رفض والد الفتاتين السعوديتين، تالا وروتانا الفارع، اللتين عثر عليهما غريقتين في نهر هدسون بنيويورك، بشكل قاطع تقرير الطب الشرعي الأمريكي الذي أعلن رسميا أن سبب وفاة ابنتيه انتحار.
وفي حديث هاتفي لصحيفة «سبق» السعودية الإلكترونية اليوم الاثنين، فجر الفارع البالغ من العمر 55 عاما مفاجأة من العيار الثقيل في القضية المدوية، إذ حمل محققا أمريكيا المسؤولية عن إخفاء وقتل الفتاتين واتهم سلطات الولايات المتحدة بالتواطؤ معه.
وأكد الفارع الذي تعرض لنوبة قلبية استدعت إجراء عملية قلب مفتوح له على خلفية القضية المأساوية، أن هذه القصة بدأت في إحدى ليالي شهر ديسمبر الماضي في ولاية فيرجينيا، حيث أقامت عائلته ودرست ابنته الكبرى روتانا (22 عاما)، مضيفا أنه وزوجته غادرا لشراء حاجيات وعندما عادا لم يجدا ابنتيهما في المنزل.
وفي بداية الأمر اعتقد الوالدان أن الفتاتين ذهبتا للمشي كالعادة، لكن عندما تأخرتا أكثر من اللازم قدم الفارع وزوجته على الفور بلاغا للشرطة، وهي طلبت الانتظار 24 ساعة حسب الأنظمة.
وأكد الفارع أنه لم يؤمن للحظة في هروب ابنتيه، لأنهما لم تأخذا شيئا من أغراضهما وممتلكاتهما، وخاصة أنهما في تلك الليلة اشترتا أغراضا وتركتا الكيس على الطاولة.
وذكر الفارع أن المحقق المحلي المدعو براندون ميلر، اتصل بالعائلة في اليوم التالي، وأبلغها بأنه سحب البلاغ و«أودع الفتاتين في مكان آمن».
وقال والد الشقيقتين إن المحقق «حاول استفزازنا بقوله إنه يعلم تعامل العرب السيئ مع أبنائهم ولم نرد عليه، بل طالبناه برؤيتهما أو إعادتهما، ورفض ذلك مطالبا بالتزام الهدوء ووعد بإعادتهما خلال أسبوع، وبالفعل عاد إلينا بعد أسبوع ولكن برفقة هيئة حماية الأطفال محاولا اتهامنا بأننا عنّفناهما، وقد تفقدت الفرقة الشقة ولم تجد أي أثر للتعنيف، بل إنهم استغربوا من عدم أخذ الفتاتين أي شيء من ممتلكاتهما، وبعد اقتناعهم أرسلوا إلينا تقريرا بأن الأسرة بريئة من تهمة التعنيف».
وأشار الفارع إلى أنه وزوجته حاولا بعد ذلك التواصل مع المحقق للكشف عن مصير ابنتيهما، لكنه رفض التجاوب وطلب التوجه للمحكمة بحجة تحول القضية إلى هناك، لكن عندما ذهبنا للمحكمة لم نجد أثرا للقضية، و«كان واضحا أن لدى المحقق سلطة قوية وهذا واضح من تجاوزاته للقانون حتى إننا حاولنا التواصل مع محامين في فيرجينيا لرفع دعوى لكنهم يرفضون ويتهربون من قبول هذه القضية ولا نعرف السبب مما أوقعنا في أزمة مع هذا المحقق المتسلط».
وبعد تصاعد الأزمة، اضطر والد الشقيقتين إلى العودة للسعودية إذ ساءت صحته ما تطلب إجراء العملية الجراحية، في حين واصلت زوجته البحث عن ابنتيهما وسط «اختفاء غريب لأي معلومة حولهما، وصمت مطبق للسلطات الأمريكية حول مكان وجودهما».
وقال: «حتى الضابط الآخر الذي تعاطف معنا خلال مراجعتنا قسم الشرطة اتهم المحقق بتجاوز القانون باحتفاظه بالفتاتين بهذه الطريقة، قالها لنا بلسانه ورفض طبعا أن يكتبها في محضر التحقيقات».
وبعد شهر من «الاختفاء»، أصدرت شرطة فيرجينيا بيانا أكد اختفاء الفتاتين، وأعقب ذلك بيان آخر صدر بعد أسبوع وأعلن عن وفاتهما، وذلك وسط «أحداث دراماتيكية ومعلومات متضاربة» حيث أوضح الفارع: «عندما أُعلن خبر وفاتهما، جاءت الشرطة إلينا وأبلغتنا باكتشاف الجثتين مربوطتين إلى وجهيهما، مؤكدين أنهما انتحرتا قبل أن يجري الطب الشرعي التحقيقات».
وتابع: «لعل الصدمة التي تعرضنا لها عندما طلبنا رؤية الجثمانين في ثلاجة الأموات، وبعد تلكؤ من السلطات تم ذلك، وذُهلنا عندما وجدنا ضربات تملأ وجهي الابنتين، ولكمات تعرضتا لها وبالذات الصغرى، ما يؤكد أنهما تعرضتا لضرب مبرح قبل وفاتهما».
واستبعد الوالد فرضية الانتحار، موضحا أن الفتاتين كانتا تخشيان البحر ولم تجيدا السباحة، ولفت إلى أن نهر هدسون الذي عثر فيه على الجثتين مليء بالصخور ومن المستحيل أن تقفزا بتلك الطريقة، فضلا عن الضربات المبرحة التي تعرضتا لها.
وفي ختام الحوار، قال الوالد إنه وزوجته قررا دفن ابنتيهما في السعودية، ثم عادا برفقة ابنهما إلى الولايات المتحدة لتسليم الشقة، حيث تعرضوا لـ«استفزاز مريب» في المطار، إذ تم توقيفهم لخمس ساعات وطولبوا بمغادرة الدولة خلال 14 يوما على أقصى تقدير، كما تم إلغاء التأشيرة الدراسية F1 للابن.
وأكد الرجل أن ذلك منع العائلة من رفع دعوى ضد المحقق الذي «دون شك كان وراء اختفاء ومقتل» الفتاتين، لكنه وكّل محامي السفارة السعودية، ويعتزم أن يطالبه باتهام الضابط رسميا بالتسبب في «كل تلك المآسي التي تعرّضت لها الأسرة».