اعتقالات وقنابل غاز فى السبت الخامس من احتجاجات فرنسا

كتب: محمد البحيري, وكالات السبت 15-12-2018 22:27

اعتقلت الشرطة الفرنسية أكثر من 200 شخص من متظاهرى «السترات الصفراء»، أمس، خلال الاحتجاجات التى استؤنفت للأسبوع الخامس على التوالى، وشهدت اشتباكات مع المحتجين الذين استخدمت الشرطة الفرنسية قنابل الغاز ضدهم لتفريقهم فى وقت مبكر.

وكانت قوات الأمن حافظت على مستوى انتشارها واستراتيجيتها فى باريس، إلا أن أعداد عناصر الأمن المنتشرين فى جموع فرنسا انخفضت من 89 ألفا، الأسبوع الماضى، إلى 69 ألفا.

وقال وزير الداخلية الفرنسى، كريستوف كاستانير، إن الوقت حان كى يخفف المتظاهرون من احتجاجاتهم ويقبلوا بما حققوه من أهداف، مشدداً على أن «الشرطة تستحق أن تأخذ راحة أيضاً»- بحسب تعبيره.

وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن أعداد المتظاهرين كانت أقل من الأسبوع الماضى، وأرجعت ذلك إلى رضى البعض بالإجراءات التى اتخذها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ردا على الاحتجاجات السابقة، والتى تتضمن زيادة الحد الأدنى للأجور بنحو 100 يورو، وإلغاء الضرائب على أوقات العمل الإضافى، ومعاشات المتقاعدين.

وبدت باريس من جديد مدينة فى حالة حصار من آليات مدرعة فى الشوارع إلى انتشار أمنى كثيف ومصارف ومحال تجارية سدت واجهاتها بألواح خشبية. وفى أجواء البرد القارس، بدأ المتظاهرون يصلون فى مجموعات اعتبارا من الساعة الثامنة صباحا. وفى يوم السبت من الأسبوعين الأخيرين بلغ عدد المتظاهرين 136 ألف شخص، لكن التجمعات شهدت أعمال عنف، خصوصا فى باريس.

ويزداد تأثير هذه الأزمة الاجتماعية غير المسبوقة والأسوأ فى عهد ماكرون، على الاقتصاد الذين ستكون نسبة نموه الضعيفة أساسا أقل من التقديرات.

وحول قوس النصر الذى تعرض للتخريب فى الأول من ديسمبر، تمركزت شاحنات الدرك منذ الفجر، بينما شوهدت شاحنات مزودة بخراطيم مياه فى الجادة التى تحولت خلال أسابيع إلى مركز التظاهرات. ولمواجهة أى فلتان، أعلنت السلطات فى باريس عن نشر 8 آلاف عنصر من قوات الأمن و14 آلية مدرعة.

وفى محيط الشانزليزيه أكدت ماريا، التى تملك حانة،أإنها تخشى فلتانا جديدا. وقالت: «لدينا أوامر بإغلاق الحانة عندما يبدأ إطلاق الغاز المسيل للدموع». وأضافت «ليتظاهروا، هذا ليس مشكلة، لكن هذا التخريب يسبب أضرارا». ودعا أحد محتجى «السترات الصفراء» من فوكلوز (جنوب) كريستوف شالانسون، الذى يعد من الممثلين «البنائين» فى الحركة، إلى «مزيد من الحزم»، وقرر التظاهر السبت «حتى استقالة» الرئيس.

وصرح ماكرون، الذى تهاجمه هذه التظاهرات، فى بروكسل، أمس الأول، بأن «بلدنا يحتاج اليوم إلى الهدوء، يحتاج إلى النظام». وأضاف الرئيس الفرنسى، الذى كان يتحدث فى ختام قمة أوروبية «قدمت ردا» على مطالب «السترات الصفراء»، أن «الحوار لا يتم باحتلال الأماكن العامة والعنف».

وكان ماكرون المصمم على ألا يسمح لهذه الحركة بوأد برنامجه الطموح للإصلاحات التى تواجه معارضة كبيرة، قدم سلسلة تنازلات إلى «السترات الصفراء»، أكثرها رمزية زيادة المساعدات الاجتماعية للذين يتلقون حدا أدنى من الأجور بمقدار 100 يورو. لكن المواقف من إجراءات ماكرون كانت متباينة داخل حركة الاحتجاج التى تطالب بخفض الضرائب وتعزيز القوة الشرائية.

وقال لودوفيك (40 عاما)، الذى جاء للتظاهر فى باريس، معبرا عن أسفه، إن «مئة يورو إضافية لا تهم سوى عدد قليل من الأشخاص».

ودعا معتدلون من الممثلين بمجموعة «السترات الصفراء الأحرار» إلى «هدنة» ورأوا أنه «حان وقت الحوار»، لكن آخرين أبدوا تصميمهم على النزول إلى الشوارع من جديد للحصول على مكاسب اجتماعية واقتصادية جديدة.

وخرجت مانشيتات الصحف الفرنسية متباينة، فكتبت صحيفة «لوباريزيان» أن «تحقيق الهدف أو خسارة كل شىء»، بينما كتبت صحيفة «لوفيجارو» أن «ماكرون يعول على التشاور لإخماد الاحتجاج».

وتخشى السلطات وقوع حوادث جديدة بعدما انتهى السبت الماضى بعدد قياسى من المعتقلين (حوالى ألفين) وأكثر من 320 جريحا وأضرار فى العديد من المدن، بينها باريس وبوردو وتولوز (جنوب غرب). وكان نحو 136 ألف شخص نزلوا إلى الشوارع فى ذلك اليوم. وفرضت إجراءات حماية على الدخول إلى المؤسسات، مثل قصر الإليزيه والجمعية الوطنية.

وقررت مجموعة «كيرينيج» للسلع الفاخرة (جوتشى وايف سان لوران وبوشرون) إغلاق محالها، لكن المراكز التجارية الكبرى مثل «جاليرى لافاييت هوسمان» ستفتح أبوابها. وفى بوردو، التى شهدت أعمال عنف واسعة، السبت الماضى، سيكون عدد من الحدائق العامة والمكتبات والمتاحف والأوبرا مغلقا.

وفى جنوب شرق فرنسا، فى مدينة أفينيون، منع التظاهر داخل المدينة القديمة. وستجرى مسيرة خارجها فى ذكرى مصرع أحد المحتجين بعدما صدمته شاحنة عند دوار.