فترة استثنائية وحرجة مرت على مصر اختطفت فيها جماعة إرهابية مقاليد الأمور، واستحلت فيها الدماء والمال والأعراض لا يزال يدور الكثير من التساؤلات فى أذهان المصريين عن انتقام الإخوان بمحرقة الكنائس ومذبحة ماسبيرو. وماذا حدث فى خطاب عزل مرسى؟، ماذا وراء كواليس مشاركة البابا تواضروس الثانى، بابا الأسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فى هذا الخطاب؟.. تساؤلات كثيرة يجيب عنها بالوثائق والأدلة الكاتب الصحفى جمال جورج فى كتابه «البابا والمشير». اختيار اسم الكتاب لم يكن من قبيل الصدفة أو لإثارة نهم القارئ إنما يصف فترة التقاء البابا تواضروس بالمشير عبد الفتاح السيسى ويكتب عن المواقف التى تمت بينهما منذ أن كان السيسى «فريق أول» وقائداً عاما للقوات المسلحة حتى وصوله للرئاسة وما تلتها من اتصالات ومقابلات.
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول وبدءا من الفصل الأول يدخل المؤلف مباشرة إلى عصب العلاقة الخاصة بين البابا تواضروس والسيسى وما جمعهما واجتمعا عليه ويبحث التساؤل عن سبب حرص البابا على توطيد العلاقة مع الرئيس وقصة بناء أكبر كاتدرائية فى تاريخ الأقباط أهداها لهم الرئيس فى العاصمة الإدارية الجديدة ووصفوها «بفردوس الأقباط».
فيما يعرض الفصل الثانى لفترة الظلم والألم التى تعرض لها الأقباط والتهديدات التى طالتهم خلال عام أسود كان الحكم فيه للميليشيات والعصابات المسلحة بمساندة قطر وتركيا ودول تقاطعت مصالحها السياسية مع مصر ودور الكنيسة الوطنى الذى دفعها للانحياز للقوات المسلحة، وما حقيقة الضغوط التى تعرضت لها الكنيسة من قبل التنظيم الإرهابى، وكيف أغلق البابا الباب فى وجه النشطاء وتجار الفتنة والمنظمات الدولية والإدارات الأجنبية عقب حرق الكنائس؟، وماذا كان دوره تفصيليا لتحسين صورة مصر بالخارج بعد ثورة 30 يونيو لتغيير مصطلح انقلاب عسكرى والذى كان يردد جهاراً نهاراً إلى ثورة شعبية مدعومة بقوة الجيش المصرى؟، هل كانت هناك محاولات فاشلة لاغتيال رأس الكنيسة انتقاما منه على دعمه 30 يونيو شرعت فيها عناصر التنظيم الإرهابى؟، وما هو دور حارسه فى التصدى لتلك المحاولات؟ هل التقى البابا بالمرشد العام للاخوان بعد ضغوط مورست عليه من قبل بعض المحيطين أم أنه رفض كل الوساطات؟، وانتقام الإخوان بحرق ما يقرب من 123 كنيسة تحديداً بعد سقوط نظامهم وفض اعتصامات رابعة والنهضة، وكيف أن الإخوان دفعوا 100 ألف قبطى لطلب اللجوء الدينى للخارج، هربوا خوفاً على أرواحهم وكواليس أربعة لقاءات معلنة تمت بين أعضاء الكونجرس الأمريكى والبابا تواضروس تشهد عليها جدران المقر البابوى بحى العباسية وحكاية الإمارات مع البابا. بينما كشف الفصل الثالث عن أسرار مذبحة ماسبيرو التى أودت بأرواح شهداء أبرياء خرجوا يعبرون عن احتجاجهم على هدم كنيسة فى محافظة أسوان أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون ليتحول فى غفلة من الزمان الاعتصام الى بقرة مقدسة وحولوا الساحة المقدسة الى مرتع لهدم الوطن واستغلالها من قبل أطراف داخلية وخارجية للبحث عن زعامات واهية ومغانم مادية وسياسية دون النظر لمصلحة الوطن، يضم هذا الفصل وثائق وشهادات ومعلومات تبرز دور الطرف الثالث فى افتعال وتصعيد الأحداث للإيقاع بين الأقباط والقوات المسلحة فى هذا التوقيت وحصول الكاتب على شهادات شهود لأول مرة من أطراف مختلفة سواء قيادات سابقة فى الشرطة العسكرية أو شهود عيان كانت لهم روايات وأسرار يتم سردها لأول مرة وعلاقة بعض النشطاء المحسوبين على الاشتراكيين الثوريين وعناصر اجنبية وبعض تجار الدم من مشعلى الحرائق والفتن فى مذبحة ماسبيرو. ويتناول الفصل الأخير قصة ميليشيات التحريض الإلكترونية ضد الدولة وتوجيهها للشارع القبطى، وليسدل الستارعلى الحبر الذى دون إصرار ومجهود شارك فيه الكثير من الجنود المعلنة والخفية لرفع كلمة الحق ويناقش وضع الأقباط خلال وجود جهازالأمن الوطنى الذى سخر جهوده لرصد الشبكات الإرهابية ومتابعتها واقتناصها قبل أن تنفجر فى وجه المجتمع ونجاحه فى إحباط مئات المحاولات التى كانت تستهدف تفجير الكنائس والمنشآت القبطية لم يعلن عنها، ولماذا كان قانون بناء وترميم الكنائس أحد أكبر التحديات التى واجهت جهاز الأمن الوطنى، وحقائق أخرى لأول مرة تعرف من أكثر الأجهزة سرية حول العالم.
وقال المؤلف جمال جورج لـ «المصرى اليوم»: كان لقداسة البابا تواضروس بصمة حقيقية فى الكتاب، حيث هو من قام بتعديل الغلاف وتصويب خطأ ما عليه تمثل فى صورته وهو يحمل الصليب معكوسا فى اليد اليسرى بينما طبقا للطقس الكنسى؛ فإن الصليب يحمل فى اليد اليمنى وهو ما تم تداركه قبل الطبع مباشرة.
وعن أسرار الكتاب بعد نزوله معرض القاهرة الدولى لعام ٢٠١٨، ذهب رئيس معرض الكتاب بنفسه لشراء نسخة منه رغبة فى التعرف على محتواه وهى كانت بمثابة مفاجأة للجميع كما أن مكتبة الإسكندرية أودعت كتاب «البابا والمشير» بقسم الكتب السياسية وأرسلت لى خطاب شكر خاص وصفت فيه الكتاب بأنه عمل قيم ونادر.