مؤخرا وللمرة الأولى على مسرح دار أوبرا دمنهور وفيما يعد معالجة مسرحية جديدة تتقاطع وتجليات ثورة 25 يناير عرضت مسرحية نجيب سرور «آه ياليل ياقمر» بمعالجة وإخراج وتحديث من المخرج أحمد عبدالجليل.ط
تدور أحداث المسرحية فى قالب غنائى استعراضى حول بهية أو«مصر» فى مسرح سرور التى تتعاقب عليها التجارب والمحن، ولاتكف عن التضحية والمقاومة والثورة وهى عروس الفارس ياسين الذى يموت حبيبها إلى جوار صديقه ورفيق مسيرته النضالية أمين فى «بهوت» القرية البسيطة التى عاشوا فيها قهر الاستبداد ووطأة الاحتلال، تعيش بهية على ذكرى ياسين وتود طوال الوقت معرفة قاتله بل وترفض الزواج من صديقه أمين الذى يحبها ويرى فى رغبة زواجه منها حفاظا عليها كأمانة فى عنقه تركها ياسين، كما يرفض أبوها إتمام هذه الزيجة رغم إلحاح الجميع وفاء لذكرى حبيبها وبعد إقناع الأب بأن زواجها سيأتى صونا لها وأنها قد تنجب ياسين الصغير لتتواصل السيرة والمسيرة والنضال وبعد إلحاح يوافق الأب ويتزوجها أمين ويسافر بها إلى بورسعيد حيث يعمل فى معسكر الإنجليز لكنه وآخرين من الفدائيين يقومون بعمليات فدائية لاتتوقف ضد الإنجليز فيستشهد مثلما استشهد ياسين.
حمل العمل فى طياته مجموعة من الشعارات بل والمبادئ التى تتقاطع بشكل واضح مع ما استجد على مصر بعد ثورة 25 يناير 2001 ومنها أن مصر لاترضى سوى بالحرية حتى وإن دفعت أبناءها جميعا للاستشهاد، وأن مصر مهما تغيرت الأحوال والظروف ومهما عاشت بعض سنوات من التراجع فإنها قادرة على استعادة مكانتها ودورها لتظل دائما مصر العظيمة القائدة والأم، وأن عصا الاستبداد الغليظة لن ترهب أبناءها القادرين على صونها دائما، وعن رؤيته الإخراجية لهذا العرض الذى سبق تقديمه على يد مخرجين آخرين يقول المخرج أحمد عبد الجليل: «إن طبيعة النص أتاحت لى فرصة تحويله إلى أوبريت غنائى أو أوبرا شعبية وأن سرور استطاع أن يمزج فى نصه بين تراثنا الشعبى من ناحية وبين واقعنا من ناحية أخرى فالكورس يمثل الضمير الجمعى والذى بدوره يعبر عن (ضمير الفلاح المصرى) والذى حرص على تسجيل كل حادث فى حياة القرية بالنظم والغناء ويرى عبد الجليل أن نجيب سرور استبدل الشعر فى المسرح بـ«شعر المسرح» المحمل بالدلالات الدرامية والحدثية ومسرحه يعكس الروح التى أبقت على إرادة الحياة فى الشعب المصرى، وصنعت معه وبه تراثه الشعبى.
يقول محمد منير مدير أوبرا دمنهور أنه برغم نخبوية مسرحيات سرور ورغم أن العرض جاء على دار الأوبرا التى يعتبرها البعض مسرح صفوة إلا إنه اندهش للإقبال الجماهيرى الكبير على العرض الثورى وكأنما العرض ومعالجته يلبيان حالة ثورية عامة ومن جانبه قال الملحن أحمد الدمنهورى أنه استلهم فى ألحانه للمسرحية التيمات الشعبية والفولكلورية المصرية وكذلك حرص على المذاق الحماسى الذى يتناسب وتدفق الحدث المسرحى والحالة المسرحية، ومن جانبه صرح سعيد راضى مدير ثقافة البحيرة بأن تقديم عرض للفرقة القومية وهى ابنة الثقافة الجماهيرية على مسرح أوبرا دمنهور لهو نجاح فى حد ذاته ولذلك فإننا لم نبخل عليه بالجهد والمال.