وصل العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى إلى بغداد فى زيارة رسمية هى الأولى منذ أكثر من 10 أعوام، لبحث تأمين الحدود بين البلدين والاستثمارات والتعاون المشترك. تأتى زيارة العاهل الأردنى لبغداد بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، وزيارة وزير الخارجية الفرنسية، وبعد أيام من زيارة وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو للعاصمة العراقية، فى محاولة لبحث القضايا المشتركة ومحاربة «داعش»، وإعادة إعمار ما خلفته الحرب على التنظيم الإرهابى، بجانب إمدادات الطاقة.
أفاد المتحدث باسم الرئاسة العراقية، لقمان فيلى، بأن الرئيس العراقى برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدى أكدا أن زيارة العاهل الأردنى هى الثانية من نوعها خلال 10 سنوات منذ سقوط نظام الرئيس العراقى الراحل، صدام حسين فى عام 2003 من قبل قوات التحالف الدولى الذى قادته الولايات المتحدة، وكانت زيارته عام 2008 الأولى لزعيم عربى لهذا البلد منذ أن تولى السلطة الشيعة الذين يشكلون الغالبية فى العراق.
وأشار البيان إلى مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون، بما يضمن تحقيق المصالح المتبادلة، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن العديد من القضايا العربية والدولية.
ومن أبرز الملفات التى تناولها ملك الأردن مع المسؤولين العراقيين تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، ولا سيما مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية فى هذا المجال، وتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، خصوصا بعد الاتفاق بينهما على إنشاء مدينة صناعية حرة عند معبر طريبيل الحدودى، كما بحث ملك الأردن مع المسؤولين العراقيين مشروع مد أنبوب نفط من مدينة البصرة جنوبى العراق إلى ميناء العقبة فى الأردن.
وزار الرئيس العراقى برهم صالح الأردن فى نوفمبر وفى ديسمبر الماضى، كما التقى رئيس الوزراء الأردنى عمر الرزاز نظيره العراقى فى بغداد، وتتقاسم بغداد وعمان حدودا مشتركة ومهمة ونقاطا تجارية، ووقعتا مؤخرا مذكرة تفاهم فى مجال الكهرباء على وجه الخصوص، والتى تعد مشكلة مزمنة بالنسبة للعراق.
وفيما يعتمد العراق فى استيراد الطاقة على إيران التى تزود ساعات قليلة خلال اليوم لسكانها البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، تسعى بغداد لتنويع مصادر استيرادها، وللحصول على استثناء من واشنطن التى فرضت حزمة من العقوبات على إيران فى نهاية 2018، تقول بغداد إنها تريد أن تشترى الكهرباء من الأردن والكويت وتركيا.
وأجرى وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان محادثات مع المسؤولين العراقيين فى بغداد، وبدأ لودريان زيارته التى تستغرق يومين بلقاء مع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدى، وفرنسا تشارك فى التحالف المناهض للجهاديين بقيادة الولايات المتحدة الذى دعم القوات العراقية خلال حربها التى دامت ثلاث سنوات ضد تنظيم «داعش»، وكان لودريان قد أكد فى عمان أن الحرب على تنظيم «داعش» فى سوريا «لم تنته بعد»، وأن أولوية بلاده لا تزال «القضاء» على التنظيم المتطرف.
وخلال استقباله وزير الخارجية الإيرانية، قال «عبدالمهدى» إن بلاده تتطلع لمستقبل أفضل للعلاقات الثنائية مع إيران، وأكد أن «سياسة العراق مبنية على إقامة أفضل العلاقات مع جيرانه كافة»، وأضاف أن العراق «يتطلع لمستقبل أفضل للعلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية».
وأعرب عن أمله فى «أن تؤدى الزيارات المتبادلة بين المسؤولين فى البلدين إلى تعزيز العلاقات الثنائية»- وفق المصدر ذاته.
من جانبه، أشار وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى «وقوف الجمهورية الإسلامية إلى جانب العراق وحكومته وتعزيز نظامه السياسى والديمقراطى». وأكد الوزير الإيرانى سعى بلاده إلى «توسيع العلاقات بين البلدين فى جميع المجالات».
وقال «ظريف» إن دولا بينها الولايات المتحدة سعت لإفساد علاقات بلاده مع العراق، وأوضح أنه «بعد هزيمة داعش فى العراق أرادت دول بينها الولايات المتحدة إفساد العلاقات المتنامية بين طهران وبغداد، إلا أن مسؤولى البلدين اتخذوا التدابير اللازمة ولم يسمحوا بذلك»، وأكد أنه يعتزم إجراء لقاء مع مسؤولى إقليم شمال العراق فى مدينة أربيل، وأنه سيبحث مع المسؤولين العراقيين سبل تطوير التعاون، وأشاد بموقف المسؤولين العراقيين بشأن العقوبات الأمريكية على إيران، والذى أدى إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، وحذّر دول المنطقة من الرهان على الولايات المتحدة، واصفا إياها بـ «الحصان الخاسر». واعتبر الوزير الإيرانى أن سياسات واشنطن المتبعة ضد بلاده منذ 40 عاما «فشلت فى تحقيق هدفها».
والتقى «ظريف»، الرئيس العراقى برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسى قبل أن يسافر إلى إقليم كردستان شمال العراق للقاء المسؤولين هناك. وأشار «ظريف» إلى أنه سيشارك على هامش زيارته إلى العراق فى مؤتمرات اقتصادية ستقام فى بغداد والسليمانية وكربلاء.
وتسود علاقات وثيقة بين العراق وإيران منذ إسقاط نظام الرئيس العراقى السابق صدام حسين فى 2003 على يد قوات دولية بقيادة واشنطن، وتقود العراق حاليا حكومة ذات غالبية شيعية مقربة من طهران. وتتركز زيارة ظريف بشكل خاص للعراق على الجوانب المتعلقة بالاقتصاد، فى مسعى من طهران لتعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، فى وقت تعانى فيه من عقوبات مفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة، ويبلغ حجم التجارى بين البلدين نحو 12 مليار دولار. ويقول مسؤولو البلدين إن الجانبين سيعملان على زيادة حجم التبادل إلى 20 ملياراً، متجاهلين بذلك العقوبات الأمريكية.