة على عدد منها، وهى محترقة بالكامل جراء ضربات جوية للتحالف على الأرجح.

وعلى وقع تقدمها العسكرى، أحصت قوات سوريا الديمقراطية خروج أكثر من 67 ألف شخص من جيب التنظيم منذ مطلع العام، بينهم 5 آلاف جهادى تم اعتقالهم. وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات مقاتلى التنظيم، ضمنهم عدد كبير من الأجانب، الذين تم نقلهم إلى مخيمات لاسيما مخيم الهول (شمال شرق).

وأسفر الهجوم منذ سبتمبر عن مقتل 750 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية ونحو ضعف هذا العدد من مقاتلى التنظيم، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان.

واضطرت قوات سوريا الديمقراطية مراراً إلى تعليق هجماتها خلال الأسابيع الأخيرة تمهيداً لخروج المحاصرين. واتهمت التنظيم باستخدام المدنيين كـ«دروع بشرية».

وواصل مقاتلو التنظيم الرافضون للاستسلام القتال حتى يوم الجمعة. وتحصنوا فى خنادق وأنفاق حفروها فى الباغوز.

ولا يعنى حسم المعركة فى منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، فى ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة فى المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده فى البادية السورية مترامية الأطراف. وقال بالى، أمس: «نجدد العهد على مواصلة الحرب وملاحقة فلولهم حتى القضاء التام عليهم». واستبق التنظيم خسارته هذه بدعوة عناصره فى تسجيلات بثها فى الأيام الأخيرة على حساباته على تطبيق تليجرام إلى «الثأر» من الأكراد فى مناطق سيطرتهم فى شمال وشمال شرق سوريا. كما دعا أنصاره إلى شن هجمات فى الغرب ضد أعداء «الخلافة».

وشكلت جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السورى الذى بدأ عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تسفر كافة الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.