قال سامح شكري، وزير الخارجية، إن لحظة استلام الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي تؤكد الارتباط الوثيق مع الاشقاء في أفريقيا، وتولي مصر رئاسة الاتحاد يتماشى مع التوجه السياسي الذي تتبناه مصر منذ تولى الرئيس مقاليد الحكم في 2014 بالتوجه نحو أفريقيا.
وأعرب في مقابلة مع قناة «إكسترا نيوز»، مساء الأحد، عن اعتزاره بما مرت به مصر منذ عام 2013 وحتى الآن، وما قام به الشعب المصري العظيم من تحقيق لأمنه واستقراره وتقدمه الاقتصادي.
ولفت إلى أن تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي عقب ثورة 30 يونيو عام 2013 كانت لحظة حزينة للغاية، مؤكدا أن مصر نجحت خلال عام واحد فقط بعد الثورة في إقناع الأشقاء في أفريقيا بأن مصر مرت بثورة شعبية كانت تسعى للتغيير في إطار ديمقراطي واضح.
وأضاف أن الأوضاع في ليبيا محل اهتمام كبير من قبل القمة والحضور، مشيرا إلى أن مصر تعمل على تحقيق أمن واستقرار الوضع في ليبيا بالتعاون والتنسيق والتشاور مع الأطراف كافة.
وأشار إلى أن الأوضاع في لبيبا لها تأثير مباشر على عموم أفريقيا وخصوصا دول الجوار مع انتشار ظاهرة الإرهاب، مؤكدا أن اللجنة المعنية بالأوضاع في لبيبا حريصة على حل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد.
ولفت إلى أن المجهود والدور الإفريقي قائم على التفاهم والتنسيق مع الدور الأممي من أجل توحيد الرؤى بين الأطراف الليبية والدولية، مؤكدا أن هناك تأثيرات سلبية كبيرة وخصوصا من قبل الدول التي تدعم الإرهاب وتسانده عبر نقل الأسلحة أو الأموال وغير ذلك.
وأوضح أن الأشهر التسعة الماضية شهدت حالة من الركود فيما يخص العملية التفاوضية حول سد النهضة الاثيوبي بين الأطراف الثلاثة «مصر والسودان واثيوبيا»، مشيرا إلى الدعوة لعقد اجتماع في القاهرة 20 فبراير الجاري لوزراء الخارجية والري في البلدان الثلاثة.
وأضاف أنه خلال قمة الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، والرئيس السوداني، عمر البشير، تم إعادة التأكيد على الأسس التي أقرت في اتفاق المبادئ المُبرم 15 مارس 2015، والتي تنص على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية وقبول حقوق إثيوبيا في التنمية، لافتا في الوقت ذاته إلى أن أي مشاورات فنية يجب ان تؤكد وتعزز هذه المبادئ.
وأوضح أن الأطراف الثلاثة لم يتوصلوا إلى رؤية موحدة بالنسبة لكيفية التعامل مع قضية ملء خزان السد والتشغيل وآلية التحقق من الموارد المائية المتوفرة، وكل ذلك يخضع لدراسات فنية معمقة وأحيانا تكون هناك اختلافات في الرؤية وتفسير هذه الأمور، لافتا إلى أن مصر اقترحت أن توكل هذه المهمة إلى جهة محايدة مثل البنك الدولي أو أية جهة أخرى.
وشدد على أن مصر تؤمن بأن تلك القضية فنية وعلمية ولا يجب أن تسيس، مؤكدا عزم مصر على الوصول إلى حلول تُرضي جميع الأطراف، مشيرا إلى أن علاقة مصر مع السودان وثيقة وتاريخية والتنسيق بين البلدين قائم فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة.
وفي شأن آخر، قال وزير الخارجية إن مصر تمتلك رؤية الانفتاح وتدعيم فكرة الاندماج الأفريقي والتواصل، وذلك لا يتم إلا بإرادة سياسية قوية تتخذ إجراءات ملموسة وعملية.
وأضاف أن مصر من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية التجارة القارية الحرة وأودعتها في مجلس النواب للاسراع بالتصديق عليها من أجل دفع الاتفاق بدخوله حيز النفاذ واستفادة الدول الأفريقية مما تتيحه الاتفاقية من زيادة التبادل التجاري بينها.
وأشار إلى أن مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي ستبني على ما سبق وتحقق خلال السنوات الماضية، وستجعل هناك أرضية لدولة كبيرة سوف تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، وهى جنوب أفريقيا، حتى تستمر المسيرة إلى الأمام.
وحول أزمة اللاجئين، أكد ضرورة إيجاد الآليات المناسبة للحد من هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن أهم الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة هو انتشار الصراعات في الساحة الأفريقية، مما سبب نزوح أعداد وفيرة من الاشقاء في الدول الأفريقية هربا من الصراع المسلح وعدم الاستقرار وكذلك تردى الأوضاع الاقتصادية والأمنية وانتشار ظاهرة الإرهاب بالإضافة إلى السيولة التي نشأت في عدد من الأقطار نظرا للتطرف، مشددا على ضرورة حل تلك الأمور.
وأضاف أن الحلول لا تأتي إلا برؤية شاملة لكيفية حل هذه الصراعات، لافتا في الوقت ذاته إلى أن هناك بقعا كثيرة في منطقة القرن الأفريقي بها تهدئة للصراعات السياسية القائمة بالإضافة إلى وجود حلول توافقية للصراع في جنوب السودان وأفريقيا الوسطى.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الخارجية أن جهود التنمية كفيلة بحل أزمة النازحين في القارة الأفريقية، موضحا في الوقت ذاته أنه عندما يشعر المواطن بالأمان لا يسعى إلى الرحيل عن «داره».
وأوضح أن خطة 2063 وما بها من برامج تنموية تعزز من قدرات الدول الأفريقية وترفع من مستوى المعيشة بها، ما يجعل من الدول الأفريقية سوقا كبيرا يستطيع أن يتفاعل ويعتمد على قدراته الخاصة.
وقال وزير الخارجية إن تحسن العلاقات المصرية مع الدول الأفريقية وما يولده التواصل والزيارات من تركيز على مستوى الشعوب ومستوى الدوائر المختلفة سواء كانت الحكومية أو القطاع الخاص، ووجود آليات بين الدول ولجان مشتركة، تطمئن المستثمرين في الجانبين.
من جهة أخرى، قال شكري إن الدور الذي تلعبه تركيا في بعض الدول الأفريقية وخاصة في ليبيا «هو دور مقلق»، ولا نبغي بأي شكل من الأشكال أن يمتد إلى دول أخرى في القارة الأفريقية.
وأضاف أن الرؤية التي تم طرحها اليوم هي فكرة التكامل بين الدول الأفريقية بعضها البعض، قبل أن يكون هناك نفاذ من أي أطراف من خارج القارة للاستفادة من قدراتها وإمكانياتها، وهو التوجه الذي نعززه.
وأشار إلى أن «هناك أطرافا أخرى تستطيع أن تُسهم بشكل إيجابي طالما كانت حركتها متوافقة مع الأهداف الأفريقية والتوجه لرفض التطرف وأي مناهج لدعم التنظيمات المتطرفة وأن تكون العلاقة دائما مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية والمؤامرة على مقدرات الشعوب».
وحول مكافحة الإرهاب ومحاسبة مموليه، أكد أن التنظيمات الإرهابية تعمل من خلال دعم يصل إليها سواء مادي أو السماح بانتقال المسلحين إلى مناطق أخرى وهو مرصود من جانب الدول وأجهزتها، قائلا: «إن كانت هناك مصداقية لدى المجتمع الدولي عندما يعقد مؤتمرات لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه، فيجب أن يواجه هذه الحقائق وأن يتعامل معها بشكل صريح».
وعن السياسة الخارجية المصرية، أكد شكري أن مصر تمتلك سياسة متوازنة وبعيدة عن الاستقطاب والتحيز لأي طرف وتقيم علاقات على أساس المصالح المشتركة، لافتا إلى أن النجاح المصري مرتبط بإرادة الشعب ورؤية القيادة.
وأوضح أن مصر عندما تصيغ علاقاتها فإنها لا تأتي لطرف على حساب طرف آخر، مضيفا: «إذا ما اطمأن الشركاء بأن صياغة هذه السياسة ليس مستهدفا منها الإضرار بمصالح أطراف أخرى، يسهل قبول الآخرين لتلك السياسة».
وأكد أن هناك من يحاول زعزعة استقرار مصر، مشددا على وعي الشعب المصري بتلك المحاولات، لافتًا إلى أن هناك من يضع صورة غير حقيقية لمصر في الخارج، وتلك المحاولات فاشلة، فالشعب المصري مستمر في تكاتفه والتزامه بما حققه والسعي إلى زيادة الفرص أمامه والانطلاق نحو الأمام.
وحول الأزمة القطرية، قال وزير الخارجية إن الأوضاع لم تتغير كثيرا، مشيرا إلى أن الرباعي العربي «مصر والسعودية والامارات والبحرين» لديه رؤية واضحة تجاه قطر.
وشدد على أن الموقف المصري تجاه الأزمة القطرية واضح، ولن تكون هناك استعادة للعلاقات الطبيعية مع قطر إلا عندما يكون هناك تغير ملموس في السياسات القطرية، بحيث لا تأتي بأي آثار سلبية على مصر وشعبها.
وحول مبادرة «إسكات البنادق في أفريقيا» بحلول عام 2020 وإنهاء كل الصراعات والنزاعات، أكد شكري أن إنهاء الصراعات لابد وأن يكون هو الطموح وأن تكون هناك الإرادة والعمل المشترك في هذا الصدد.
ونوه بأن هناك منحى إيجابيا، وقال إن ما نشهده من تفاعلات داخل القارة الأفريقية وتغيرات على مستوى القيادات التي تأتي بروية وفكر جديد، والفكر الذي طرحه اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه الشامل أمام القمة الافريقية والذي يعزز المشاركة والتعاون والتنمية وطموحات الشعب، كل ذلك من شأنه أن يساهم في زيادة الأصوات التي تدعو إلى إنهاء الصراعات بدول القارة والعمل على حلها.