عاد اسم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لتصدر المشهد من جديد، بسبب استدعائه للشهادة فى قضية «اقتحام السجون»، المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى، ومحمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، وعدد من قيادات الجماعة الإرهابية، حيث غاب مبارك عن الحضور أمام المحكمة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، أمس الأول، حيث جرى سجال قانونى بين النيابة العامة وفريد الديب، محامى مبارك، حول قانونية الاستدعاء، وكون مبارك رجلًا مدنياً يمكن استدعاؤه للشهادة وفق قانون المرافعات، أم أنه عسكرى ويتم إعلانه من خلال القضاء العسكرى.
«المصرى اليوم» طرحت هذا السؤال على أطراف مختلفة، حيث يرى طرف أن القانون الصادر من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والذى يحمل رقم 35 لسنة 1979، بشأن قادة القوات المسلحة فى حرب أكتوبر، يؤكد أن «مبارك» عاد ليكون عسكرياً بعد أن ترك وظيفته المدنية، وهى رئاسة الجمهورية فى 11 فبراير 2011، فيما تتمسك النيابة بأن تحريات قطاع الأمن الوطنى أوضحت أن الرئيس الأسبق مدنى.
وقال فريد الديب، محامى مبارك، إن: «مبارك سيظل فى الخدمة العسكرية مدى حياته، وشهادته فى قضية (اقتحام السجون) تتطلب الرجوع للمؤسسة العسكرية، وفق القانون رقم 35 لسنة 1979، كما أن عودة الرئيس الأسبق للخدمة ليست متوقفة على تحريات ضابط من جهاز الأمن الوطنى».
وأضاف الديب لـ«المصرى اليوم»: «بقوة القانون مبارك بمجرد تركه وظيفته المدنية، وهى رئاسة الجمهورية، عاد إلى الخدمة العسكرية بنفس رتبته العسكرية وطيلة حياته، وهو احتراماً لقرار المحكمة حريص على الإدلاء بالشهادة، إلا أن الإعلان الذى تم إرساله إليه على محل سكنه باطل، ولا ينتج أثراً بالقانون»، وكان يجب إعلانه عن طريق القضاء العسكرى.
وتابع الديب: «الرئيس الأسبق لا يستطيع أن يمتثل للإعلان الذى وصله، ولذلك حضرت بدلاً منه فى جلسة الأحد»، منوها إلى أنه لا يدرى من أين استقى محرر محضر الاستدلالات بأن موكله لم يعد عسكرياً.
وأوضح الديب: «مبارك عاد منذ 11 فبراير 2011 إلى صفوف أفراد القوات المسلحة ضابطاً من ضباطها برتبة فريق طيار، عملاً بالقانون رقم 35 لسنة 1979، ما يعنى أن الإعلانات لا توجه إلى محل إقامته مباشرة، وإنما يجب طبقا للمادة 13 بند 6 من قانون المرافعات تسليمها بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة».
وأكد الديب أنه قدم للمحكمة صورة ضوئية من قرار رئيس الجمهورية رقم 35 لسنة 1979 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 1973، لافتاً إلى أن مبارك لا يحتاج لتقديم دلائل على أنه عسكرى، إذ إنه حين ترك الوظيفة المدنية، فى 11 فبراير 2011، فإنه يعود للخدمة مرة أخرى كرجل عسكرى، وأن المادة 13 من قانون الإجراءات الجنائية، فى المواد المنظمة لإعلان الشهود، وما يتعلق بأفراد القوات المسلحة، تنص على أى إعلان يسلم بوساطة النيابة العامة للإدارة القضائية العامة بالقوات المسلحة، ويترتب بطلان استدعاء الشاهد حال عدم الالتزام بالنصوص القانونية.
وأوضح الديب: «المقصود بقرار المحكمة بالإعلان وفقاً لقانون المرافعات المدنية أن إعلان الخصوم يتم وفقاً له والمادة 13 تقول إذا كان الإعلان لأحد أفراد القوات المسلحة يسلم بواسطة القضاء العسكرى، والهدف من ذلك أن يكون الضابط أو الفرد محظورا عليه الحديث فى أمور معينة تخص القوات المسلحة».
من جانبه قال الدكتور محمد بهاء الدين أبوشقة، أستاذ القانون الجنائى، المحامى بالنقض، إن القرار الجمهورى بالقانون الصادر من الرئيس الراحل السادات، بشأن تكريم قادة القوات المسلحة الذين اشتركوا فى حرب أكتوبر المجيدة، واضح ويحمل فى معناه تكريم القادة الذين ساهموا فى النصر، ومعنى آخر وهو استمرار الاستفادة من خبراتهم العسكرية، وتقديم المشورة فى الأعمال والشؤون العسكرية.
وأضاف أبو شقة لـ«المصرى اليوم»: «إن هؤلاء القادة الذين يحالون للتقاعد يكونون فى حالة استدعاء دائم، حتى لو لم يمارسوا صلاحيات، ويكون لهم الصفة العسكرية ويكونون فى حكم المستدعين، وهؤلاء يكون الإعلان لهم فى القضايا عن طريق الجهة المختصة، وهى القضاء العسكرى، وبهذه القانون يكون مبارك عسكرياً وليس مدنياً، ويجب تصحيح الإعلان وإعادة إعلانه بالطريق الصحيحة».
وتابع أبوشقة: «كان يجب على النيابة العامة أن تخاطب القضاء العسكرى لبيان ما إذا كان مبارك عسكرياً، قبل طلب تحريات جهاز الأمن الوطنى بوزارة الداخلية، الذى أجرى تحرياته بشكل ظاهرى، وأفاد بأن الشاهد موجود فى مسكنه بشارع صلاح سالم، وهو مدنى وليس عسكريا من واقع تحريات أجراها ضابط بالجهاز». وعن صدور حكم نهائى بات من محكمة النقض فى قضية القصور الرئاسية وحرمان «مبارك» من الجنازة العسكرية أوضح أبو شقة: «الحكم الصادر بالإدانة وصار باتاً فى الآثار فى الأحكام الجنائية، وفقاً لقانون العقوبات، ولكن ليس له أى أثر على زوال الصفة العسكرية، خاصة أن العقوبة سالبة للحرية، أى سيظل المعاقب بها محروماً من مباشرة حقوقه السياسية لحين رد اعتباره، ولكن الصفة العسكرية قائمة، وهو ما لا يمنع شهادته، ولكن يجب مراعاة الإجراءات القانونية».
وقال اللواء سيد هاشم، المدعى العسكرى الأسبق، إن الجدل الذى أثير أكثر من مرة منذ بداية محاكمة مبارك، حيث طلب دفاعه محاكمته أمام المحكمة المختصة، فالوضع هنا مختلف لأن «مبارك» مطلوب للمحكمة كشاهد وليس متهما، فلو حضر بناء على الإعلان الموجه إليه لن يكون محل محاسبة، لأنه توجه للإدلاء بشهادته وتقديم معلومات تفيد القضية، لأن كونه رئيساً وقت الأحداث المرتبطة بالقضية يعنى أن لديه معلومات هامة متعلقة بها.
وأضاف «هاشم»، لـ«المصرى اليوم»، أن القانون 35 لسنة 1979 جاء لتنظيم دور القادة العسكريين الذين قاموا بمجهود وشاركوا فى حرب أكتوبر لتحقيق نصر عسكرى، وهؤلاء القادة يستحقون التقدير ببقائهم فى الخدمة العسكرية مدى الحياة، وبالتالى فإن أى شخص فى الخدمة العسكرية من هؤلاء القادة وتم انتدابه فى عمل خارج القوات المسلحة يحصل على إذن بالموافقة من جهة عمله وبعد انتهاء العمل يعود إلى خدمته، وطبقاً لنص القانون «مبارك» يعامل معاملة عسكرية بمعنى الكلمة.
وأشار «هاشم» إلى أن من حق القضاء استدعاء أى مواطن للشهادة أمام المحكمة الجنائية أو العسكرية، والرئيس الأسبق حسنى مبارك مواطن له الصفة العسكرية حتى بعد ترك الخدمة، فهو فى الخدمة العسكرية مجازاً وإعلانه بالشهادة يكون عن طريق الهيئة العامة للقضاء العسكرى وفقاً للتعليمات المنظمة، وذلك بالتنسيق بين وزارتى الدفاع والداخلية، بأن يصطحب مندوب عسكرى، الشرطة المدنية ويتوجهوا لإعلان الشخص المراد إعلانه، والشخص الخاضع للقانون العسكرى يلتزم بأوامره لأنه القانون الذى يحدد الإجراءات الخاصة بالعسكريين.
وأشار «هاشم» إلى أنه يتمنى أن يمثل «مبارك» أمام المحكمة للإدلاء بشهادته التى تعد مفيدة للحقيقة، سواء تم إعلانه عن طريق القضاء العسكرى أو لا، كما أن حضوره للشهادة من تلقاء نفسه أمر لا يعاقب عليه قانوناً.
كانت النيابة قدمت تقريرًا بأنه نفاذاً لقرار المحكمة السابق بطلب رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسنى مبارك لسماع شهادته تمت مخاطبة جهاز الأمن الوطنى، وورد محضر استدلالات مؤرخ بتاريخ 15 نوفمبر بأنه نفاذاً لقرار النيابة العامة بأن الشاهد مدنى ولا يتمتع بالصفة العسكرية، مشيرًا إلى أن نيابة شرق القاهرة الكلية أعلمت الشاهد بتاريخ 21 نوفمبر للحضور للإدلاء بشهادته، وتم استلام الإخطار من قبل حارس الشاهد الشخصى لغيابه وقت إعلانه.