المشاركون بمنتدى تعزيز السلم يدعون لتشكيل «حلف الفضول» لمواجهة التطرف والإرهاب

وزير الخارجية الإماراتي يسلم جائزة الحسن الدولية للسلم لكل من الرئيس الإريترى ورئيس الوزراء الإثيوبي بسبب إتمام المصالحة بين البلدين
كتب: أحمد البحيري الجمعة 07-12-2018 00:05

أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ،وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتى، على أهمية انعقاد الملتقى السنوي الخامس للمنتدى، تحت عنوان «حلف الفضول – فرصة للسلم العالمي»، حيث يجمع الديانات الكبرى في العالم على كلمة سواء، قائلا: يشترك جميع أهل الضمائر الحية على تقدير مساعي الخير للإنسانية حق قدرها، من خلال تشكيل حلف فضول، تحتاجه البشرية في اللحظة الراهنة، لعله يخفف من الغلو والتطرف والكراهية المستشرية في العقول المريضة.

وقام وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتى ضمن فعاليات الملتقى السنوي الخامس ل«منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الذي يعقد تحت عنوان «حلف الفضول- فرصة للسلم العالمي» في أبوظبي بحضور معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، رئيس «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، بتسليم «جائزة الحسن الدولية للسلم» في دورتها الرابعة، إلى كل من الرئيس الأريتيري أسياسى أفورقى، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبى أحمد، حيث تسلمها كل من سفيرا البلدين في الإمارات، وذلك بسبب اتمام المصالحة بين اثيوبيا واريتريا بعد قطع العلاقات التي استمرت لسنوات طويلة .

وأثنى وزير الخارجية الاماراتى على دور كل من أسياسى أفورقى وآبى أحمد في البناء في صناعة السلام في منطقة القرن الإفريقي، التي هي أحوج ما تكون إلى رجال المصالحة والتنمية والبناء في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ المنطقة.

وأشاد وزير الخارجية الاماراتى بجهود الجميع في العمل الدؤوب من أجل لم شمل العقلاء والحكماء من كل الملل والأديان لخدمة الإنسان وحماية الأوطان في كل زمان أو مكان، متمنيا لمنتدى تعزيز السلم المزيد من النجاح، والمزيد من الإنجازات الخلاقة، التي يسجلها التاريخ؛ بصفحات مضيئة ناصعة في مسيرة صناعة السلام، التي باركها الله عزَّ وجلَّ، حينما جعل السلام من أسمائه الحسنى.

من جانبه قال الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، رئيس «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، إن «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، يجمع أولي بقية من العقلاء والحكماء من ثقافات وديانات وأعراق مختلفة ملاحظاً أننا غرسنا في ملتقى المنتدى الأول بأبوظبي سنة 2014، شجرة السلام، وتعهدناها في الملتقيات اللاحقة، ليقوى جذعها ويمتد فرعها للوقوف في وجه العواصف العاتية التي تهبُّ على البشرية، وتزعزع أركان بناء السلام؛ لأن العنف صار لغة كل مفلس في مشارق الأرض ومغاربها، وبات خطاب الكراهية سلعة رائجة في أسواق المزايدات الإيديولوجية، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك أولو بقية من المحبين للسلام، وهم وإن تنوعت مشاربهم، واختلفت أديانهم وألسنتهم، إلا أن مقاصدهم توحدت، فوضعنا أيدينا بأيديهم، وتقاسمنا وإياهم آمال السلام وآلام الواقع.

واستعرض الشيخ بن بيه منجزات المنتدى بين 2017 و2018 من خلال شقين: شق فكري تنظيري، لفت فيه إلى أن موسوعة السلم التي كانت من توصيات البيانات الختامية للملتقيات السابقة، صارت اليوم واقعاً، وسيخرج الجزء الأول منها خلال العام المقبل، مشيراً إلى أن أكثر بحوث الموسوعة قد خصص لتصحيح المفاهيم المفجّرة، كما أصدرت مجلة «السلم» أربعة أعداد فيها من فقه السلم وفكره ما يسدُّ بعض حاجات الفضاء الفكري ،أما الشق الآخر، فعملي ميداني، استعرض فيه معالي الشيخ ابن بيه، فعاليات ومشاركات المنتدى التي قامت بالترويج للسلام والتخفيف من غلواء التعصُّب والكراهية .

وأوضح بن بيه أن القيمة المضافة التي يقدمها الملتقى الخامس، تكمن بكون المنتدى يستثمر في كل ملتقى مخرجات الملتقيات السابقة، والدليل مجموع المبادرات التي قدمها خلال السنوات الأربع التي تلت تأسيسه، وهي مبادرات حية ومستمرة، وليست رهينة حاجات طارئة، أو ناتجة عن انفعالات غير مدروسة.

وفي سياق الملتقى الخامس أشار إلى أن المنتدى استطاع من خلال الملتقيات السابقة أن يقدم معالجة أصيلة وعلاجاً ناجعاً، وأن يثري الساحة برؤية جديدة ورواية تجديدية في إطار الأوضاع الاستثنائية المتأزمة التي شهدها العالم الإسلامي ذلك لأنّ المنتدى لم يزل منذ محطته التأسيسية يضع نصب عينيه الأفق الإنساني الأرحب، من خلال الوَعْي العميق بدرجة التشابك بين مصائر الشعوب وأوضاعها في سياق العولمة المعاصرة متوقفاً عند حلف الفضول الذي انعقد قبل الإسلام من أجل التضامن والتعاون على تفعيل قيم الخير والمعروف ونصرة الضعيف وإغاثة الملهوف، معتبراً أنّ رمزيته وخصوصيته إنما أتتا من كونه لم يؤسس على المشترك الديني أو الانتماء القبلي أو العرقي، وإنما تأسس على القيم والفضيلة.

وأكد أن اختيار موضوع الملتقى الخامس «حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي» يأتي للدعوة إلى تفعيل إعلان واشنطن من خلال تعميق الحفر المعرفي في شروط إمكان قيام حلف فضول جديد بين الأديان، ومدى راهنية التعاون الديني في سياق الواقع المعاصر المحكوم بمنطق مغاير، والمحتكم إلى المواثيق الدولية الجديدة.

وفي الختام دعا بن بيه إلى وضع خارطة طريق لتحقيق بعض هذه الأهداف. معتبراً أن ذلك يمثل أفضل رد على المتطرفين من كل الاتجاهات، وخير برهان على أنّ الأخلاق الدينية قادرة من جديد على أن ترشد العالم إلى سبيل الخلاص من مشكلاته العضالية، مؤكداً أنّ نموذج قوافل السلام يمكن أن يؤسس لنوع جديد من الحوار التعارفي. وينبغي لحلف الفضول الجديد أن يرسخ هذا النموذج، ليصبح آلية للتعاون والتعايش أكثر عملية ونجاعة، وتقليداً ينبغي العمل على تعميمه والاستفادة منه من أجل تدشين عهد جديد في العلاقات بين ديانات العائلة الإبراهيمية. مؤكداً أن حلف الفضول الجديد، يريد أن يبرهن عملياً على أن الدين يمكن ويجب أن يكون قوة بناء ونماء ووئام وإطفاء للحريق، يبني ولا يهدم، يجمع ولا يفرّق، يعمّر ولا يدمّر.

وتحدث الحاخام البرفسور روفين فايرستون ،أستاذ ريجنشتاين المتخصص في اليهودية في العصور الوسطى والإسلام في كلية الاتحاد العبرية- الولايات المتحدة، وقام بعرض تجربة اليهود من حيث الحقوق في التاريخ، فلاحظ أنهم كانوا يفتقدون أبسط حقوقهم في العهد المسيحي؛ بعكس ما كانت عليه أحوالهم في العهد الإسلامي.

وقال فايرستون أن اليهود طيلة تاريخ كانوا يشكلون أقليات محدودة في المجتمعات التي يقيمون فيها. ولكنهم في العصر الحديث، راحوا يتجمعون في فلسطين حتى شكلوا أغلبية، فتناسوا ما تعرضو له من ظلم، وراحوا يظلمون الأقلية العربية. ولكن عليكم أن تأكد أن هناك أقليات يهود تعارض يهودية، وتقف بثبات ضد الاضطهاد وهذا ما يجعل حلف الفضول في هذه المرحلة مثيراً ليس للأفكار فقط، وإنما للمخيلات، لما ينطوي عليه من قيم تشكل غواية إنسانية حقيقة. ما يجعل الحلف كونياً بشرياً، وليست له صفة إسلامية أو مسيحية أو يهودية.

وتحدثت دبورة فايكس، مديرة المعهد الدولي للأديان والدبلوماسية- الولايات المتحدة، وأوضحت أن تجربتها مدعاة للتأمل وإعادة النظر في «مسلماتنا التي نكونها عن الأخر» وعرضت سيرتها في الانغلاق والتعصب الانغليكاني، وكيف ادركت ضرورة المراجعة الذاتية؛ بعد أن شعرت بضرورة التعبير عن نفسها بصدق وجرأة، حيث اكتشفت برنامج لتعليم القانون في أكسفود، فدرسته، وعملت على تأسيس المنظمة التي تديرها الآن، إلا أن التغيير الجذري في قناعتها ورؤيتها لم تتوصل إليها؛ حتى بمشروع الشيخ ابن بيه وما يعمل عليه في مؤتمر واشنطن، فدهشت من فكرة الأخوة التي ينادي بها. ما حتم عليها القيام بنقل الصورة إلى الوسط الانغليكاني، التي أحدثت به تغييرات مماثلة خلال أقل من عام.

وتحدثت فايكس عن أهمية حلف الفضول التي يفترض أن نبحث خارطة طريق لعمله في المرحلة المقبلة. معتبرة أن القيم المشتركة، والاهتمام التي نتبادل الاهتمام بها كثيرة، فمثلا الاهتمام بقضايا البيئة جمعنا معنيون بها. كذلك القيم الكبرى لاخلاف حولها بين بني الإنسان، ما يستدعي الشراكة الحقيقية للتصدي لمشكلة الفقر أو الجوع وغير ذلك من الأفكار والمشروعات التي تعلمتها من خلال اقترابها من الشيخ ابن بيه في واشنطن. وختمت فايكس بالتشديد على أهمية ومدى الحاجة الماسة إلى حلف الفضول، والاستثمار بقيمه، فهول من أول أولوياتنا الأخلاقية والدينية في هذه المرحلة.

من جانبه تناول الشيخ حمزة يوسف، نائب رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، في كلمته موضوع حلف الفضول، منوها إلى أنه ربما له نظائر من الأديان أو الثقافات الأخرى، إلا أنه متفرد بخصوصيته الإنسانية المجردة، بعيداً عن أي خلفيات معتقدية أو عرقية. والرسول الكريم عندما أقره، إنما هو كان يسجل مرحلة جحديدة في تاريخ المواطنة بالمدينة تعايش مع مكوناتها الإثنية بصورة راقية، تجمع البعد الحقوقي والأخلاقي بروح إنسانية مدهشة.

وقال حمزة إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو إلى السلام في مسيرته، وكان من أهم ما يدعو إليه إفشاء السلام، وإطعام الطعام. وهذا ما نمضي عليه في منتدى تعزيز السلم؛ بقيادة الشيخ ابن بيه.

وختم يوسف بأن حلف الفضول وإن كان قد أتى من خارج المنظومة الإسلامية إلا أن هناك قواسم مشتركة تجمع كافة الأديان، وعلينا أن نرفع الجهل بالعلم والحلم، وأن أول خطب النبي في المدينة كانت حول محور السلام حيث قال للصحابة أفشوا السلام بينكم، فهي أسس أنسانية أرسى قواعدها النبي وعلينا أن نتسأسى به فهو قدوتنا ومعلمنا.
فيما تحدث الشيخ محمد تقي عثماني، عضو المجلس الفقهي بكراتشي- باكستان، فقال لونظرنا إلى شريعة الإسلام نجد أنها من بدايتها حتى نهايتها مرتبطة بعهود، وهي عهود ليست مقتصرة على الدول، وإنما تطال كل فرد، فالعلاقة بين الولد والوالد هي عقد، والعلاقة بين فرد وآخر هي عقد، وهذه العهود دخل فيها الرسول الكريم مع الصحابة وعموم المسلمين.

وأوضح عثماني أن حلف الفضول كان ينبغي أن تعتمده الأمم المتحدة ضمن مواثيقها المتعلقة بنصرة المظلوم ولكن المؤسف أن المنظمة الدولية لم تحل مشكلة المظلوميات في التاريخ الحديث.

يشارك في فعاليات الملتقى السنوي الخامس ل«منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الذي يعقد تحت عنوان «حلف الفضول- فرصة للسلم العالمي» في أبوظبي ما يزيد عن 800 شخصية من ممثلي الأديان والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، ونخبة واسعة من العلماء والمفكرين والباحثين على مستوى العالم، بينهم الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور محمد مختار جمعة ،وزير الأوقاف، والدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، وسام براونباك سفير الولايات المتحدة للحريات الدينية، والحاخام ديفيد روزن ،عضو مجلس أمناء مركز الملك عبدالله لحوار الحضارات، وآدم أنجينج المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وسارة خان ،رئيسة لجنة مكافحة التطرف- المملكة المتحدة، والسلطان محمد سعد أبوبكر الثاني سلطان سكوتو – نيجيريا ولفيف من العلماء ورجال الدين على مستوى العالم.