«الحكم الليبرالى».. نظرية فى مهب الريح.. ونظام فى قفص الاتهام

كتب: محمد غريب, عادل الدرجلي الثلاثاء 07-06-2011 18:51

أكد عدد من الخبراء وعلماء الدين والقيادات السياسية عدم وجود تعارض بين تطبيق الليبرالية كنظام حكم فى مصر، وبين الدين ومبادئ الشريعة الإسلامية، وقالوا فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» إن من يهاجمون الليبرالية ويتهمونها بـ«الكفر» والإلحاد، لا يعرفون معناها.


أضاف الخبراء أن الفكر الليبرالى مستمد من المثل العليا، الموجودة فى الأديان السماوية، ولا يتعارض مع الدين أو التعددية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة وتداول السلطة.


فى البداية، قال الدكتور عمار على حسن، خبير الاجتماع السياسى، إن أهم ملامح النظام الليبرالى فى مصر يتمثل فى فصل الدين عن السلطة وليس عن المجتمع، لأن الليبرالية المصرية لا تقاطع الدين ولا تعاديه، لكن لديها تأويلاً خاصاً يناسب الحالة المصرية.


وأضاف أن النظام الليبرالى يطبق الملكية الفردية التى يقرها الإسلام، أما العدالة الاجتماعية التى يتخوف منها الكثيرون، فهناك مدارس ليبرالية كثيرة بدأت تعيد تفكيرها فى زيادة الاهتمام بها، وما يناسب مصر هو ليبرالية «الطريق الثالث» التى تراعى - حسب قوله - التوازن بين الحرية والعدالة الاجتماعية.


وتابع: نحاول أن نمزج بين عطاء النظام الليبرالى والرؤى العربية الإسلامية، لصنع مسار يناسب توجهاتنا فى المرحلة المقبلة، ومع مرور الوقت سيدرك الناس أن الليبرالية هى غير ما يقول بها السلفيون وأنه تم تشويهها.


وأرجع الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات، رفض الليبرالية من قبل الإسلاميين لضعف الثقافة الليبرالية وتعارضها مع مصالح التيارات الرافضة لها والتأويلات الفقهية «الوضعية» - حسب قوله - وقال: «إن فكرة الليبرالية ليست جديدة ومصر قامت على الاقتصاد الحر قبل الثورة، وملامح النظام المقبل ستتمثل فى ليبرالية سياسية تضمن الحرية والديمقراطية واقتصاداً حر ذا التزام اجتماعى»، مشيراً إلى أن أهم العقبات التى تعوق هذا النظام هو نظام التعليم، الذى يشكل عقلية الاتباع وليس عقلية النقد، التى يحتاج إليها النظام الليبرالى.


وقال الدكتور عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه لا مانع من تطبيق نظام دولة مدنية، تكون فيها الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. وأضاف أن الشريعة الإسلامية تكفل الحرية فى مبادئها الكلية بشكل أوسع من «الليبرالية»، لأن الشريعة هى نظام ليبرالى لكنه منضبط.


وتابع: لا يمكن فصل الدين عن السلطة، عندما تكون المبادئ الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ويمكن أن يكون هناك فصل تميزى وليس قطيعة مع الدين، الذى يمثل هوية الشعب بمسلميه ومسيحييه، فلا يمكن تطبيق نظام يخلع الشعب من دينه - على حد وصفه.


وأكد أن مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، كفلها الإسلام، خاصة العدالة الاجتماعية التى تفتقدها بعض المدارس الليبرالية، وأن الإسلام ينبذ استبداد الأغنياء بالفقراء.


وقال الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، إن الأحزب المدنية إذا تولت الحكم ستعمل على إقامة دولة القانون وترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية التى تقوم على أساس التعددية الحزبية والفكرية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة وتداول السلطة والحرية الاقتصادية المقترنة بالعدالة الاجتماعية وحسن توزيع الدخل وتقريب الفوارق بين الطبقات.


وأضاف أن الليبرالية تؤمن بأن مبادئ الشريعة الإسلامية، هى المصدر الرئيسى للتشريع، كما تؤمن بالقيم الروحية، التى أرستها الأديان السماوية جميعاً، وأن الفكر الليبرالى يؤمن بحق المسيحيين فى أن يحاكموا وفقاً لشريعتهم.


وأوضح البدوى: الذين يهاجمون الليبرالية ويتهمونها بالكفر والإلحاد لا يعرفون معنى مصطلح ليبرالية، الذى يعنى الحرية فى الفكر والعقيدة والاقتصاد، لكن هناك من يخلط بين الليبرالية التى نطالب بها فى مصر وبين الليبرالية الغربية، فهى فى الغرب تعطى الحق للإنسان فى أن يفعل ما يريد وتسمح بزواج المثليين، وأمور كثيرة خارجة، لكن الليبرالية فى مصر محكومة بإطار القيم الإسلامية والتقاليد، فلا يسمح بالخروج على المادة الثانية من الدستور، التى تجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وأى تشريع يتعارض مع ذلك تقضى المحكمة الدستورية بعدم صحته.


وتابع «البدوى» أن أحمد لطفى السيد، عندما ترشح فى الانتخابات كان ينادى بالديمقراطية، واستخدم خصمه هذه الكلمة، وقال للبسطاء من أهالى الدائرة إنها تعنى أن الست تتزوج من 4 رجال كما هو الحال مع الرجل، فسأل هؤلاء البسطاء لطفى السيد، هل أنت ديمقراطى فقال لهم: نعم فأسقطوه فى الانتخابات وهو ما يحدث الآن مع الليبرالية.


وقال الدكتـور محمد أبوالغار، وكيل مؤسسى الحزب الديمقراطى المصرى: «الفكر الليبرالى مستمد من المثل العليا الموجودة فى الأديان السماوية، التى تتفق على أن الإنسان يجب أن يتمتع بالحرية والمساواة والعدالة والحفاظ على كرامة الإنسان، وكل هذه المبادئ هى مبادئ الليبرالية».


وأضاف: «إذا كان هناك جزء من الشعب المصرى، تم تصوير الفكر الليبرالى له بشكل خاطئ فقد آن الأوان أن نعرف المعنى الحقيقى لليبرالية، ففى حقيقة الأمر الفكر الليبرالى يعنى أن الناس يجب أن يعملوا جميعاً وتكون لكل منهم فرص متكافئة وكل يجازى أو يكافأ قدر عمله، والفكر الليبرالى الحقيقى لابد أن يكون فيه نوع من العدالة الاجتماعية، وأن المجتمع المصرى هو أكبر مجتمع ليبرالى فى تاريخ العالم، ولايزال أكبر مجتمع يؤمن بالحرية والمساواة والعدالة.


واستطرد أبوالغار: «لكن يبدو أن مصطلح الليبرالية نفسه، يسىء البعض استخدامه أو يتعمد البعض إساءة استخدامه لأسباب سياسية وهذا ليس ذنب النظام نفسه، وإذا عرف المصريون حقيقة الأمر، فلن تكون هناك مشكلة بينهم وبين الليبرالية».