الطيران المدني.. بوابة إسرائيل للتطبيع مع السودان وتشاد

كتب: اخبار الأربعاء 12-12-2018 21:57

كتبت: سيبويه يوسف

فى أول رد فعل على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بقرب عبور الطائرات الإسرائيلية الأجواء السودانية، فى رحلاتها إلى دول أمريكا الجنوبية، نفت سلطات الطيران المدنى السودانية عبور الطائرات الإسرائيلية لأجواء السودان دون إذن مسبق، وقال الناطق الرسمى باسم الطيران المدنى السودانى، عبد الحافظ عبد الرحيم، فى بيان صحفى اليوم الإربعاء، إن الطائرات الإسرائيلية لن تتمكن من عبور أجواء السودان إلا بإذن من وزارة الخارجية، وسلطات الطيران المدنى، بينما كانت الخطوط الجوية الكينية طلبت رسميا من الخرطوم السماح لطائراتها بعبور الأجواء السودانية، فى رحلاتها الأسبوعية إلى تل أبيب فى عام 2019.

وبتلك التصريحات تقترب الحكومة الإسرائيلية من خطوات التطبيع مع الخرطوم، إذ نقلت وكالة «رويترز» عن نتنياهو قوله، مؤخرا، إن شركات الطيران الإسرائيلية ستتمكن من التحليق فوق السودان، فى طريقها لدول أمريكا الجنوبية، مشيرا إلى خطوات لتحسين العلاقات مع الخرطوم وعزل إيران، وأوضح أن محادثاته مع الرئيس التشادى، إدريس ديبى، ساعدت فى فتح مسار جوى جديد إلى أمريكا الجنوبية.

ويقول دبلوماسيون إسرائيليون إن اتصالات جرت مع السودان، فى السنوات الأخيرة، لكن السلطات السودانية أحجمت عن الاعتراف بها، وكانت القناة العاشرة الإسرائيلية نقلت عن الدبلوماسى بوزارة الخارجية الإسرائيلية، بروس كشدان، أنه كشف عن لقاء سرى، قبل حوالى عام، فى إسطنبول، بمسؤولين سودانيين كبار، برئاسة مساعد خاص لرئيس المخابرات السودانية.

وكان وزير الاستثمار السودانى السابق، مبارك الفاضل المهدى، أول مسؤول سودانى أثار جدلا فى مسألة التطبيع، عندما ذكر، العام الماضى، أنه يدعم علنا تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإسرائيل، ونشر موقع صحيفة «هاآرتس»، الإسرائيلية، تصريحات المهدى فى عنوان رئيسى، ووجه وزير الاتصالات الإسرائيلى، أيوب قرا، بدعوة للمهدى لزيارة إسرائيل.

وقال المسؤول فى الحزب السودانى الحاكم، رئيس قطاع الإعلام، إبراهيم صديق، فى تصريحات، إن إسرائيل تسعى لتطبيع العلاقات مع السودان لأسباب اقتصادية، وأوضح أن الواقع الدولى والإقليمى يشهد هشاشة، بالإضافة إلى أن أكثر العلاقات بين الدول ارتبطت بالمصالح، فى حين تراجعت المواقف ذات الطابع المبدئى، كما أن النمو فى القارة الأفريقية شكل مدخلا جديدا لإسرائيل. وقال الفاتح محجوب، مدير مركز الراصد للدراسات الاستراتيجية والسياسية بالسودان، إنه يجب على الحكومة السودانية تبنى استراتيجية تقوم على التعامل مع إسرائيل وفقا للوضع الراهن، وأضاف أنه على المسؤولين السياسيين التخلى عما سماه بـ«هيستيريا» المصافحات فى المؤتمرات والمحافل الدولية، وقال رئيس حزب الوسط الإسلامى، يوسف الكودة، إنه لا يوجد مانع دينى فى إقامة علاقات مع إسرائيل، بينما ذكر وزير الخارجية السودانية السابق، إبراهيم غندور، أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل قضية يمكن طرحها للنقاش، وكان الرئيس السودانى، عمر البشير، أعلن فى عام 2012 أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يمثل خطا أحمر.

وشهدت العلاقات السودانية- الإسرائيلية، فى السنوات الماضية، العديد من الأحداث الدامية، إذ أقدمت طائرات إسرائيلية بشن غارات جوية عام 2009 على مناطق فى الساحل الأحمر استهدفت قوافل سيارات، وأشارت وثائق رسمية إسرائيلية إلى أنها تحمل أسلحة لـ«حماس»، ووصف فيه وزير الإعلام السودانى، أحمد بلال، الحادث حينها بأنه «قرصنة ويتنافى مع الأعراف الدولية»، وفى 2012، شنت إسرائيل غارة على مصنع اليرموك للذخائر جنوب الخرطوم، بزعم أنه يعمل على تزويد «حماس» بالأسلحة، كما أن الخرطوم لا تنسى الدور الإسرائيلى فى تمويل وتسليح الحركة الشعبية فى جنوب السودان، بقيادة الزعيم الجنوبى الراحل، جون جرنق، وهذا التمرد الذى انتهى بانفصال جنوب السودان، بجانب الدعم الإسرائيلى للحركات المسلحة فى دارفور. وشهد عام 1984 أكبر عملية تهجير ليهود «الفلاشا»، فى عهد الرئيس السودانى الراحل جعفر نميرى، عندما قامت إسرائيل بترحيل ما بين 7500 و8000 من ذوى الأصول الإثيوبية، خلال الفترة من نوفمبر 1984 إلى يناير 1985، وأثارت العملية حفيظة الأحزاب السياسية، وجرت محاكمات واسعة ضد الذين شاركوا فى تنفيذ العملية من المسؤولين السودانيين.

إلا أنه مع تطورات الوضع، باتت إسرائيل أكثر انفتاحا على أفريقيا، واستقبلت فى أكتوبر الماضى الرئيس التشادى إدريس ديبى، فى زيارة أثارت تساؤلات كأول زيارة لرئيس تشادى لإسرائيل، رغم مقاطعة تشاد لإسرائيل منذ 44 عاما، وذكرت تقارير أن الرئيس التشادى يبحث عن مواقف داعمة لمواجهة الإرهاب فى غرب أفريقيا، وتقديم دعم لقواته التى تقاتل تنظيمى «بوكو حرام» و«القاعدة» فى المنطقة. ويظل الدور الإسرائيلى يتزايد فى أفريقيا، بعد أن تبلور فى خمسينيات القرن الماضى مفهوم «الاتجاه الأفريقى» بهدف كسر حاجز العزلة، واختراق الطوق الذى فرضته الدول العربية على إسرائيل، وعقب ثورات الربيع العربى اندفعت تل أبيب بقوة إلى القارة السمراء، وأنجزت العديد من المشاريع فى مجالات متعددة، مثل التكنولوجيا الطبية، وتقنيات تصفية المياه، والتنمية والأمن والتدريب العسكرى، ومنها مشروع إنتاج السكر فى إثيوبيا بتكلفة 200 مليون دولار، ومشروع تنقية وإدارة مصادر المياه ببحيرة فيكتوريا، لتحسين حياة 5 ملايين شخص، واتفقت تل أبيب مع حكومة جنوب السودان عام 2012، على بدء مشروع لاستغلال الأراضى الخصبة ومشاريع للطاقة الشمسية، ومشروعات زراعية ومشاريع فى أوغندا، واستثمارات النفط فى الكونغو، وفى 2016 قام نتنياهو بزيارة لعدد من دول حوض النيل، شملت أوغندا وكينيا وإثيوبيا ورواندا، وأطلق على تلك الجولة عنوان «العودة إلى أفريقيا».