حصلت «المصرى اليوم» على تفاصيل قصة اتهام «محمد أحمد محمد إبراهيم» فى قضية تجسس فى الجزائر. وصدر بحقه حكم بالسجن 15 عاما قبل أسبوع. «محمد» الذى يبلغ من العمر 27 عاما، والذى قدم إلى الجزائر من أجل العمل مع شركة «صب سى بتروليوم» التى حصلت على عقد مع شركة سوناطراك النفطية الجزائرية، وجد نفسه متهما بالتجسس ومحالا على القضاء الذى حكم عليه بـ15 سنة سجنا، قبل أن تخفض المدة إلى 10 سنوات، بعد استئناف الحكم.
قصة الشاب «محمد أحمد محمد إبراهيم» بدأت عادية، كأى شاب مصرى كان يحلم بوظيفة وببنت الحلال التى يبنى معها أسرة، هو من مواليد 14 أكتوبر 1985، بمنطقة سموحة بالإسكندرية، حاصل على دبلوم صنايع . وفى أبريل 2008، نجح والده فى أن يجد له وظيفة فى شركة «صب سى البترولية»، وهو ما أدخل البهجة على الأسرة البسيطة، التى بدأت تبنى أحلاما وردية.
بعد أشهر قليلة اقترحت الشركة على «محمد» السفر إلى الجزائر، من أجل العمل فى منطقة أرزيو البترولية بالقرب من مدينة «وهران» ليحط الرحال فى «أرزيو» فى أول أيام شهر يوليو 2008، وبدأ عمله الجديد وهو يبنى فى خياله مستقبلا طالما حلم به، خاصة بعد أن خطبت له والدته بنت الجيران قبل سفره بقليل، لكنه رغم ذلك كان يشعر بالملل والضجر. وقال محاميه المصرى الجزائرى «نبيل صقر» فى اتصال مع «المصرى اليوم» إن «محمد» سرعان ما بدأ يشعر بالملل، خاصة عند انتهاء فترة الدوام، فلم تكن لديه صداقات كثيرة، كما أن المنطقة الصناعية التى كان يقيم به لم تكن بها وسائل وأماكن ترفيه بالنسبة لشاب فى مثل سنه، لذلك كان يقضى سهراته يلهو بالهاتف، وكان يطلب أرقاما لا يعرفها أملا أن يقع فى صوت نسائى، وهو ما حدث فعلا، عندما ردت عليه امرأة، لم تر حرجا تبادل الحديث معه.
وأشار المحامى إلى أن العلاقة بين الطرفين تطورت بسرعة، وبدأ الشاب المصرى يحكى لها تفاصيل حياته، وعن عمله فى الجزائر، ومن سخرية القدر أن الكذب جمع بينهما منذ البداية، فقد أخبرها أنه «ضفدع بشرى» وأنه بطل فى القوات البحرية المصرية جاء إلى الجزائر فى مهمة سرية، تماما مثلما كانت المخابرات العامة المصرية فى مسلسل «رأفت الهجان» تخبر شقيقته شريفة أن «رأفت» يقوم بمهمة سرية لمساعدة ثورة الجزائر، أما هى فقد أخبرته أنها جميلة وأن عمرها 25 عاما، وأنها ابنة عائلة ثرية من ولاية «سطيف» (300 كيلومتر شرق العاصمة) وأخفت عنه أنها متزوجة وأم لطفلة صغيرة. وأوضح المحامى أن الشاب الغواص أراد أن يبهرها وأن يأسرها بحبه، لذا قرر أن يأخذ مجموعة من الصور داخل المنطقة الصناعية، وهى صور حرص على أن يأخذها ببذلة الغوص، خاصة أنه أراد أن يعزز «أسطورة» الضفدع البشرى المغوار، ولم ينتبه إلى أن الأمكنة التى التقط فيها الصور لنفسه ممنوع التصوير فيها، أو انتبه ولم يعر الأمر اهتماما، المهم أنه حرص على أن تظهر خلفه سفن الشحن وميناء أرزيو، وبعد أن قام بنسخ الصور على قرص مضغوط «سى دى»، وبدأ يفكر فى كيفية إرسال الصور إلى محبوبته.
واختار أن يرسلها لها بنفس الطريقة التى كانت ترسل هى بها بعض الهدايا له، ولكنه فى ذلك اليوم كان مشغولا، فاقترح على أحد أعوان الأمن بالشركة أن يرسل معه «السى دى» إلى محطة الأتوبيسات، وأن يكلف أحدا من سواقى الأتوبيسات أن يأخذ معه الأمانة إلى ولاية «سطيف» (300 كيلومتر شرق العاصمة) ولكن رجل الأمن الذى ارتاب فى الأمر، تحجج بأنه مشغول ولا يستطيع أن يقدم له الخدمة التى طلبها منه، ولكنه ذهب ليبلغ مسؤوله الذى أبلغ جهاز الأمن الجزائرى بهذه الواقعة.
وبعد أن تلقت أجهزة الأمن هذه المعلومة شرعت فى مراقبة تحركات واتصالات «محمد»، الذى ظل يبحث عن وسيلة لإرسال القرص المضغوط الذى ضم أكثر من 25 صورة اختارها بعناية لإبهار حبيبته «فيروز»، حتى عثر على قابض بأحد الأتوبيسات التى تتجه إلى «سطيف» التى تبعد عن مدينة «وهران» بحوالى 700 كيلومتر، فى حين أرسلت هى له مبلغ 1000 يورو، جمعته من مدخراتها وما باعته من مجوهراته حتى يرسله لوالدته فى الإسكندرية حتى تأتى لخطبتها. وبعد أيام قليلة، وكان ذلك فى 21 أكتوبر 2008، وقد احتفل «محمد» قبلها بأيام بعيد ميلاده الـ24، طرق بابه رجال الأمن الذين أوقفوه، وفى الوقت نفسه كان زملاؤهم فى سطيف يوقفون «عشيقة الهاتف»، وتم حجز الصور التى أرسلها محمد، وكذا مبلغ الألف يورو الذى أرسلته له» فيروز».
ويقول المحامى الجزائرى مصطفى بوشاشى الذى تأسس أيضا فى حق المتهم فى تصريح لـ«المصرى اليوم» إن جهاز الأمن الذى تعقب المتهمين وألقى القبض عليهما، وبعد التحريات لم يوجه لهما تهمة التجسس أو التخابر مع جهات أجنبية، بل التهمة التى وجهت لمحمد كانت التصوير فى أماكن ممنوع التصوير فيها، لأن ذلك يعد مساسا بالأمن القومى، فهذا النوع من الأماكن قد يكون هدفا للجوسسة الاقتصادية، ولكن النيابة وقاضى التحقيق وبعد دراسة الملف تم توجيه تهمة التجسس لمحمد وفيروز.