تفاصيل قتل «ضحى» لحماتها في الإسكندرية: غويشتان ودبلة وخاتم تكشف اللغز

كتب: ناصر الشرقاوي الأحد 17-02-2019 12:40

أمر قاضى معارضات محكمة جنح أول الرمل بتجديد حبس (ضحى.ح.ع) المتهمة بقتل حماتها 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد المقترن بالسرقة.

واصلت النيابة العامة بإشراف المستشار محمود الغايش المحامى العام لنيابات شرق الإسكندرية الكلية التحقيق في الواقعة وأمر المحامى العام باستعجال تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليها، وتقريرى المعمل الجنائى والأدلة الجنائية والتصريح بدفن الجثة. فيما قامت المتهمة بإجراء المعاينة التصويرية وتمثيل جريمتها بموقع الحادث وسط حراسة أمنية مشددة وتم منع زوجها من الحضور خوفا من انتقامه لوالدته.

12 ساعة فقط كانت كفيلة بكشف غموض مقتل عجوز زعربانة برمل الإسكندرية وإماطة اللثام عن تفاصيل الواقعة التي هزت أركان الحى وكادت تبث الرعب في نفوس الأهالى خوفا على حياتهم وممتلكاتهم .

«طريقة الابلاغ عن الواقعة ورواية زوجة الابن بصعود أحد الأشخاص إلى الشقة وطرق الباب ثم اقتحام الشقة وارتكاب جريمة قتل وسرقة في وضح النهار أمر يهدد الأمن العام» هكذا صرح مصدر أمنى لـ«المصرى اليوم» رفض ذكر اسمه.

«البداية كانت العاشرة صباح يوم الخميس الماضي، تلقى قسم شرطة أول الرمل بلاغا من شرطة النجدة يفيد بمقتل عجوز وإصابة زوجة ابنها على يد مجهول وسرقة مشغولات ذهبية ومبلغ مالي وفر هاربا. في دقائق كانت سارينة سيارات الشرطة تبدد هدوء شارع الصولى المتفرع من شارع الكامل بمنطقة باكوس، وصعد ضباط المباحث إلى الطابق الثالث بالعقار رقم 10.

«ضحى .ح.ع» ربة منزل في العقد الثالث من عمرها، حامل في شهرها السادس، تجلس مصابة على كرسى بصالة الشقة لا تتوقف عن البكاء وبصوت متحشرج تصرخ «الظالم قتل نينة» وقبل أن تسترسل في شرح تفاصيل الواقعة كانت قوات الأدلة الجنائية قد شرعوا في بدء عملهم لرفع البصمات وجمع الأدلة من مسرح الجريمة بينما كان المستشار أحمد سمير غيث، رئيس نيابة الرمل، يناظر جثة المجنى عليها «فريال.م.ر» 70 عاما، ربة منزل، ممدة على سرير بغرفة نومها، تميل بشرتها إلى لون الزرقة مما يرجح وفاتها نتيجة إسفكسيا الخنق.

«منافذ الشقة سليمة وتوجد بعثرة في بعض محتويات غرفة نوم القتيلة، وكسر في دولاب حجرة النوم وسرقة مشغولات ذهبية كانت ترتديها المجنى عليها».. كان هذا ما توصل إليه الفحص المبدئى لمسرح الجريمة بمعرفة المقدم أمير المهندس رئيس مباحث قسم شرطة الرمل.

كان رئيس النيابة يشعل سيجارة وينفث دخانها في الهواء بينما يفحص أوراق البلاغ ومنافذ الشقة بنفسه وينظر إلى زوجة الابن التي لم تتوقف عن البكاء، وبسؤالها قررت أن مجهولا رن جرس الباب الساعة التاسعة والنصف صباحا وعند فتحه سألها: «فين الست الكبيرة اللي هنا؟»، وباستفسارها عن سبب سؤاله اقتحم الشقة ما أدى إلى إصابتها في ظهرها ووقوعها على الأرض وقبل أن تستفيق كان قد استولى على المسروقات وقتل حماتها ولاذ بالفرار.

لم تكن الرواية مقنعة لرجال الشرطة أو النيابة، وهو ما دفع اللواء محمد الشريف، مدير أمن الإسكندرية، لتشكيل فريق بحث تحت إشراف اللواء شريف زكي، مدير إدارة البحث الجنائي، لكشف غموض الحادث وضبط مرتكبيه. فيما أمر المستشار أحمد غيث بالتحفظ على جميع الكاميرات الموجودة بالشارع لبيان وجود غرباء صعدوا للمنزل من عدمه، فيما تم تقسيم فريق بحث الشرطة إلى 3 أقسام الأول لفحص زوجة الابن التي أبلغت عن الواقعة، خاصة في منطقة مينا البصل مسقط رأسها، والثانى توجه إلى منطقة العوايد حيث كانت تعمل في أحد مصانع التعبئة، أما القسم الثالث من الفريق فقد تحفظ على جميع الكاميرات بالشارع لتحديد شخصية المترددين على العقار في توقيت وقوع الحادث.

وكشفت جهود البحث عن مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تبين من فحص الكاميرات عدم خروج أو دخول أي شخص من باب العقار في توقيت الحادث بحسب رواية المبلغة، في حين أن المعلومات التي جاءت عن التحرى عنها لم تكن كافية سواء بإدانتها أو بإبعاد الشكوك عنها.

وعن أسباب تواجد زوجة الابن في منزل الضحية أوضحت أنها تزوجت من ابن المجنى عليها منذ 10 أشهر فقط وأنها اعتادت الحضور إلى منزل حماتها بصحبة زوجها للمبيت أيام الأربعاء والخميس والجمعة لرعايتها بالتناوب مع باقى أبنائها، حيث قسموا الأسبوع فيما بينهم.

تم نقل جثة المجنى عليها إلى المشرحة والتحفظ على قطعة من اللحاف بها آثار دماء وإرسالها إلى الطب الشرعى فيما أمرت النيابة بحجزها على ذمة التحقيقات لحين كشف غموض الحادث.

كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساء حينما جلست «ضحى» أمام عمرو أبوعرب، معاون مباحث قسم شرطة الرمل، ليعيد سؤالها عن ملابسات الواقعة وكانت تفرك أصابع يدها وتنظر إلى الأرض خشية أن ينظر معاون المباحث في عينيها اللتين ربما تفضحان جريمتها.

الذهب اللى في إيدك ده جبتيه منين؟.. سؤال ألقاه «أبوعرب» على «ضحى» فنزل عليها كالصاعقة، وبسرعة أجابت «انا معنديش دهب».. فوجئت بضابط المباحث يخرج من خلف مكتبه ويمسك بيدها: أمال الغوايش دى بتاعة مين؟

"غويشتان ودبلة وخاتم" ترتديها ضحى دون أن تشعر، وبتضييق الخناق على زوجة الابن، اعترفت بقتل حماتها بكتم أنفاسها وسرقتها، وتوالت اعترافاتها.

«يوم الحادث استيقظت من النوم الساعة التاسعة صباحا بمنزل حماتي وجهزت الإفطار لزوجى حيث تناوله وغادر المنزل، فجأة الشيطان لعب برأسى.. حماتي تحتفظ بالأموال في الدولاب وتضع عليه رزة وقفل من السهل فتحه وأخذ بعض النقود دون أن تشعر.. حاولت كسر القفل لكنى فشلت فاستعنت بمفك وطرقت على القفل بعنف ولكن حماتى استيقظت وسألتنى «إنتى بتعملى إيه» وقبل أن يرتفع صوتها جريت في اتجاهها وحطيت اللحاف على وشها وضغطت بكلتى يدى.. خوفت من أن تخبر زوجى وتبقى فضيحة ومنظري يبقى وحش قدامه ويطلقني ولم يمض على زواجنا سنة.

تتابع المتهمة: لم أشعر أنى قتلتها.. كنت كالطير المذبوح لا يشعر بأى شىء.. أكملت فتح الدولاب ووجدت 22 ألف جنيه أخذتها وأخفيتها بين ملابسى وقبل أن أغادر الغرفة تذكرت الذهب الذي ترتديه حماتى فخلعته من يدها وارتديته لحين إخفائه ثم صرخت واختلقت قصة دخول حرامي لإبعاد الشبهة عني.

ووسط حراسة أمنية مشددة اصطحب كامل مكرم، وكيل النائب العام، المتهمة إلى مسرح الجريمة مرة أخرى لتمثيل جريمتها أمام النيابة العامة، فيما منعت قوات الأمن زوج المتهمة من الحضور خشية انتقامه لوالدته. وبدت «ضحى» متماسكة، وصورت كيف ارتكبت جريمتها، وجاءت المعاينة متوافقة مع ما أدلت به من أقوال.

فيما توصلت تحريات الشرطة إلى أن المبلغ المسروق كان عبارة عن 15 ألف جنيه تحتفظ بها الضحية لأعمال الخير حيث كان معروفا عنها المداومة على إطعام المساكين و7 آلاف جنيه قيمة معاشها هي وزوجها المتوفى.