«صبّحنا قاصدين على بابك يا كريم، هيلا هيلا صلّى ع النبى».. «هيلا هيلا والدايم الله».. بهذه الكلمات البسيطة يبدأ الصيادون يومهم، قبل بزوغ الفجر ينطلقون فى رحلة البحث عن الرزق، كل منهم له طريقته الخاصة فى الصيد، وتضم الإسكندرية موانئ المكس والأنفوشى، والشرقى وأبوقير، وبحيرة مريوط، وبها حوالى ٨٠ ألف صياد يواجهون مشاكل مزمنة تؤثر فى حياتهم، خاصة فى فصل الشتاء مع كثرة النوات وتوقف الصيد.
«إسكندرية اليوم» ترصد مشاكل الصيادين؛ بحثا عن حلول لمشاكلهم المزمنة.
محمد صلاح، أحد صيادى ميناء الأنفوشى يقول: «مشاكل الصيادين كثيرة دون حل.. أنا صياد منذ ٤٩ سنة ورثت المهنة عن أبى، وما زلت أعيش فى إيجار قديم، بعكس الفلاح تسانده الدولة،وتصرف له ما يحتاجه، موضحا أن الصياد يعد فى بعض دول العالم من المصادر الأساسية للدخل».
وأكد «صلاح» أن الإسكندرية كانت من أهم مدن الصيد فى مصر، والآن أغلب الوقت لا نستطيع نزول البحر، بسبب تغيرات الطقس، ومنع الصيد دون تصريح، مشيرا إلى أن هناك من ينظر إلى الصياد أنه مهرب!
وأضاف «صلاح» لا يوجد نقابة ولا شيخ صيادين للتحدث باسمهم، متابعا: «نحن فى حالة يُرثى لها»، وأنا أمتلك مركبا صغيرا درجة ثالثة، يعمل عليه شخصين، وأبدأ الصيد من الفجر حتى الضحى، بينما الحصيلة كميات قليلة من أسماك الشراغيش والدنيس والموزة، وأبيعهم إلى تاجر الحلقة بمقابل لا تكفينا، وللأسف سن المعاش للصياد ٦٥، رغم أنه يفقد قوته الجسدية سريعا، بسبب الشمس والمجهود الذى يبذله، ويظهر عليه المرض وهو فى سن ٦٠، ما يهدد عائلته بفقدها مصدر الدخل.
وأضاف الحاج إبراهيم السيد، صياد، أن مهنة الصيد تتعرض للخطر، بعد أن كانت مصدر الدخل الأول فى «الثغر»، وقال، توارثتها أبا عن جد، وبدأت أول رحلة صيد منذ ٦٨ سنة، مع جدى والعائلة كلها صيادون، وكانت منطقة الأنفوشى من أهم أماكن الصيد، فلم تكن الكافتيريات موجودة على البحر، وكان لا يوجد سوى الجبل ومدرسة الصنايع وقصر ثقافة الأنفوشى ومراكب الصيادين، مشيرا إلى أن أسماك المكرونة كانت تنتشر بين الصخور والشعب.
وأكد «السيد» أن هناك مشاكل تواجه الصياد، وأصبحت المهنة دون صيادين حقيقيين، ولا توجد نقابة أو شيخ صيادين يدافع عن حقوقنا، لافتا إلى أن هناك مجموعة دخيلة على المهنة، «كل اللى يعمله يقف على الشاطئ، ويشترى مركب صغير وينزل يرمى الغزل، الموضوع مش سهل ده عمر كامل تعلمنا خلاله الصيد».
وأشار «السيد» إلى أن الصياد فى الشتاء يكون أكثر عرضة للمشاكل، ويتوقف الصيد مع النوات وارتفاع موج البحر، ما جعل الأغلبية يتركون المهنة، والبحث عن عمل آخر، لافتا إلى ارتفاع أسعار أدوات الصيد وصيانة المراكب.
وقال محمد حمدى، صياد بمنطقة الأنفوشى، إن الثروة السمكية هى المصدر الثانى للغذاء، وتمثل مصدرا مهما من مصادر الدخل القومى، إلا أنها مهددة بالاندثار نتيجة مشاكل متراكمة منذ سنوات، ما جعل أغلبنا يترك الصيد ويحول المركب إلى مركب نزهة فى فصل الصيف، ما يجعل مهنة الصيد مهددة بالاندثار.
وأضاف «حمدى» أن أغلب المشاكل تواجهنا فى فصل الشتاء، نتيجة ارتفاع الأمواج وكثرة النوات، ويتوقف النزول إلى البحر، مشيرا إلى أن حياة الصياد تعتمد على الرزق اليومى، وإذا لم يستطع نزول البحر لن يكون هناك رزق، ولا يوجد مصدر دخل آخر لمواجهة أعباء الحياة.
وأضاف أن سمكة القراض «الأرنب السام» جاءت من البحر الأحمر، وتقرر تحريم صيدها بسبب تسممها، وتمثل خطورة على الثروة السمكية، إضافة إلى أنها تأكل كل ما يقابلها من غزل وشعر الصيد، وتتغذى على الأسماك، وتنتمى لسلالات الأسماك المتوحشة، وهناك قلة يقومون ببيعها فى الأسواق، وتتميز تلك السمكة بفك له أسنان حادة جدا، ومتلاصقة، ويشبه فمها مقصلة الأظافر.
وقال مصطفى على، أحد صيادى بحيرة مريوط، إن البحيرة تعد مصدرا رزق ١٢ ألف صياد، بالإضافة إلى أن الصناعات القائمة على الصيد مهددة بالخطر، بسبب تقلص مساحة البحيرة وتجفيف بعض المناطق، وزيادة التعديات، مطالبا بتطبيق القانون على الجميع، مشيرا إلى ارتفاع منسوب «الروبة»، ما أثر على المياه وإنتاج السمك، مطالبا بتطهير وتكريك البحيرة للمساهمة فى تنمية الثروة السمكية، ورفع إنتاجية البحيرة من السمك، ما يسهم فى خفض الأسعار وتغطية احتياجات السوق المحلية، موضحا أنهم طالبوا بإزالة الحشائش وتجريف الترسبات من القاع بمسافة 50 سم وتوفير العمق الكافى لتربية ونمو السمك بأنواعه المختلفة.
وقال أشرف زريق، نقيب صيادين الإسكندرية، إن عدد الصيادين فى المحافظة ٨٠ ألف، لا يوجد مصدر رزق لهم سوى من البحر وبحيرة مريوط، وهناك مشاكل أهمها المطالبة بتعديل قانون التأمينات وسن المعاش لتصبح ٦٠ سنة، بدلًا من ٦٥، مشيرًا إلى أن الصياد يبدأ فى المهنة منذ الصغر، ويتعرض لأمراض بكثيرة، خاصة فى فصل الشتاء، ما يعرض صحته للدمار سريعًا. وأضاف «زريق»: يحلم صيادو بحيرة مريوط بتطويرها وتكريكها وقد وعد الرئيس بتطويرها، وإلى الآن لم يحدث فى البحيرة أى عمليات تنظيف أو تطهير.
محمد صابر