عدوى «التسجيلات الصوتية» التى ابتدعها زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، منذ هجمات 11 سبتمبر، يبدو أنها انتقلت للرؤساء العرب، الذين اجتاحت بلادهم الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية واحدا تلو الآخر، وفى آخرهم الرئيس اليمنى على عبدالله صالح، الذى أدلى بكلمة صوتية بثها التليفزيون اليمنى، لأول مرة، بعد توارد الأنباء حول إصابته بجروح من الهجوم الذى استهدف القصر الجمهورى فى صنعاء، الجمعه.
و يعد تسجيل «صالح» ثالث تسجيل لرئيس عربى، بعد التسجيل الصوتى للزعيم الليبى، معمر القذافى، الذى بثه التليفزيون الرسمى، فى مايو الماضى، الذى أكد من خلاله أنه لا يزال على قيد الحياة، مكذبا تصريحات وزير الخارجية الإيطالى، فرانكو فراتينى، الذى قال إن القذافى أصيب فى الغارة الجوية التى قتل فيها ابنه سيف العرب، وثلاثة من أحفاده قبل أسبوعين.
التسجيل الصوتى الرئاسى الأول كان للرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، وبثته قناة «العربية» حصريا على شاشتها، فى 10 أبريل الماضى، وهو أول ظهور صوتى للرئيس منذ تنحيه عن السلطة، ولم يستغرق سوى ثلاث دقائق، نفى فيه امتلاكه أى أصول عقارية أو مالية خارج مصر، مكذبا ما أعلنته سويسرا والعديد من دول العالم عن ممتلكاته لديها، وانتظارها مراسلات رسمية من الخارجية لتجميد هذه الأصول.
وبالمقارنة بين لجوء كل من «بن لادن» أو الرؤساء الثلاثة إلى التسجيلات الصوتية كوسيلة لتوصيل رسائلهم نجد أن دافعهم إلى ذلك يتمثل فى أحد أمرين: إما خوفهم من إظهار أنفسهم لأسباب صحية أو نفسية رغبة منهم فى الحفاظ على صورتهم كأقوياء، وإما أنهم لا يريدون الكشف عن مكانهم لمطارديهم، ولاسيما فى حالة الرئيسين الليبى واليمنى فى ظل الاشتباكات الدائرة فى كلا البلدين.
المدقق فى التسجيلات الصوتية الثلاثة يجد أن قاسمين مشتركين بينها، يتمثل فى أنها دائما ما تأتى بعد توافد أنباء عن تدهور الحالة الصحية أو النفسية لهم سواء عبر وسائل الإعلام أو من جهات المعارضة السياسية فى بلادهم، أما القاسم الثانى فيتمثل فى تمتعهم بشخصية صلبة وعنيدة ترفض الظهور أمام شعبها فى حالة الانهزام أو الاستسلام.وبصرف النظر عن اختلاف حالة التسجيل الصوتى لمبارك عن الباقى، إذ إنه جاء بعد الثورة، إلا أنه تمت إذاعته عقب أقاويل كثيرة عن محاكمة الرئيس، وحالته الصحية والنفسية، ولعل ذلك بدا واضحاً فى قرار النائب العام بالتحقيق معه فور إذاعة التسجيل.