تساؤلات عدة تثار حول مستقبل خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي بعد أسبوع عصيب مر بريطانيا في ظل تعقيدات المشهد السياسي وعدم توصل الساسة البريطانيون لرؤية موحدة بشأن الخروج من الأتحاد، ووصول التفاوض بين بريطانياو الأتحاد لحائط مسدود.
وصوّت مجلس العموم البريطانى -البرلمان- الأمس لصالح تأخير عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كما رفض بأغلبية ساحقة الدعوات لإجراء استفتاء ثانٍ، وذلك بعد رفض البرلمان البريطانى اتفاقًا معدلًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، للمرة الثانية بعد أن رفض اتفاق سابق في يناير الماضي كما صوت الأربعاء الماضى على رفض الخروج من الأتحاد الأوروبي بدون اتفاق.
وستواجه رئيسة الوزراء معركتين على مدار الأيام القادمة- واحدة في وستمنستر وأخرى في بروكسل، ويستعرض خبراء في تصريحات للمصرى اليوم السيناريوهات المحتملة للمشهد السياسي البريطانى ومدى واقعيتها ويقول إيهاب عباس المحلل السياسي «إن المشهد السياسي معقد» وأضاف أنه في 29 مارس ستضح الرؤية بشأن السيناريو المرجح.
سيناريو: موافقة البرلمان
وسيصوت مجلس العموم على اتفاق الانسحاب بحلول 20 مارس، بعد أن وافق النواب على مطالبة الاتحاد الأوروبي بتأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى ما بعد تاريخ المغادرة الحالي في 29 مارس.
وترى أيه عبدالعزيز الباحثة بالمركز العربي للبحوث والداراسات أن رئيسة الحكومة «تيريزا ماي» ستحاول أقناع البرلمان للمرة الثالثة كمحاولة أخيرة، يوم 20 مارس للموافقة على الأتفاق ليضمن خروج منظم من الاتحاد.
بهاء محمود الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية يقول ليس لدي ماى جديد لتقدمه بشأن الاتفاق، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة ليست مجدية.
وفي حالة موافقة البرلمان على الخطة ستجتمع ماى مع زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة ببروكسل في 21 مارس لتمديد فترة لا تتجاوز 30 يونيو وفقا للمادة (50) لمعاهدة لشبونة.
سيناريو: تمديد الاتفاق
وترى الباحثة بالمركز العربي أن رفض البرلمان لا يعد نهاية المطاف مشيرة إلى أن ماى ستلجأ في إجتماع بروكسيل لتمديد الخروج لما بعد 30 يونيو مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي على أستعداد لذلك لمحاولة للحفاظ على الخروج المنظم من خلال تعديل صفقة الخروج، وإعادة فتح الملفات الخلافية.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك إن زعماء الاتحاد الأوروبي قد يكونون منفتحين على تمديد فترة طويلة «إذا وجدت المملكة المتحدة أنه من الضروري إعادة النظر في إستراتيجيتها للخروج من الاتحاد الأوروبي».
في المقابل لا يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم تنازلات للطرف البرياطنى بعد تصريح يوم الاربعاء لمفاوض الاتحاد الأوروبي حول «بريكست»، ميشيل بارنيه، استبعاد فيه اتخاذ أي إجراءات إضافية لـ«مساعدة» بريطانيا في الانسحاب منه بالاتفاق مع بروكسل.
وحول ما إذا كانت تلك التصريحات مناورة من الجانب الأوروبي، قال عباس «أن تقدم الاتحاد مزيد من التنازلات يعرض تماسك الاتحاد الاوروبي للخطر لافتا إلى أن»المشكلة سياسية داخل بريطانيا الكرة فملعب البرلمان البريطانى لتقديم مقترحات جديدة بشأن الاتفاق.
سيناريو الخروج بدون اتفاق
ولتمديد الخروج فإن على بريطانيا الحصول على موافقة جميع أعضاء الاتحاد 27 لتأجيل موعد الخروج. وإلا ستخرج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، أحمد العنانى عضو المحجلس المصرى للشئون الخارجية يرى أن موافقة قادة أوروبا جميعا أمر ليس بالسهل، مضيفا أنه لا يستبعد عدم موافقة الأتحاد على المقترح البريطانى خاصة أنهم رأوا أن المفاوضات مع الطرفلا البريطانى غير مجدية في ظل عدم توافق النواب في مجلس العموم.
فيما يرى محمود أن خروج بريطانيا دون أتفاق سيكون سيناريو كارثى للاقتصاد البريطاني، مضيف أنها لم تستطيع أن تجد أي بديل للسوق الأوروبي الذي تشكل وارداته 45% من واردات بريطانيا مضيفا أنه من المتوقع أن تخسر بريطانيا 27 سوق خارج الأتحاد الأوروبي، علاوة على ما يزيد على أكثر من 50 سوق خارج الاتحاد الاوروبى تربطها أتفاقات مع الاتحاد. علاوة على أن بريطانيا ملزمة بدفع 39 مليار جنيه أسترليني، فاتورة الخروج «مما قد يعرض الأقتصاد البريطانى للأنهيار» يقول الباحث بمركز الأهرام.
وأضاف أنه من المتوقع أن تزيد نسبة البطالة من 4% إلى 7%، حالة الخروج بدون أتفاق ،و أضاف محمود أن بريطانيا لا تريد أن تخسر السوق الأوروبي خاصة أنها كانت تسعى لتكون العاصمة الخدمات المالية للأتحاد الأوروبي.
الأمر الذي يؤكده ترحيب عدد من كبار رجال الأعمال بقرار برلمان تأجيل الخروج، وأشاد اتحاد الصناعة البريطاني بالقرار قائلا «إنه أظهر أنه لا يزال هناك»شعور مشترك«في وستمنستر، لكنه حذر من أن مستقبل بريطانيا لا يزال على الحافة.
ويرى محمود أن محكمة العدل الاوروبية قد تصدر فتوى مفادها أنه يجوز لبريطانيا إلغاء شعار الخروج من الاتحاد الاووربي من طرف احادي، مما يشكل مخرج للأزمة.
سيناريو: استفتاء جديد
ومع انسداد الأفق وتمسك الطرفين بموافقهم في التفاوض أصبح إجراء أستفتاء أخر حل للأزمة، باحثة بالمركز العربي للبحوث والدراسات ترى أن الدعوة لإستفتاء جديد سيناريو يواجه عدة صعوبات مضيفة أنه يعد تحدي لإرادة الشعب وقرارته، وخاصة أن البرلمات صوت على رفض إعادة الاستفتاء على الخروج وذلك بأغلبية 334 صوتًا مقابل 85.
ورأى إيهاب عباس المحلل السياسي أن رفض البرلمان لإجراء أستفتاء أخر كان أمر مخالف للتوقعات، مشيرا إلى أن سيناريو إجراء أستفتاء أخر للخروج من الاتحاد الأوروبي قد يكون حل للخروج من الأزمة خاصة مع إدراك الطرف البريطانى حجم الخسائر الاقتصادية الذي سيواجها حال قرر الخروج.
الباحث في مركز الأهرام يرى أن التصويت على أستفتاء جديد سيقود إلى إجراء أنتخابات مبكرة، وهو أمر يزعج حزب المحافظين –الحزب الحاكم- في ظل تراجع شعبيتهم في الشارع، لذا صوتأ عضاؤه ضد مقترح إجراء أستفتاء جديد.
سيناريو: حل الحكومة البريطانية
وتزداد التكهنات بشأن أمكانية سحب الثقة من الحكومة وعقد أنتخابات مبكرة، في ظل مطالبه زعيم المعارضة البريطانية جيرمى كوربن تريزا ماى لإجراء انتخابات عامة مبكرة، بالتزامن معارضة الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية الحليف لماى للأتفاق الذي قدمته بجانب بعض النواب من حزب المحافظين الأمر الذي يجعل الأئتلاف الحاكم على المحك.
المؤشرات لم تأت من البرلمان فقط بل أمتدت للحكومة بعد رفض ثمانية من كبار وزراءها دعم خطتها لتأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة أشهر.
وتوقع إيهاب عباس أن تؤدى الأزمة في بريطانيا إلى أقالة حكومة ماى في ظل عجز الحكومة عن تقديم مقترحات جديدة بشأن الاتفاق، ويتولى البرلمان البريطانى زمام التفاوض مع الأتحاد الأوروبي ليبدأ مسار المفاوضات من جديد أو يقودنا لأستفتاء آخر.
وحذر محمود من حالة عدم اليقين بشأن الخروج خاصة مع أقتراب أنتخابات البرلمان الأوروبي المزمع عقدها في مايو المقبل، متسائل حول مصير مقاعد بريطانيا ال73 داخل البرلمان الأوروبي ومشاركتها في ألية صنع القرار، الأمر الذي لم يتناوله الاحزاب البريطانية حتى الآن.
ورفض البرلمان البريطانى أتفاق الأنسحاب لأسباب متعلقة بالحدود مع أيرلندا الشمالية (جزء من بريطانيا) وجمهورية ايرلندا حيث يرى أنه يجب تقديم ضمانات أكثر بحيث تضمن أن تخرج أيرلندا الشمالبية من الأتحاد الجمركي، وكذلك تفاصيل متعلقة بالمرحلة الأنتقالة التي تتبع الخروج حيث يرى البرلمان أن بريطانيا ستظل تحت رحمة الاتحاد دون أن يكون لها صوت، فترة أنتقالية لمدة عامين يتم التباحث فيها بشأن الاتفاقات التجارية.