الإيرانيون يرون «25 يناير» وليدة ثورتهم الإسلامية.. والوفد المصرى يرد: ثرنا ضد الظلم

كتب: نشوي الحوفي الجمعة 03-06-2011 17:33


الحديث عن إيران خاصة عاصمتها طهران، حديث يطول بين ثقافة شعب يسعى لتطوير ذاته وتحضر سلوكياته، وبين مظاهر تؤكد لك سعى الحكومة الحثيث هناك لإبعاد تهمة العالم النامى عنها. ولذا كانت زيارة الوفد الشعبى المصرى الذى ضم رجال دين وإعلاميين وسياسيين ورجال أعمال مؤخرا لإيران، مهمة – وإن انتقدها البعض - فليس من رأى كمن سمع. ولكن كان الجزء المثير فى تلك الزيارة هو هذا اللقاء الذى جمعنا بالمسؤولين الإيرانيين فى أول يوم لنا فى طهران، ثم اللقاء بالرئيس الإيرانى أحمدى نجاد فى اليوم التالى.


أول زيارة فى برنامجنا كانت لهيئة إذاعة وتليفزيون الجمهورية الإيرانية الإسلامية ورئيسها «ضرغام» الذى اجتمع بنا فى قاعة المؤتمرات بالهيئة التى تبث كما قال لنا 110 محطات راديو تليفزيون بأكثر من لغة. جلس الرجل فى منتصف القاعة وبجواره القائم بالأعمال فى الملحقية الإيرانية بالقاهرة وبجوارهم الشيخ جمال قطب، رئيس لجنة الإفتاء الأسبق بالأزهر الشريف، والشيخ تاج الدين، مفتى أستراليا، والمستشار الخضيرى، وقبل بدء الحديث قرأ قارئ للقرآن الأيات الأولى فى سورة القصص التى تتحدث عن فرعون وهامان اللذين استضعفا شعبهما وفرقاه شيعا وكيف مَنَّ الله على المؤمنين فى النهاية. أهم ما يلفت نظرك للآيات الكريمة هى طريقة القراءة المصرية الصميمة. بعدها تم عرض أغنية ملحمية على لقطات من الثورة المصرية وبالطبع حمل الكليب مقاطع الانقلاب على حكم مبارك ونظامه. ثم تحدث رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون وتضمن حديثه الكثير من المدح والإشادة بثورة المصريين على الحكم الظالم الذى نجحوا فى التخلص منه، واعتبر الثورة المصرية فى 25 يناير جزءاً من الثورة الإسلامية التى اندلعت فى إيران فى العام 1979 ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوى الطاغية والعميل هو الآخر. وهو الحديث الذى أيده الشيخ تاج الدين فى كلمته مادحا فى ثورة الخمينى الإسلامية التى منحت الضعفاء حقوقهم.


الحقيقة أن بعضا من أعضاء الوفد وفى مقدمتهم دكتور مصطفى النجار، عضو ائتلاف شباب الثورة، طلب الكلمة وأرادوا تصحيح الصورة وبحسن نية تصورا منا أن هناك لبساً فى الأمور، أو خطأ ناتجاً عن تعاطف مع الثورة المصرية. وأوضح فى كلمته أن الثورة المصرية ليست ثورة دينية ولكنها ثورة مجتمعية على الظلم، دعا لها الشباب وتضامنت معها جميع فئات المجتمع من المسلمين والمسيحيين. وأيد كلام مصطفى النجار حديث الشيخ جمال قطب الذى أصر على رفض توصيف الثورة المصرية بالدينية أو الإسلامية مؤكداً أنه كشيخ نزل الميدان بعد أن رأى الناس تضج تحت وطأة الظلم. وتحدثت كممثلة لـ«المصرى اليوم» وكان بجوارى كل من الأستاذة شاهندة مقلد والكاتبة الصحفية سناء السعيد. وعبرت عن سعادتنا بزيارة إيران لإيماننا بأهمية العلاقة بين البلدين وتأثيرها على مقدرات الأمور فى المنطقة، ولكن من حقنا على إيران أن تبدى لنا بعض حسن النية ومن ذلك تغيير اسم الشارع الذى يخلد خالد الإسلامبولى ويمجده كبطل لأنه قاتل لرئيس دولتنا مهما كان حجم اتفاقنا أو اختلافنا معه، مؤكدة أن المصريين فى انتظار تلك الخطوة المهمة. فقاطعتنى الأستاذة شاهندة مقلد مؤكدة أن مصر أيضا مخطئة باستضافتها قبر شاه إيران. فرددت عليها قائلة: «لقد قمنا بثورة 23 يوليو عام 1952 ضد الملك فاروق وطردناه. ولكن بعد موته قبلنا باستقبال جثمانه وأعدنا دفنه فى أرض مصر. تلك أرض الله ومن مات حسابه عند خالقه». انتهى اليوم الأول ونحن نظن أن خيرا فعلنا.


وفى نهاية اليوم، علمنا أن لقاء سيجمعنا بالرئيس أحمدى نجاد ظهر الأربعاء فى قصر الرئاسة لمدة ساعة. وذهبنا فى الموعد وقبل دخولنا لمبنى القصر طلبوا منا ترك حقائبنا وما معنا من كاميرات تصوير وهواتف محمولة فى السيارات التى كانت تقلنا. حاولت إفهامهم أننى صحفية والصورة شىء مهم وأننا ضيوف لديهم ولكن أحداً لم يستمع. فعبرت لهم عن ضيقى بهذا الأمر وأنه لا يجوز فقال لى أحدهم بالإنجليزية: «فى بلدكم تفعلون هذا لقد أصروا على خلعى الحذاء فى شرم الشيخ فى لقاء رسمى كان يجمع بعض المسؤولين برئيسكم السابق». سكت ودخلنا على مضض لقاعة رئيسية ولكنها بسيطة الفرش والأثاث. وكان فى انتظارنا فيها القائم بالأعمال فى الملحقية المصرية فى طهران. كانت الجلسة على شكل مربع مفتوح ضلعه الرابع وُضع فيه مقعدان جلس عليهما فيما بعد الرئيس أحمدى نجاد ورئيس هيئة الإذاعة عقب دخولهما. وجلس الرجال فى الوفد فى الصف الأول بينما جلسنا كنساء فى الصف الثانى. وسرعان ما دخل الرئيس أحمدى نجاد فقمنا لتحيته وبعدها بدأت الكلمات من عند رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية مرة أخرى. ليعيد على مسامعنا جزءاً مما قيل عن الثورة الإسلامية الإيرانية وتأثيرها على المصريين فى القيام بثورتهم وسعادة الإيرانيين ومتابعتهم لثورتنا على الطاغية العميل. وقتها لم أتمالك نفسى ليس كصحفية ولكن كمصرية. فخلعت سماعات الترجمة من على أذنى غاضبة محتقنة أكاد أنفجر غيظا من كلام غير مقبول لعدد غير قليل من الوفد المصرى ولكنهم صمتوا تأدبا، فنحن فى حضرة الرئيس. وتحدث البعض من الوفد عن التضامن مع إيران ورغبة المصريين فى زيارة نجاد لنا، وكانت الكلمة الأكثر تأثيرا كلمة الأستاذ وائل الإبراشى الذى أكد أن زيارة الوفد ينبغى أن تنتهى بإجابات ننقلها للمسؤولين فى مصر الذين يرون أن إيران تتدخل فى الشؤون العربية، وتريد نشر المذهب الشيعى والثورة الإسلامية.


طلبت الكلمة فرفض القائم بالأعمال الإيرانى الذى كان حاضرا مشيرا إلى أن ثلاثة فقط سيتحدثون أمام الرئيس ولست منهم. أصررت على طلب الكلمة فطلب الانتظار لحين منحها لمن يريدون. وانتظرت حتى منحت الميكرفون فتحدثت بحدة قائلة: «السلام عليكم، منذ أن جئنا لطهران الخميس ونحن نسمع كلاما عن أن الثورة المصرية اندلعت بتأثير من الثورة الإيرانية وأسمع كلاما عن مبارك الطاغية والعميل. واسمح لى سيادة الرئيس أن أقول لك أمرين أولهما أن شأن مبارك يخصنا سواء أذاقنا المر أو منحنا الشهد ولا نقبل أن يتحدث عنه أحد. الأمر الثانى أنه لا علاقة بين ثورتنا فى مصر يوم 25 يناير وثورتكم الدينية التى وقعت فى نهاية السبعينيات على الإطلاق. ودعنى أؤكد لكم مرة أخرى أن عليكم إثبات حسن النية، وتأكيد أنكم إذا مددتم يدكم فلن تعودوا خالين الوفاض». نظر لى الرئيس وضاقت عيناه أكثر وظهرت علامات الضيق على وجه السيد ضرغام، ولكننى لم آبه لهما، وصفق بعض أعضاء الوفد المصرى تعبيرا عن تأييدهم لما قلت. ورغما عنى بكيت فى صمت دون إرادة منى، رغبت فى الانصراف لأن الحديث عن الثورة المصرية وحاكمنا السابق لم يكن من باب الصدفة إذن، وهو ما لم أقبله أنا وبعض أعضاء الوفد الشعبى المصرى.