احتج مئات السوريين في مدينة درعا على إقامة تمثال برونزى جديد للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس السورى بشار الأسد، في الموقع نفسه الذي كان فيه تمثال آخر له أزاله متظاهرون في عام 2011، وذلك بعد ما يقرب من 8 أعوام من إسقاط التمثال الأصلى في بداية الحرب الأهلية السورية.
وأفاد شهود وناشطون على الإنترنت بأن المتظاهرين جابوا شوارع عدة في درعا البلد، أحد الأحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب المدينة، وانطلقوا من باحة المسجد العمرى، ورددوا هتافات مطالبة بإسقاط النظام. وقال متظاهرون وشهود إن السكان خرجوا إلى شوارع الحى القديم بالمدينة، الذي دمرته الحرب، داعين لإسقاط الأسد قبل أيام من الذكرى الثامنة لبدء الصراع، وهتف المتظاهرون: «سوريا لينا وليست لدار الأسد»، وكُتب على لافتة أخرى: «البلد دمرت.. وبدل الإعمار تنصب تذكارًا»، وذلك في الوقت الذي أغلقت فيه قوات الأمن المنطقة لمنع انضمام سكان من مناطق أخرى بالمدينة للمظاهرة.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى شباناً ورجالاً يسيرون خلال التظاهرة وآخرين على دراجات نارية وهم يرددون شعارات عدة، بينها «عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد»، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد». ويبدو في إحدى الصور فتى يحمل لافتة من الكرتون كتب عليها «تمثالكم ماض غير مرحب فيه».
وقال محمد، أحد سكان المدينة ممن شاركوا في التظاهرة رافضاً كشف اسمه بالكامل: «تظاهرنا في عدد من شوارع درعا البلد تنديداً بنصب تمثال حافظ الأسد في مركز مدينة درعا»، وأضاف: «تم رفع التمثال من قبل جماعة النظام». وأعلنت الحكومة السورية، أمس الأول، يوم عطلة لموظفيها ولتلاميذ المدارس لحضور تجمع موالٍ للحكومة احتفالا بتنصيب تمثال برونزى جديد لحافظ الأسد في نفس مكان التمثال السابق الذي أسقطه المحتجون، وأعادت السلطات السورية نصب تماثيل ضخمة عديدة للأسد الأب بعد الانتصارات العسكرية التي أدت إلى استعادة الأسد الابن معظم الأراضى التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة قبل ذلك.
وقال شهود عيان إن هذا التجمع انفض بعد أن أثار إطلاق نار من مكان قريب من الميدان ذعرا بين الحضور، ورفعت مجموعة من الشبان يحتجون في الحى القديم في درعا لافتة تؤكد أن التمثال الجديد سيسقط لأنه ينتمى إلى الماضى وأنهم لا يرحبون بنصبه في هذا المكان، وقال المحامى والنشط عدنان المسالمة: «الناس اجتمعت دون تنظيم للتظاهر سلميا حول مطالب محقة».
وفى تغريدة على «تويتر»، قال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة نصر الحريرى: «ماذا عسانا نقول لمثل هؤلاء الذين يقبعون تحت سلطة الحديد والنار ويخرجون بكل جرأة وشجاعة وبسالة مطلقين شعارات الثورة الأولى؟»، وأضاف: «بعد سنين من العذاب والمعاناة والقتل والتشريد والتدمير، ربيع سوريا يزهر ثانية»، وبحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان، تتكرر في محافظة درعا منذ الصيف، «هجمات تستهدف حواجز تابعة لقوات النظام، وتوزيع منشورات مناهضة له وكتابة شعارات على الجدران».
كانت درعا مهدا لاحتجاجات سلمية على حكم أسرة الأسد في عام 2011، وهى الاحتجاجات التي قابلها النظام السورى بالقوة مما أدى إلى سقوط قتلى قبل انتشارها في أنحاء سوريا.. واستعاد الجيش السورى، بدعم جوى من روسيا وبدعم من جماعات مسلحة إيرانية، السيطرة على درعا من قبضة المعارضة المسلحة في يوليو الماضى، في إطار سعيه لاستعادة السيطرة على معظم أنحاء سوريا، لكن سكاناً في درعا قالوا إن مشاعر الاستياء تتزايد بينهم منذ ذلك الحين بسبب تعزيز الشرطة السرية التابعة للأسد سيطرتها مجددا على المدينة.. وبعد سيطرة قوات الحكومة، اختار سكان كثيرون البقاء فيها بدلا من الذهاب إلى مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شمال سوريا، حيث تجمع عشرات الآلاف من النازحين الآخرين من مناطق استردتها الحكومة.
ويشكو سكان كثيرون في محافظة درعا من عدم عودة الخدمات بشكل كامل ومن انقطاع مزمن للكهرباء، في حين يخشى شبان كثيرون من قيام السلطات بحملة تجنيد عسكرى لقتال ما تبقى من قوات المعارضة.. ويقول السكان إن فصائل محلية مسلحة مدعومة من إيران تهيمن على جنوب سوريا الذي يحتل موقعا استراتيجيا ويجاور الأردن وهضبة الجولان السورية المحتلة، وإن هذه الفصائل تتصرف دون خوف من عقاب لأن الحكومة المركزية أضعف من فرض سلطتها على تلك المنطقة.. وخلال سنوات النزاع، احتفظت القوات الحكومية بسيطرتها على الجزء الشمالى من مدينة درعا، بينما سيطرت الفصائل المعارضة على الجزء الجنوبى منها، ويقتصر وجود السلطات في تلك الأحياء على موظفين رسميين وعناصر شرطة وأمن.