لم تخل جمعة الغضب الثانية ، من ابتكارات المتظاهرين، للتعبير عن مطالبهم وأفكارهم، والأسباب التى دفعتهم للتظاهر فى ميدان التحرير، فيما انتشر الباعة الجائلون، الذين احتلوا أجزاء كبيرة من الميدان منذ مساء الخميس، يبيعون الممبار والفتة وساندويتشات الكبدة والسجق وأطباق الكشرى والعصائر واللب والفول السودانى والترمس، ما دفع أحد المتظاهرين لإطلاق اسم «مليونية الباعة الجائلين» على مظاهرة الجمعه .
خرج المهندس فكرى محمد حسنى، من محافظة البحيرة، فى اتجاه ميدان التحرير، حاملاً نموذجاً خشبياً رسم فوقه علم مصر يرفرف بجوار الهلال والصليب، وكتب تحته لافتة «لا للفتنة الطائفية»، ولافتة أخرى بمطالبه، ومنها «عودة الشرطة والأمن إلى الشارع». ولم ينس «فكرى» الإشادة بدور القوات المسلحة فى حماية الثورة على لافتة ثالثة، فضلاً عن لافتات أخرى تندد بذيول النظام السابق، وكلل نموذجه الخشبى بصندوق كبير صنعه على شكل مقبرة كتب عليها الآية «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون»، وجسَّد نسراً كبيراً يحلق فوق التصميم يحمل عبارة «شهداء 25 يناير».
وصمم محمد عبدالفتاح، عامل، دبابة من الورق، وضعها فوق رأسه، وكتب عليها مطالبه، وأكد أنه قرر المشاركة فى المظاهرة لشعوره بالغضب نتيجة تباطؤ محاسبة الفاسدين وبقايا النظام السابق، فيما وقف عاطف البارودى «53 عاماً» فى قلب الميدان مستنداً إلى عكاز حديدى، ورفع لافتة كبيرة تحمل رسالته لمتظاهرى التحرير تصدرتها عبارة «عشان اقتصاد مصر يرجع تانى، هناكل عيش وملح وبصل ومش هانمد إيدينا لحد»، وعلق بجوار اللافتة رغيفاً وبصلة، مطالباً بالعودة إلى العمل لحماية الثورة. ويعلق «عاطف» على لافتته بالقول: «اللى خلانا نصبر 30 سنة غصب عننا، يخلينا نصبر سنتين كمان بمزاجنا».
وتوجه محمود أحمد حسونة، مصمم سيراميك، إلى الميدان، حاملاً لافتة مكتوباً عليها «لو خلص المصرى نشترى صينى»، ورسم كلابشات ومشنقة، وطالب بضرورة الإسراع بمحاكمة المسؤولين المتورطين فى قتل الثوار، وقضايا الفساد، وعلى رأسهم مبارك وعلاء وجمال معلناً تأييده المجلس العسكرى وموقفه من الثورة.
وتسببت حرارة الطقس فى رواج مبيعات الآيس كريم، والسوبيا، والعرقسوس، والتمر هندى، والدوم، والعصائر، والمشروبات الغازية. ووجه الكثير من الشباب انتقادات للباعة الجائلين بعد اندلاع مشاجرة بين اثنين منهم بالأسلحة البيضاء. واصطحب محمد نعيم، بائع، عربته التى يبيع عليها المانجو من العتبة إلى ميدان التحرير بعد علمه بتنظيم المظاهرة، وعلق قائلاً: «مفيش شغل، والبلد كلها حالها واقف، يعنى هروح فين». وأضاف: «الجو اليومين دول حر قوى، وعرفت إن النهارده فيه مليونية، وقلت مفيش غير إنى آجى أعوض خسارة الأيام اللى فاتت، لأنهم أكيد هيبقوا عطشانين».