كشف مصدر مسؤول بوزارة التعاون الدولي والتخطيط عن أن صندوق النقد الدولي اعتذر عن زيارة القاهرة في يناير المقبل للتفاوض حول شروط إقراض مصر بنحو 3.2 مليار دولار، الأمر الذي رأى معه خبراء أنه يضع الحكومة في مأزق البحث عن بدائل أخرى لتوفير موارد مالية لسد عجز الموازنة.
وقال المصدر، في تصريح لـ«المصري اليوم»: إن بعثة الصندوق كانت ستزور القاهرة، للوقوف على آخر التطورات الاقتصادية، وما أنجزته الحكومة منذ الزيارة السابقة في نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أن إلغاء الزيارة جاء من خلال الاتصال بكل من فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي، والدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي.
وأضاف أن البعثة بررت اعتذارها بتراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد المحلي مع حصوله على نظرة مستقبلية سلبية، وعدم الاستقرار الأمني، وأحداث مجلس الوزراء، وأن رئيس الوزراء لا يستطيع دخول مكتبه منذ تعيينه، بالإضافة إلى إصرار البنك المركزي على عدم تخفيض العملة المحلية.
وأشار المسؤول في وزارة التعاون الدولي والتخطيط إلى أن النية لدى الحكومة كانت تتجه نحو الموافقة على الاشتراطات التي أقرتها البعثة في زيارتها السابقة في نوفمبر الماضي، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي الحكومة، مع اعتذار البعثة عن الزيارة المقررة.
واعتبر أن الاشتراطات، التي وضعها الصندوق، ليست سيئة، لكن الحكومة تخشى الصدام مع الشعب، مضيفًا أن الحكومة تتجه في الفترة المقبلة إلى سياسة «ربط الحزام»، كبديل مؤقت للاقتراض، حتى حصولها على موافقة الصندوق في تقديم القرض.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد جلال، الخبير الاقتصادي، إن صندوق النقد والبنك الدولي، ليسا هما الجهات الوحيدة للإقراض الخارجي، بل هناك مؤسسات عربية وأفريقية يمكن الاستفادة من عضوية مصر بها، مثل صندوق النقد العربي وبنك التنمية الأفريقي.
وأشار إلى أن استجلاب أموال من الخارج ليس بالضرورة أن يكون في صورة قروض، وإنما يمكن أن يكون منحًا ومساعدات، بالاعتماد على العلاقات العربية والإقليمية.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد المصري بحاجة لنحو 12 مليار دولار إضافية، وهو رقم لن يتم تحقيقه من خلال جهة تمويل واحدة، مع العلم بأن أغلب الجهات التمويلية لها شروط للاقتراض، سواء كانت الشروط التمويلية شروطًا عادية أو سياسية، مثلما يفعل دائمًا البنك وصندوق النقد الدوليان.
وتابع أنه على الدولة أن تحدد مسبقًا الشروط التي يمكن أن تقبلها، والتي تتماشى أيضا مع احتياجات المجتمع المصري.
لكن الدكتور فخري الفقي، الخبير السابق بالبنك الدولي، رأى أن بدائل الاقتراض من الخارج من غير الصندوق ستكون مكلفة للغاية.
وقال «الفقي»: «إن دول الخليج التي كانت تتجه لتقديم مساعدات لمصر بنحو 10 مليارات دولار، وكذا مجموعة العشرين التي أقرت 35 مليار دولار لدول الربيع العربي، كانت تنتظر الضوء الأخضر من صندوق النقد للحصول على شهادة صلاحية ائتمانية من هذه المؤسسة العالمية، من أجل تقديم القروض والمساعدات لمصر .
وتوقع أن يبلغ عجز الموازنة نحو 180 مليار جنيه، مشيرًا إلى أنه لو فكرت الحكومة في إصدار سندات دولارية لتوفير سيولة، فإن الفائدة المتوقعة ستتراوح بين 5 و8% لارتفاع المخاطر، بسبب تخفيض التصنيف الائتماني المتتالي للاقتصاد.
وأضاف أن من حق مصر الحصول على قرض سنوي من الصندوق يعادل 200% من حصتها البالغة 1.5 مليار دولار من رأسمال الصندوق.