تمثل الهجمات الانتحارية التى شنتها جماعة «بوكو حرام» النيجيرية على الكنائس خطرا لانزلاق البلاد إلى حرب أهلية طاحنة بين الأقلية المسلمة والأغلبية المسيحية، كما تمثل الهجمات تحولا مهما وفارقا فى فكر هذه الحركة الجهادية التى تنشط فى شمال نيجيريا المسلم والتى يعتبرها المحللون ذراع «القاعدة» فى نيجيريا.
ويمثل وجود صلات وارتباطات للقاعدة بالحركة فى نيجيريا أمرا مقلقا، وينذر بعودة قوية للقاعدة، انطلاقا من الأراضى الأفريقية، ويهدد بانتشار هجماته فى القارة بالنظر إلى هشاشة الأوضاع الأمنية فيها وعدم الاستقرار السياسى.
ورغم الأهمية المتزايدة لجماعة بوكو حرام وتزايد خطورتها، ترى بعض المصادر أن الجماعة تمثل تطورا طبيعيا لبعض الأفكار الإسلامية الراديكالية، التى سادت المجتمع النيجيرى منذ أربعينيات القرن الماضى، بهدف إقامة دولة الخلافة الإسلامية.
وارتبط النموذج الحالى لجماعة بوكو حرام من الناحية الفكرية والأيديولوجية بجماعة «طالبان نيجيريا»، التى تأسست عام 2002، على نهج «طالبان أفغانستان» بهدف الانقضاض على المجتمع الفاسد وإقامة الدولة الإسلامية. وفى 2003، قام الداعية محمد يوسف بتأسيس مجموعة أخرى عرفت باسم «بوكو حرام» امتد تأثيرها بولايات الشمال النيجيرى المسلم، وأخذت الجماعة على عاتقها مهمة محاربة مؤسسات الدولة، والعمل على تطبيق الشريعة وإقامة دولة الخلافة الإسلامية على الأرض بالقوة.
ويعنى اسم «بوكو حرام» بلغة الهوسا، «تحريم التعليم الغربى»، فالجماعة تتبنى رؤية ضيقة للإسلام، ورأت فى التعليم الغربى الحديث كفرا بواحا وانحرافا عن صحيح الدين، ولذلك يؤدى إلى إضعاف المجتمع الإسلامى، وليس تقدمه. ومع تشديد الخناق عليها اضطرت، تحت ضغط الضربات الأمنية التى تعرضت لها فى ظل حكم الرئيس الأسبق أوليسنجون أوباسنجو، إلى التوارى عن الأنظار والعمل تحت الأرض. وفى 2006 عادت «بوكو حرام» لتعارض مؤسسات الدولة العلمانية، وتطالب بتطبيق الشريعة.