مؤسس إدارة الآثار الغارقة: «قايتباى» ليست القلعة الأصلية.. والموجود «مجسم عمره 139 سنة»

كتب: رجب رمضان الإثنين 14-01-2019 22:25

أعلن الدكتور إبراهيم درويش، مؤسس إدارة الآثار الغارقة فى مصر، أن قلعة قايتباى بمنطقة الميناء الشرقى بالإسكندرية، ليست القلعة التاريخية المعروفة، وأن المبنى الموجود حاليا هو مجسم ونسخة من القلعة الأصل. وقال «درويش»، فى حواره لـ«إسكندرية اليوم»، إن مشروع الحماية الذى تنفذه هيئة حماية الشواطئ، التابعة لوزارة الموارد المائية والرى، بتكلفة 230 مليون جنيه، غير مجدٍ وبمثابة «رمى فلوس فى البحر»، لأن القلعة لا تواجه خطورة من التيارات البحرية والنحر؛ سوى من الناحية الشمالية فقط، كاشفا أن مقبرة الإسكندر الأكبر موجودة أسفل مقابر اليهود والحاخامات فى منطقة الأزاريطة، موضحًا أن مصر انتشلت فقط 2% من تراثها الغارق تحت مياه البحر المتوسط. وإلى نص الحوار..

■ ما تقييمكم لمشروع حماية الشواطئ حالياً بتكلفة 230 مليون جنيه لحماية قلعة قايتباى والصخرة الأم؟

- كل أعمال حماية القلعة غير مجدية، ولا توجد خطورة على القلعة سوى من الناحية الشمالية فقط، كونها فى مواجهة مباشرة للبحر وتعرضها للتيارات البحرية والأمواج، أما المنطقة الشرقية للقلعة فليست بها خطورة، والتشققات الموجودة فى الصخرة الأم لا تسع لإدخال الذراع الواحدة، فضلا عن أن المسافة ما بين الصخرة الأم وصحن القلعة لا تتعدى 135 متراً، وبالتالى يستحيل أن يكون هناك تأثير للتيارات على الصخرة.

■ لكن متخصصين حذروا من انهيار القلعة وهى أثر تاريخى مهم فى الثغر؟

- بمناسبة الأثر التاريخى.. سأقول لك أمرا فى غاية الأهمية، وهو أن القلعة الموجودة حاليا ليست هى القلعة التاريخية التى بناها الأشرف السلطان قايتباى، وبالتالى فهى ليست أثرا كما يتردد، لأن القلعة التاريخية هدمها الإنجليز عام 1882، والموجودة حاليا عبارة عن طوب حديث وصخور تم استقدامها من طرة، ومجسم من القلعة الأصلية، ولا علاقة لها بالآثار وأقول هذا الكلام على مسؤوليتى الشخصية، لأن القلعة الأصلية دمرها الأسطول الإنجليزى، وهو الذى أعاد بناءها عام 1882، وتولى تطويرها وترميمها الدكتور أحمد قدرى، أحد أبرز علماء وخبراء الآثار، الذين تولوا رئاسة هيئة الآثار عام 1885، والموجود حاليا، مجسم عمره 139 سنة، وليس أثراً، باستثناء عتبة الجرانيت الموجودة أمام البوابة الرئيسية وهذا الكلام ثابت تاريخياً.

■ ما رأيك فى مشروع الحماية الجارى تنفيذه حالياً؟

- أرفضه تماماً، لأن الجهة الشمالية فقط هى التى تحتاج حماية، وقلت هذا الكلام سنة 1996، والجهة الشرقية تم عمل حماية لها من خلال الإدارة الهندسية، بإنشاء ممر خرسانى طوله 40 مترا وعرضه 5 أمتار، بعد الصخرة الأم، وبالتالى مع وجود الرصيف الخرسانى يستحيل وجود خطر على القلعة من الجانب الشرقى.

■ لكن المشروع يتكلف 230 مليون جنيه؟

- هذا المشروع بمثابة «رمى فلوس فى البحر»، والمطلوب عمل «ستارة حديدية» مثل التى أنشأها الإنجليز فى الجانب الشرقى من القلعة، وما زالت بقاياها موجودة.

■ وهل تواجه القلعة خطورة داهمة، مثلما تردد، ما استدعى التدخل؟

- لا توجد خطورة على القلعة لمدة 1000 سنة، والآثار الغارقة فى محيطها لن تتأثر بالتيارات البحرية لا سيما وأنها موجودة منذ 1000 سنة ولم تتأثر، ولابد من حماية مواقع القطع الأثرية أثناء إلقاء الكتل الخرسانية، وهذه مهمة إدارة الآثار الغارقة، وهناك خرائط بموقع كل قطعة فى الميناء الشرقية والجانب الشرقى للقلعة.

■ اختلفت الروايات حول وجود مقبرة الإسكندر الأكبر.. هل تستطيع حسم الجدل فى هذا الأمر؟

- مقبرة الإسكندر الأكبر موجودة أسفل مقابر اليهود فى الأزاريطة، وهذا الكلام استناداً إلى مقال علمى كتبه الدكتور فوزى عبدالرحمن الفخرانى، أحد علماء الآثار اليونانية الرومانية، وأكد وجود دلائل تؤكد كلامه وأن البعثة اليونانية طلبت عمل مسح جيوفيزيقى للمقابر وقوبل بالرفض.

■ ماذا عن تراث مصر الغارق تحت مياه المتوسط.. وهل ما تم انتشاله يتناسب مع الحضارة المصرية؟

- هناك نحو 35 مدينة أثرية غارقة تحت مياه المتوسط بطول الساحل الشمالى من غرب الإسكندرية حتى مدينة مرسى مطروح، وترجع إلى العصرين اليونانى والرومانى، إلا أنها تصارع الأمواج بعد الكشف عنها، قبل 2043 عاماً، وأن المؤرخ والجغرافى اليونانى سترابو، الذى يطلق عليه العرب اسم «إسطرابون» ذكر فى خريطته عام 25 قبل الميلاد أن هناك 35 مدينة أثرية غارقة تحت مياه البحر لها شهرة تجارية وخاصة المدن التى كانت أمام إقليم مريوط فى برج العرب، وما تم انتشاله من آثار غارقة خلال السنوات الماضية لا يتعدى 2% من التراث الغارق فى سواحل مصر، نظرا للظروف الحالية وضعف الإمكانيات المادية وتقليص عدد البعثات الأجنبية إلى بعثة واحدة تابعة للمعهد الأوروبى بعد أن كانت 5 بعثات، وتوقفت لمشاكل مادية أو نتيجة كبر سن رؤسائها، ويرجع السبب وراء عدم انتشال المدن الغارقة إلى قلة الإمكانيات والتقنيات الخاصة بالغطس تحت المياه، بالإضافة إلى أن أجهزة الغطس لم تتطور بالشكل الذى عليه الآن وكانت تعتمد على الصيادين آنذاك، وعندما ظهرت مصادر التلوث فى البحر تسببت فى انعدام الرؤية فى المناطق الموجود بها المدن الغارقة، ما اضطر الغطاسون إلى الاعتماد على الأجهزة الحديثة فى انتشال وتحديد الآثار الغارقة؛ مثل أجهزة السونار والـ«GBS» وهى أجهزة غالية الثمن، نظراً لارتفاع التقنية المستخدمة فيها للكشف عن الآثار الغارقة، فضلاً عن أن معدات الغطس لم تتطور خلال العشرين سنة الأخيرة؛ نظراً لمحدودية الإمكانيات.