«كوكب الشرق».. هو اللقب الذي أطلقه كروان الإذاعة محمد فتحي، على السيدة أم كلثوم، وهي أيضا «سيدة الغناء العربي»، أما لقب «قيثارة السماء»، فقد أطلقه عليها طاهر الطناحي في كتابه «حديقة الأدباء»، أما «ثومة» وهو اللقب الشعبي أطلقه الوسط الفني عليها وكذلك عائلتها، و«الست».. كل هذه ألقابها الفنية واسمها الأصلي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي وبدأت مسيرة الغناء منذ نعومة أظافرها وهذا العام يكون قد مر على مولدها مائة وسبعة عشرة عاما، وعلى رحيلها أربعون عامًا.
وبعدما جرت في مياه نهر الغناء العربي بين صالح وطالح يظل غناء أم كلثوم متجددًا وراسخًا وتظل محطة فارقة في الغناء العربي لم يتجاوزها الغناء بعد.
ولدت في ٣١ ديسمبر ١٨٩٨ في قرية طماي الزهايرة- مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية لإبراهيم البلتاجي مؤذن القرية ومنشدها، وبدأت مسيرتها مع الغناء في ١٩١٦ واستمرت لأكثر من نصف قرن متربعة على عرش الغناء العربي وكانت في طفولتها تحفظ وتغني القصائد والتواشيح هي وأخوها ثم غنت وهي في العاشرة أمام الجمهور في بيت شيخ البلد في قريتها وبدأ صيتها يذيع منذ صغرها.
وبعد ١٩١٦ تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبوالعلا محمد وأقنعا الأب بالانتقال بابنته الموهوبة إلى العاصمة ثم استقرت في القاهرة في ١٩٢٣ وبدأت بإحياء حفلات في قصور شخصيات معروفة، وفي ١٩٢٤ تعرفت إلى أحمد رامي عن طريق الشيخ أبوالعلا في إحدى الحفلات.
واستمر التعاون بينهما طوال مسيرتها وكان مصدرا رئيسيا لتثقيفها ثم تعرفت على محمد القصبجي الذي بدأ في إعدادها فنيا ومعنويا وشكل أول تخت موسيقي، وفي ١٩٢٨ غنت «إن كنت أسامح وأنسى الآسية» فحققت الأسطوانة أعلى مبيعات وبرز نجمها.
وفي ١٩٣٥ غنت «على بلد المحبوب وديني» من ألحان ملحن شاب آنذاك وهو رياض السنباطي ليستمر التعاون بينهما بعد ذلك لما يقرب من ٤٠ عاما، وفي ٢٢ يناير ١٩٧٥ وكانت قبل وفاتها تجري بروفة أغنية «أوقاتي بتحلو» من تلحين سيد مكاوي لكن حالة إغماء انتابتها لتبدأ معها رحلة المرض.
وكانت قبل سفرها قد طلبت من الشاعر صالح جودت أن يكتب لها قصيدة احتفاء بنصر أكتوبر، لكنها توفيت قبل إنجاز هذه الأغنية التي يقول مطلعها «للي شبابك في جنود الله والحرب في قلوبهم صيام وصلاة» وتصدرتْ أخبار مرض أم كلثوم الصحف والإذاعة والتليفزيون و«زي النهارده» في٣ فبراير ١٩٧٥ كسا الوجوم وجوه المصريين حين تم الإعلان عن وفاة كوكب الشرق.