رغم محاولات النظام السورى إفشال مؤتمر المعارضة السورية المنفية، تمكن قرابة 400 شخصية من السياسيين والمستقلين والمثقفين، يمثلون مختلف الأطياف القومية والدينية والمذهبية، من إنجاح مؤتمرهم الأول، الذى استضافته مدينة أنطاليا التركية على مدار يومين.
وانتخب المؤتمر، فى يومه الأخير، هيئة استشارية لمتابعة توصياته. وعلى هامشه، أعلن عن ولادة ائتلاف لقوى علمانية تطالب بـ «الفصل الكامل للدين عن الدولة»، ويعمل على تطبيق الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، وجعل الدستور المرجعية الأعلى للحكم. وقال هاشم سلطان، طبيب مقيم فى الولايات المتحدة، رئيس حزب الانفتاح السورى المعارض، فى مؤتمر صحفى مقتضب، إن «الائتلاف يضم 8 أحزاب عربية وكردية علمانية. اتفقنا على أهمية الثنائية بين الديمقراطية والعلمانية كأساس للحكم فى منطقة متعددة الطوائف والمذاهب». وكانت مسألة «فصل الدين عن الدولة» قد أثارت جدلا بين المشاركين، بين مؤيد، خاصة من الأكراد والقوميين، ومعارض، من تيار الإخوان المسلمين، وهو ما أخر صدور البيان الختامى.
ولم يكن جدول أعمال المؤتمر يضم استراتيجية لإسقاط النظام السوري، كما لم يجد فى نفسه الحق فى تمثيل الثورة، «لكن الجميع اتفق على مبادئ أهمها رفض الثورة المسلحة ورفض الطائفية والتدخل الخارجى العسكرى».
كما شهد المؤتمر بعض التوترات التى تم تجاوزها، خاصة مع حملات التشهير التى قادها النظام السورى، والتى وصلت إلى حد الدفع بأنصار حزب «البعث» إلى المدينة التركية الساحلية للتظاهر على بعد أمتار أمام مقر الفندق الذى عقد فيه المؤتمر، بهتافات رافضة للمعارضة، رافعين صور الرئيس بشار الأسد. وبحسب مصادر أمنية تركية، حاول بعض المتظاهرين التسلل إلى الفندق، بهدف إثارة الشغب، رغم الإجراءات الأمنية المشددة، إلا أن عناصر الأمن تمكنت من إحباط المحاولة.
وقال الدكتور عبدالرزاق عيد، رئيس المجلس الوطنى لـ«إعلان دمشق» فى المهجر، إن «كل التركيز بالهجوم العدائى فى محاربة المؤتمر يعكس أهميته وأثره على النظام السورى، بل وعزز نجاحه». وأضاف عيد لـ «المصرى اليوم» أن «المؤتمر حتى آخر لحظة تميز بالحوارات الساخنة والصريحة، واستطاع أن يبرهن على إمكانيات العمل الديمقراطى البناء والاعتراف بالتعددية وعدم إقصاء الآخر».
من جانبه، قال الشيخ محمد سلامة الشعلان، أحد مشايخ أكبر العشائر السورية لـ«المصرى اليوم»، إنه «طوال 40 عاما لم يكن هناك وجود لأى نوع من المعارضة فى سوريا، لذلك فمؤتمرنا اليوم هذا يعتبر حجر أساس لحياة سياسية جديدة ومعارضة سورية حقيقية.. المعارضة السورية ما زالت فى بدايتها».
أما جان عنتر، ممثل الحركة السريانية، فشدد على ضرورة تنحى الرئيس السورى ونظامه. وقال لـ«المصرى اليوم»: «يجب أن يرحل النظام ليستعيد الشعب حريته، ويجب فصل الدين عن الدولة لنكون جميعا شركاء فى الوطن».
بدورها، أعربت الناشطة السياسية سلمى الأتاسى عن انبهارها بالمرأة والشباب الذين شاركوا فى المؤتمر ووعيهم السياسى.
وأصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانا موقعاً من المراقب العام محمد رياض شقفة، شددوا فيه على أن مشاركتهم كانت «رسمية» كجماعة، وليس كأفراد، كما أشيع فى بعض الوسائل الإعلامية، وذلك رغم غياب المراقب العام السابق على صدر الدين البيانونى عن المؤتمر، والموجود حالياً فى إسطنبول.
وفى كلمته، طالب ملهم الدروبى، الممثل الرسمى للجماعة فى سوريا، الجيش بالوقوف فى صف الشعب «لا توجهوا بنادقكم لصدور أبنائكم وكونوا عونا للشعب لاعونا عليه». واعتبر الدروبى المرسوم الرئاسى 61 الذى أصدره الأسد بالعفو عن المعتقلين السياسيين «جاء متأخرا وغير كاف».