البشير يتخلى عن رئاسة الحزب الحاكم لمطلوب من «المحكمة الدولية»

كتب: وكالات الجمعة 01-03-2019 19:44

شارك آلاف السودانيين فى بعض أوسع المظاهرات نطاقا منذ نحو شهرين احتجاجا على حكم الرئيس السودانى عمر البشير، بينما حاكمت محاكم الطوارئ المئات فى وقت متأخر من ليل الخميس، وفوض البشير صلاحياته كرئيس للحزب الحاكم لنائبه فى الحزب.

وذكر حزب المؤتمر الوطنى، فى بيان، أن البشير فوض فى الساعات الأولى من صباح أمس صلاحياته كرئيس للحزب لنائبه أحمد محمد هارون لحين انعقاد المؤتمر العام التالى للحزب. وقال الحزب إن ذلك القرار يأتى «وفاء لما جاء فى خطاب السيد الرئيس للأمة من أنه يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية».

وانتخب حزب المؤتمر الوطنى هارون نائبا لرئيسه هذا الأسبوع، وكان قبلها حاكما لولاية شمال كردفان. و«هارون» مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب مزعومة فى دارفور.

ويأتى قرار التفويض بعد أسبوع من الإجراءات المتعاقبة التى تستهدف القضاء على موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات التى تهدد حكم البشير المستمر منذ 3 عقود. ومن بين تلك الإجراءات إعلان حالة الطوارئ فى أنحاء البلاد، وإقالة حكام 18 ولاية سودانية واستبدال مسؤولين فى الجيش وأجهزة الأمن بهم.

ويخرج المحتجون يوميا تقريبا منذ أن بدأت موجة الاحتجاجات يوم 19 ديسمبر بسبب ارتفاع أسعار الخبز، والتى تحولت إلى أكبر تحد يواجهه البشير. وإضافة إلى الغاز المسيل للدموع استخدمت قوات الأمن أحيانا الذخيرة الحية. وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن 33 شخصا على الأقل قتلوا بينهم 3 من أفراد الأمن. ويعتقد المحتجون أن العدد الحقيقى للقتلى أكبر بكثير.

وتجمعت، أمس الأول، حشود فى العاصمة الخرطوم ومحيطها فى أول احتجاجات منذ أن أنشأ البشير محاكم خاصة هذا الأسبوع فى إطار تلك التدابير الطارئة.

واستجاب هؤلاء لدعوة وجهها تجمُّع المهنيين السودانيين- المنظم الرئيسى للاحتجاجات- لتحدى إنشاء المحاكم الخاصة.

وقال الاتحاد الديمقراطى للمحامين، الذى يندرج فى إطار تجمع المهنيين السودانيين، فى بيان، إن أكثر من 800 شخص حوكموا. واستمرت المحاكمات حتى وقت متأخر من الليل، وتراوحت الأحكام بين الإفراج والسجن.

وأصدرت محاكم الطوارئ أحكاماً بالسجن لفترات تراوحت بين 6 أشهر و5 سنوات بحقّ 8 أشخاص لمشاركتهم فى المظاهرات المحظورة بموجب حالة الطوارئ التى أعلنها عمر البشير. وهذه الأحكام التى أصدرتها 3 محاكم طوارئ مختلفة فى مدن الخرطوم والخرطوم بحرى وأم درمان هى الأولى من نوعها منذ شكلت الثلاثاء محاكم طوارئ فى السودان لمحاكمة المتهمين بانتهاك حالة الطوارئ.

وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا): «قضت محكمة الطوارئ بالسجن خمس سنوات لأربعة متهمين بعد إدانتهم بمخالفة أمر الطوارئ رقم 2 والحكم على 3 متهمين بالسجن 3 سنوات، كما أصدرت حكمها بالسجن 6 أشهر على متهم بمنطقة بحرى».

من جهته، قال «تحالف المحامين الديمقراطيين» فى بيان: «مثُل اليوم أمام محكمة الطوارئ فى أم درمان 400 مواطن بتهمة المشاركة فى الاحتجاجات، كما مثُل 400 أمام محاكم طوارئ بالخرطوم و70 أمام محاكم طوارئ بحرى وأعداد كبيرة منهم تمت تبرئتهم». وأضاف البيان أن عشرات المتهمين «صدرت ضدهم أحكام بدفع غرامات مالية، والبعض بالسجن لفترات تتراوح بين أسبوعين وشهر».

فى أم درمان المدينة التى تقع فى مواجهة الخرطوم على الضفة الأخرى من النيل، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على نحو 400 محتج فى السوق الكبيرة فى أم درمان، وهتف المحتجون ضد البشير قائلين: «يسقط بس».

وقال شهود إن الشرطة تصدت أيضا لمئات آخرين من المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع فى حى ود نوباوى فى أم درمان.

وكان البشير، الذى تولى السلطة فى عام 1989 فى انقلاب عسكرى، قد أعلن حالة الطوارئ فى أرجاء البلاد يوم الجمعة، وأقال حكام الولايات وعين بدلا منهم مسؤولين من الجيش والأجهزة الأمنية.

وأصدر يوم الاثنين عددا كبيرا من الأوامر التى تحظر التجمعات العامة دون تصريح، وتمنح الشرطة سلطات جديدة أشد صرامة. وتم تشكيل محاكم ونيابات طوارئ فى كل ولاية سودانية يوم الثلاثاء. وبات بمقدور قوات الأمن الآن تفتيش أى مبنى وفرض قيود على حركة الأشخاص ووسائل المواصلات العامة واعتقال من يشتبه باشتراكهم فى جريمة تتصل بحالة الطوارئ والتحفظ على الأموال أو الممتلكات خلال فترة التحقيق.

قال تجمع المهنيين السودانيين فى بيان يوم الأربعاء: «الخميس الغد هو يوم نوصّل فيه صوتنا واضحا لنظام الفساد والاستبداد بأن إرادة الشعب لن تنكسر أمام أى إجراءات».

وتظاهر نحو 250 شخصا فى شارع الصحافة زلط، وهو أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع بعد أن حاول عدد من المحتجين إغلاق الشوارع الجانبية بالحجارة والإطارات المشتعلة لمنع قوات الأمن من ملاحقتهم. وهتف المحتجون «الثورة صوت الشعب»، إلى جانب هتافات أخرى، فى حين رفع آخرون علم السودان. وأطلقت النساء الزغاريد، فى حين دوت أبواق بعض السيارات فى إشارة إلى دعمهن. وقال شهود إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على محتجين فى شارع الستين فى شرق العاصمة والذى يعد منطقة راقية.

وواجهت الشرطة أيضا عشرات المحتجين فى منطقة الديم الفقيرة بالخرطوم وفى حى شمبات فى مدينة الخرطوم بحرى بالغاز المسيل للدموع. وفى شمبات وقف أشخاص دقيقة حدادا على ضحايا حادث قطار وقع بمصر يوم الأربعاء وأدى لمقتل 22 شخصا على الأقل. وتجمع مئات المحتجين أيضا فى عدة مناطق أخرى بالعاصمة مع اتساع رقعة الاحتجاجات.

ويلقى البشير باللوم فى الاحتجاجات على «عملاء» أجانب وتحدى معارضيه للسعى إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع. كان البشير قد دعا يوم الجمعة البرلمان لتأجيل تعديلات دستورية كانت تتيح له الترشح لفترة رئاسية جديدة فى الانتخابات المزمعة عام 2020. لكنه لم يصل إلى حد الإعلان عن عدم ترشحه فيها.