شهدت أولى جولات الحوار بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وائتلافات شباب الثورة، مساء الثلاثاء فى مسرح الجلاء التابع للقوات المسلحة، العديد من المفاجآت، أولاها الحشد «الإخوانى» الكبير بين الحضور الذين شاركوا فى الحوار الذى استمر حوالى ساعتين، وضم أكثر من 1500 شاب من ممثلى نحو 153 ائتلافا بمختلف محافظات الجمهورية، كما شهدت الجلسة حالة من الانقسام بين الحضور حول «الدستور» بعدما هتف البعض «الشعب يريد تنفيذ الاستفتاء» فهاجمهم البعض الآخر مطالبين بدستور جديد أولا، فضلا عن محاولة مقاطعة ممثلى المجلس الأعلى المشاركين فى الحوار وهم اللواءات: محمد العصار ومحمود حجازى وممدوح شاهين وإسماعيل عتمان، الذين استطاعوا تهدئة المشاركين.
وأكد ممثلو المجلس العسكرى أن القوات المسلحة ملك للشعب وسوف تستمر فى أداء دورها لتحقيق جميع مطالب الثورة، وشددوا على أن الجيش لن يتستر على فساد، وستتم محاكمة كل الفاسدين مع ضرورة وجود ضمانات للمحاكمة العادلة للجميع، وجددوا التأكيد على أن المجلس يسعى لتسليم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة ولا يسعى للقفز على السلطة، ولا يتدخل مطلقا فى شؤون القضاء، وأن الجيش يساند عودة الشرطة سريعا لأداء رسالتها السامية فى حفظ الأمن.وكشف اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكرى، فى رده على أسئلة الحضور، حول علاقة جهاز الأمن الوطنى بجهاز أمن الدولة المنحل، عن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصدد الإعلان عن مشروع قانون يحدد اختصاصات جهاز الأمن الوطنى حتى تكون هناك رقابة شعبية على الجهاز، وقال: إن هناك قرارا سيصدر قريبا أيضا بخصوص المحليات، مشيرا إلى وجود 3 اتجاهات فيما يتعلق بالمجالس المحلية، الأول أنه لو تم حل تلك المجالس فلابد من إجراء انتخابات خلال 60 يوما وفقا لقانون الإدارة المحلية، و«هو أمر مستبعد لأننا مشغولون الآن بالانتخابات البرلمانية والرئاسية الأهم»، الاتجاه الثانى حل المجالس وتعيين مجالس بديلة، واستطرد: «لكن ذلك سيواجه صعوبة كيفية اختيار البديل»، أما الاتجاه الثالث - بحسب شاهين - فهو حل تلك المجالس دون انتخاب أو تعيين مجالس بديلة، وأوضح أنه فى هذه الحالة ستتعطل شؤون المواطنين، كما أن المحافظين لن يجدوا من يراقبهم من خلال تلك المجالس، مشيرا إلى أن المجلس العسكرى يدرس الأمر وسيصدر قرارا بشأنه قريبا.
وقال اللواء إسماعيل عتمان، عضو المجلس العسكرى، مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، فى بداية الحوار: «كان لى الشرف كمتحدث عسكرى يلقى أول بيان يصدر عن القوات المسلحة بمناسبة أحداث 25 يناير واستمر فى إلقاء البيانات حتى البيان السادس إلى أن سلمت المهمة إلى المتحدث باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو اللواء محسن الفنجرى، كما أتشرف بتقديم أول لقاء يجمع ما يقرب من 150 ائتلافاً مع عدد من أعضاء المجلس العسكرى».
وتابع عتمان: «نوجز لكم فى هذا اللقاء دور القوات المسلحة فى الثورة وأهم التحديات التى تواجهنا، وأهم ما تحقق من إنجازات والرؤية المستقبلية ودور الشباب المنتظر».
وبدأ اللقاء بكلمة للواء محمد العصار، عضو المجلس العسكرى، الذى طلب من الحضور الوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء الثورة ثم قرأ جميع من فى القاعة سورة الفاتحة، ورددوا هتافات منها «ارفع راسك فوق إنت مصرى» و«الجيش والشعب إيد واحدة». وأكد العصار أن من أهم تحديات الثورة مواجهة الانفلات الأمنى والبلطجة بعد هروب 23 ألف سجين وبحوزتهم ذخائر وأسلحة من السجون خلال أحداث الثورة، مشيراً إلى أن الأمن بدأ يتحسن فى الآونة الأخيرة، ووصل إلى مستوى جيد.
وأوضح أن «سنوات الكبت والفساد الطويلة» التى عاشها الشعب المصرى هى ما دفعته للثورة، حتى نجحت وتحققت، محذراً من الفتنة الطائفية ومحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب، بالإضافة إلى وجود قوى معادية للثورة من الداخل، فضلا عن الإعلام كتحد رئيسى خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن المجلس العسكرى رصد نحو 82 شخصية شنت هجوما حادا على المجلس خلال أسبوع واحد فقط فى الفضائيات من 21 وحتى 28 مايو الماضى.
وتحدث اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، عضو المجلس العسكرى، فى الشق القضائى، لافتا إلى أن القضاء العسكرى هو القضاء الطبيعى لمحاكمة البلطجية وكل من تسبب فى إثارة الذعر عقب الثورة. وكشف شاهين عن أن المشير طنطاوى رفض تفعيل قانون الطوارئ، وأوضح أن المحاكم العسكرية أصدرت أحكاما رادعة فى 1800 قضية بلطجة، ساهمت فى عودة الهدوء للشارع المصرى، فضلا عن 8 أحكام بالإعدام فى قضايا قتل واغتصاب.
وحول محاكة رؤوس الفساد قال اللواء شاهين: «إن المجلس العسكرى لا يتدخل مطلقاً فى قرارات القضاء»، مشيراً إلى أن البطء فى المحاكمات يرجع إلى حرص القضاء على الحصول على الأدلة الكافية ضد المتهمين من جميع الجهات بمختلف المحافظات، خاصة فيما يتعلق بقضايا الكسب غير المشروع، مؤكدا أن مصير الرئيس السابق حسنى مبارك أصبح الآن فى يد دائرة الجنايات التى تحاكمه.
وتحدث اللواء محمود حجازى، عضو المجلس العسكرى، مدير إدارة التنظيم والإدارة، حول دور القوات المسلحة فى ثورة 25 يناير، وبدأ بمحور أهمية استعادة الذاكرة «بمعنى أن المصريين أحفاد لأجداد يعود تاريخهم لنحو 7 آلاف سنة حضارة»، مؤكدا أن ما حدث هو «ثورة لشعب متحضر استعاد ذاكرة أجداده وقام ليعبر عن مطالبه».
وأضاف أن ما جعل الثورة متفردة هو أنها سلمية، وشدد على ضرورة أن تبقى سلمية حتى انتهاء المشوار وتحقيق الأهداف، وتابع: «أنا أتحدث عن الثوار الحقيقيين وليس البلطجية الذين أساءوا للثورة، فمن كان يخرب لا ينتمى للثورة وللثوار، ولكن لفلول النظام السابق»، موضحا أن الثورة أعلت قيمة المواطنة، مشيرا إلى «نموذج يحتذى به عندما كان يحرس المسيحيون المسلمين، وكذلك عندما قام المسلمون بحماية المسيحيين فى ميدان التحرير أثناء الثورة».
كما تحدث حجازى عن مسؤولية حماية الثورة بسبب دخول متغيرات تضعف من رصيد الثورة وتقلل من قيمتها، وطالب بضرورة أن يبقى الشعب المصرى حذرا وعلى درجة من الوعى لإجهاض مخطط أصحاب تلك المتغيرات، وقال: «جلستنا بهذا التحضر رسالة قوية لمن يشكك فى حضارة هذا الشعب ويصفه بأنه لا يمكن إدارة حوار معه». وأكد أن ثوابت القوات المسلحة تقوم على أن القوات المسلحة لا يمكن أن تقفز على السلطة، وأن الجيش هو ملك للشعب، وبالتالى فإن الرصاص يوجه للعدو فقط، لأن مهمة أفراد القوات المسلحة تأمين البلد وليس مهاجمة الشعب، وبالتالى كان طبيعيا أن نرفض استخدام السلاح ضد الشعب تحت أى مسمى. وتساءل حجازى: «كيف سيكون الحال لو القوات المسلحة عندما نزلت إلى الشارع سلكت مسلكا عكسيا؟»، حينها ثار الحضور ورددوا «كنا هنبقى ليبيا»، وشددوا على أن «الجيش والشعب إيد واحدة». ووزعت القوات المسلحة خلال اللقاء استطلاعا للرأى يتكون من 23 سؤالا حول تطورات الأحداث فى مصر بعنوان «مصر أولا»، وتضمنت الأسئلة تقديم مقترحات يمكن أن تنفذ خلال الفترة الانتقالية الحالية وما يهدد الثورة وتقييم أداء المجلس العسكرى، وكتابة النقاط السلبية فى تعامل المجلس العسكرى مع الأحداث، فضلا عن تقييم أداء حكومة د. عصام شرف. كما تضمن الاستبيان كتابة اسم أحد مرشحى رئاسة الجمهورية الذين يؤيدونه من بين الأسماء التالية: «عمرو موسى ود. محمد البرادعى وأيمن نور وحمدين صباحى ود. كمال الجنزورى، وأسماء أخرى تذكر»، وطبيعة نظام الحكم الذى يريده المصريون وأهم البرامج التليفزيونية التى يفضلونها، بالإضافة إلى أسئلة أخرى حول كيفية عودة الأمن وتقييم قانون مباشرة الحقوق السياسية.