مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي: ندعم «السترات الصفراء».. ونرفض رحيل ماكرون (حوار)

كتب: اخبار الإثنين 24-12-2018 21:11

«ندعم السترات الصفراء ونرفض المطالبة برحيل ماكرون»، بهذه الكلمات بدأت مارين لوبان، زعيمة اليمين الفرنسى المتطرف حوارها مع «المصرى اليوم» حول أزمة مظاهرات «السترات الصفراء»، وأعمال التخريب التى حدثت فى باريس والاتهامات الموجهة لها ولحزبها بدعم هذه المظاهرات لإسقاط الجمهورية الفرنسية، سألناها عن أسباب الأزمة من وجهة نظرها والحل، وخطاب الرئيس إيمانويل ماكرون ومطالب الشارع والمتظاهرين والتخريب والمخربين.. عن الجبهة الداخلية ووضعها الحالى وما قيل عن تدخلات خارجية، واجهناها بالاتهامات التى وجهت لها بالتنسيق مع أقصى اليسار لإشعال فتيل الأزمة وجر فرنسا للفوضى.. وإلى نص الحوار:

■ كان لكم موقف منذ نزول السترات الصفراء للشارع.. ألم يتغير بعد خطاب ماكرون؟

- من البداية، ندعم السترات الصفراء وهى حركة عشوائية ليست لها قيادة سياسية أو نقابية، ولو نظرنا إلى ثورة مايو ١٩٦٨، نجد أننا أمام أمر سياسى فريد، واتضح لنا أن ٥٨٪‏ من المحتجين، من ناخبى مارين لوبن، ولو نظرنا إلى البيان الذى نشروه تجده البرنامج السياسى لى، وهذا هو شعب فرنسا المركزى، الذى داست عليه السياسات الفرنسية منذ 40 عاماً، والمتضرر من سياسات العولمة الليبرالية التى عمقها ماكرون وسياسته الضريبية غير العادلة بالمرة، فعندما وصل للحكم أعطى هدايا للطبقات التى انتخبته بخفض ضريبة الدخل بنحو ٥ مليارات يورو، وعاد ووزعها على الطبقات الوسطى والطبقات التى تحتج الآن هى ضحية سياسة ماكرون غير العادلة التى تحابى الأغنياء وتحمل على الفقير، وإعلانات ماكرون التى جاءت فى خطابه لن تغير الاتجاه الليبرالى الذى يتبناه، هى إعلانات سطحية تحاول أن تطفئ اللهيب الاجتماعى الذى أشعله.

■ إلى أى مدى يرضى خطاب ماكرون مطالب اليمين؟

- الإعلانات التى أطلقها ماكرون لا تلبى طموحات اليمين ونريد تغييرا جذريا لسياساته، وما أعلنه هو تغيير شكلى الهدف منه ليس الرد على المتظاهرين، لأن المشكلة الاجتماعية التى تواجهها فرنسا مزدوجة، أولاها نزول السترات الصفراء للشارع وهى حركة اجتماعية مسنودة من ٨٤٪‏ من الشعب، ويحاول ماكرون أن يفصلها عن الفرنسيين الذين يدعمونها، ووصفهم ماكرون بأنهم لصوص وهمج ومخربون ولم ينفع هذا، فما قاله سطحى ليرى الرأى العام أن حركة التظاهر أصبحت غير شرعية، ومعركته ليست مع المتظاهرين الذين هم فى الشارع، لكن مع الشعب الفرنسى الذى لم يتظاهر والذى يؤيد مطالب السترات الصفراء ويدعمهم.

وإذا حسبنا الأحزاب الثلاث التى تكافح نظام العولمة نجد أن ٨٨٪‏ من الناخبين انتخبوهم ممثلة بنسبة ٤٪‏ فى مجلس الشعب، وحزب التجمع الوطنى الذى أقوده حصل على ٣٤٪‏ من مجلس الشعب ولديه ٦ مقاعد فقط من ٥٧٧ نائب فى البرلمان، وبذلك أقول لو أن النظام أراد أن يكون هناك توازن بين المندوبين والأحزاب التى يمثلونها عليه أن يحل المجلس.

■ لكن هذه الأصوات هى التى جاءت بالمجلس، لماذا تنقلبون على الديمقراطية الآن؟

- لن نكون أفضل من الرئيس الأسبق، شارل ديجول، ونكتفى بمراقبة الحركة الاحتجاجية، ففى مايو ١٩٦٨ كان هناك ضحايا وتخريب وثورة ضد الشرطة، خرج ديجول، وحل مجلس الشعب وبعده نال أغلبية المجلس، ولكن هذا لن يحدث لماكرون، لأنه يخشى من حل مجلس الشعب، رغم أنه يمثل الحل الدستورى، وإن تم حله ستكون الأغلبية للتجمع الوطنى، وهو أمر ليس على هواه السياسى.

■ ألم يكن هناك حوار خلف الكواليس ولقاءات جمعتك بماكرون لحل الأزمة؟

- كان هناك فقط قبل خطاب ماكرون، فاجتمع رئيس الوزراء برؤساء الأحزاب ضمن الحوار السياسى العادى ولكن غير ذلك لا توجد لقاءات أو حوارات لحل الأزمة من خلف الكواليس.

■ بم تصفين عدم الحوار مع المعارضة؟

- المعارضة فى الهواء وفى البرلمان «زيرو»، لأن الأغلبية العظمى، فى مجلس الشعب تذهب لحزب «الجمهورية للأمام».

■ انتقدتم لجوء التيارات المتأسلمة فى الربيع العربى عندما نزلت للشارع والآن تستخدمون نفس الآلية فى إسقاط النظام.. بم تردين؟

- نحن لا نطالب بإسقاط النظام، فهو نظام المؤسسات وليس نظام فرد واحد، والرئيس الذى كان على رأس فرنسا فى ٢٠١٧ غير الذى كان فى ٢٠١٦، وغيره الذى كان فى ٢٠١١ وهو يختلف عما حدث فى الربيع العربى رغم أنه كان فى بدايته حركة احتجاجية عفوية ولأن المؤسسات فى الدول العربية ضعيفة خطفتها جماعات وجهات خارجية كانت مصلحتها إسقاط الأنظمة.

■ إذن لماذا تطالبون برحيل ماكرون؟

- لا يوجد أحد فى فرنسا يطالب باستقالة الرئيس، ولا يوجد فرد أو مؤسسة يطالب بإسقاط أو استقالة الرئيس، وقبل أن نطلب الكارثة السياسية العظمى، وهى استقالته توجد حلول وسط، تتمثل فى حل مجلس الشعب أو إقالة الحكومة.

■ ما تقييمكم لأداء حكومة إدوارد فيليب وإدارتها للأزمة؟

- الحكومة لم تدر الأزمة بكفاءة لأنها لا تمثل طلباتنا، وهم ليسوا سياسيين، ماكرون أخذ كبار موظفى الدولة وعينهم وزراء، ولا أحد يعرف من هو وزير العمل ولا العدل ولا تجد عملا يذكر لهذه الحكومة.

■ ألم يكن هناك مهاجرون فى مظاهرات السترات الصفراء؟

- لم يكن هناك فرنسى من أصل أجنبى، وسألت فرنسيين من أصل جزائرى قالوا إنها ليست مشكلتنا.

■ لكن أنت متهمة بأنك تقفين وراء تحريك السترات الصفراء؟

- قلت لك إنها حركة عفوية وليس هناك أى نداء سياسى أو نقابى بها، ولا يوجد تسييس للحركة وإن كان زعيم أقصى اليسار ميلانشو يحاول تسييسها، فإن 50% ممن يتظاهرون دعمونى فى انتخابات الرئاسة، هل هذا يكفى أن تقول إننى أقف وراء السترات الصفراء؟

■ هل تعارضين تسييسها؟

- جورنال «لوديمانش» نشر إحصائية عن معهد «إيفوب» تقول لو حصلت الانتخابات الرئاسية غدا ستفوز لوبن بأول دور بـ27.5% وإحصائية تقول إن قائمة التجمع الوطنى ستفوز بـ٢٤٪، مقابل 18% لقائمة الجمهورية للأمام، وهو ما يفيدنا.

■ لكن كل المؤشرات تقول أنتم وأقصى اليسار تتعاونان فى الشارع؟

- هذا يشبه حالة إيطاليا حيث حركة خمس نجوم ورابطة الشمال الحاكمتين، وأقول إن ما حدث فى إيطاليا شىء لا يصلح هنا، لأن ميلانشون يريد فتح باب الهجرة وهذا يجعل تحالفنا مستحيلا، وحصل أن اتفقنا على الانتخابات فى البرلمان لكن لا يمكن أن نحكم معا وتم انتخابنا فى مجلس الشعب لكن لا يمكن عمل برنامج مشترك نحكم به بعد تراجع شعبيته.

■ أنتم مازلتم متهمين بتخريب فرنسا؟

- وما هى مصلحتنا فى ذلك؟، اليمين القومى يحب بلده ولا يوجد قومى تحت أى سبب يريد أن يخرب بلده بدليل أن عناصر من السترات الصفراء ذهبت إلى الاليزيه وطالبت باستقالة ماكرون ورفضنا ذلك.

■ لكن الإعلام صدر لنا المخربين من المهاجرين؟

- يوجد مخربون ولصوص، والذين يتبعون أقصى اليسار هم المخربون يكسرون البنوك والمصالح الاقتصادية، لأنهم يرونها ضد أيدلوجيتهم بعدها يأتى الفرنسيون من أصل أجنبى المتهمون بالسرقة.

■ البعض تحدث عن وجود تدخل أجنبى فى الحركة.. ما رأيك؟

- لا أعتقد هذا.

■ وما رأيك فى الاتهامات التى وجهتها فرنسا لترامب؟

- ليست لدينا معلومات ولا ندخل فى نظريات المؤامرة، وروسيا اتهمت أيضاً بدعم السترات الصفراء عبر فيس بوك، لكن لا توجد أدلة

■ ماذا عن التلاسن الفرنسى- الأمريكى من وجهة نظرك؟

- العالم يقلب صفحة نظام العولمة الذى يحكم منذ ٤٠ عاماً، هذا الوضع يتغير منذ ٢٠١٦ كل الذين جاءوا يؤمنون بالقومية وسيادة البلد وحماية شعبها، هناك رياح أيديولوجية جديدة تهب فى العالم، وماكرون يمثل العولمة القديمة ويكافح رد فعل هذه الرياح التى يطالب بها الشعب.

■ إذا حل ماكرون مجلس الشعب.. هل ستطالبون أنصاركم بالعودة للمنازل؟

- نعم إذا حل مجلس الشعب سيجعل الاحتجاجات لا مبرر لها.

■ هل يقتنع اليمين بحل المجلس؟

- نعم هو حل دستورى وشرعى.

■ قارنت بين مايو ١٩٦٨ والآن، يقال إن اليمين ركب الموجة لتحقيق مكاسب سياسية؟

- السترات الصفراء تعتمد على اليمين، لأنهم ينادون ببرنامجنا والبيان الأول الذى أصدروه من برنامجنا.

■ كيف تنظرين لتناول الإعلام الأوروبى والعربى لأزمة الاحتجاجات؟

- الإعلام الأوروبى مسيس يساند ماكرون، وفى البلاد العربية ينظرون للسترات الصفراء على أنها مثل حركة ٢٥ يناير، وحتى الآن لا يوجد أى حزب أو نقابة تسيطر عليهم.

■ هل تتوقعين انتهاء حركة السترات الصفراء؟

- لن تنتهى، واليوم ترى أكثر من نقابة شرطة انضمت لها، ولا أحد يعرف متى ستنتهى الحركة.

■ ما هى الروشتة التى تقترحينها لحل الأزمة؟

- الكرة فى ملعب القيادة، ولو لم تنته المسببات لن تنتهى الحركة.

■ فرنسا إلى أين فى ظل الاحتجاجات من وجهة نظرك؟

- فرنسا تتغير ويمكن أن يكون التغيير بطريقة همجية وتخريبية عنيفة، وتاريخ فرنسا ملىء بالأحداث العنيفة وفى ١٩٨١ عندما انتخب ميتران على برنامج اقتصادى كانت العولمة وقتها، ولم يستطع أن يستمر فى مكانه، وفى ١٩٨٣ تبنى استراتيجية جديدة، والمشكلة حاليا هى ضرورة أن نسير مع العولمة الجديدة، فمنذ 40 عاما، لم تستطع فرنسا أن تكون خارج لعبة العولمة.

■ البعض يوجه لك انتقادات بأنك منذ ١٨ شهرا لم تحوزى ثقة الشعب لتصبحى رئيسة للجمهورية، لماذا أنت متأكدة من حصولك على أصوات الناخبين؟

- الإحصاءات تقول ذلك.

■ لكن الشعب الفرنسى يكرهك؟

- يكرهنى، ولكن لا يقبل الواقع.

■ ما هى رسالتك للرئيس؟

- أنت لست رئيس العالم.. حقق مصالح شعبك، لقد انتخبك الفرنسيون لتحقيق مصالحهم وليس لتحقيق مصالح الآخرين.