دعت الولايات المتحدة إلى إنهاء الحرب فى اليمن خلال شهر والدخول فى مفاوضات سلام تحت رعاية الأمم المتحدة، وطالبت بوقف الضربات الجوية للتحالف العربى الذى تقوده السعودية، كما طالبت بوقف الصواريخ التى يطلقها المتمردون الحوثيون على السعودية، فى تحولٍ واضحٍ فى الموقف الأمريكى بعد مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى فى قنصلية بلاده بإسطنبول.
وطالبت كلا من وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، ووزير الدفاع الأمريكى، جيمس ماتيس، بفتح مفاوضات سلام خلال 30 يوما فى اليمن.
وقال «بومبيو» فى بيان: «حان الوقت الآن لوقف الأعمال العدائية، بما فى ذلك إطلاق الصواريخ وغارات الطائرات المسيّرة من المناطق التى يسيطر عليها الحوثيون باتجاه السعودية والإمارات»، وأضاف أن «الغارات الجوية للتحالف يجب أن تتوقف بعد ذلك فى كل المناطق المأهولة فى اليمن». وطالب «بومبيو» بإجراء مشاورات أولى برعاية المبعوث الدولى إلى اليمن، مارتن جريفيث، فى نوفمبر الجارى فى بلد ثالث لبحث إخلاء الحدود من الأسلحة وتركيز كل الأسلحة الثقيلة بأيدى مراقبين دوليين.
ودعا «بومبيو» إلى وقف الأعمال القتالية فى اليمن، وقال إن المفاوضات التى تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية ينبغى أن تبدأ الشهر المقبل، وقال إنه ينبغى أن تكف حركة الحوثى المتحالفة مع إيران عن تنفيذ ضربات صاروخية وهجمات بطائرات مسيرة ضد السعودية والإمارات، وإن على التحالف بقيادة السعودية أن يتوقف عن شن ضربات جوية فى كل المناطق المأهولة باليمن.
وأدلى ماتيس بعد ذلك بتصريحات مماثلة، داعيا «الجميع» إلى الانضمام إلى «طاولة مفاوضات على أساس وقف لإطلاق النار» يفضى إلى انسحاب المتمردين الحوثيين أولا من منطقة الحدود مع السعودية، ثم وقف عمليات القصف التى يقوم بها التحالف الذى تقوده السعودية، وأضاف أن وقف المعارك سيتيح لمبعوث الأمم المتحدة جمع مختلف الأطراف على طاولة المحادثات المقبلة فى السويد، وقال «ماتيس» فى مؤتمر صحفى فى واشنطن، مساء أمس الأول: «علينا أن نقوم بذلك خلال الأيام الثلاثين المقبلة، وأعتقد أن السعودية والإمارات على استعداد» للمضى فى الأمر، وقال: «نريد رؤية الجميع حول طاولة مفاوضات على أساس وقف إطلاق النار».
ولم يشر الوزيران إلى مقتل خاشقجى، لكن هذا التحول القوى فى الموقف الأمريكى يأتى بينما تتعرض إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لضغوط فى الكونجرس من أجل النأى بنفسها عن السعودية، وسط مطالبات متتالية بوقف صادرات السلاح الأمريكية للمملكة، وهو ما رفضه ترامب.
وأسفرت الحرب الدائرة فى اليمن، منذ مارس 2015، عن مقتل حوالى 10 آلاف شخص، وتسببت فى أسوأ أزمة إنسانية حالية فى العالم- حسب الأمم المتحدة- ويحتاج ثلاثة أرباع سكان اليمن- البالغ عددهم 22 مليونا- إلى مساعدات، بينما يقف 8.4 مليون منهم على حافة المجاعة فى اليمن التى تعتبر واحدة من أفقر الدول العربية، وتواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى العالم والتى فاقمتها الحرب المستمرة منذ قرابة 4 أعوام.
ويقدم الجيش الأمريكى مساعدة لوجستية للسعودية والإمارات، تتمثل فى إعادة تزويد طائرات التحالف العربى بالوقود وتقديم التدريبات على الاستهداف، كما يتقاسم معلومات استخبارية مع التحالف العربى، إلا أن مقتل مدنيين فى الغارات الجوية جعل واشنطن تواجه ضغوطا لخفض الدعم العسكرى الذى تقدمه للتحالف العربى.. وبعد مقتل خاشقجى، تصاعد هذا الضغط خصوصا بسبب الانعكاسات الدولية للأزمة التى تواجهها المملكة، فى حين استبعدت فرنسا والولايات المتحدة وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، لكن ألمانيا اختارت وقف هذه الصادرات
فى المقابل، يأتى تبدُّل موقف واشنطن بشأن الحرب فى اليمن بعد تصريحات مماثلة أدلت بها وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلى، التى رأت أنه «حان الوقت لوقف هذا النزاع»، وقالت الوزيرة إن باريس تمارس ضغوطا بالتعاون مع الأمم المتحدة، من أجل الوصول إلى حل سياسى فى اليمن، لأن الحل العسكرى لن يؤدى إلى أى مكان.
وفى 25 أكتوبر الماضى، أعلن جريفيث أنه يخطط لعقد جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف اليمنية قبل نهاية العام الجارى، ورجح عقد تلك المباحثات نهاية نوفمبر الجارى، ولفت إلى أن «المكانين المقترحين لعقد المحادثات هما مدينة جنيف السويسرية والعاصمة النمساوية فيينا»، وتم تأجيل رابع جولة مشاورات بشأن الأزمة اليمنية التى كان من المقرر انطلاقها بمدينة جنيف فى 6 سبتمبر الماضى بين أطراف النزاع بسبب غياب وفد المتمردين الحوثيين، وعقدت المشاورات فى جولتيها الأولى والثانية فى 2015 فى مدينتى جنيف وبيل السويسريتين، فيما عقدت الجولة الثالثة فى الكويت عام 2016.. دون أن تثمر جميعها عن نتائج تذكر لوضع نهاية للحرب الأهلية.