قضية «ميت سلسيل»: النيابة تقدم «اعترافاً» بخط يد المتهم

كتب: غادة عبد الحافظ الجمعة 26-10-2018 03:26

قررت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات المنصورة فى الدقهلية، أمس، تأجيل محاكمة محمود نظمى السيد، المتهم بقتل طفليه «ريان ومحمد»، بإلقائهما من أعلى كوبرى فارسكور فى أول أيام عيد الأضحى الماضى، إلى 17 نوفمبر المقبل، بعد أن استمعت إلى مرافعة ممثل النيابة العامة، التى طالب فيها بحق المجتمع وتوقيع أقصى عقوبة على المتهم، وهى الإعدام، قِصاصاً للطفلين، اللذين وصفهما بأنهما «من أحباب الرحمن». عُقدت الجلسة برئاسة المستشار نسيم بيومى، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين هيثم الضو ويحيى صادق، وأمانة سر أحمد الحنفى.

وفرضت قوات الأمن بالدقهلية إجراءات أمنية مشددة بمحيط المحكمة منذ الصباح الباكر لمنع اندساس عناصر تستغل القضية لإثارة الرأى العام، فيما تفقّد اللواء محمد حجى، مدير الأمن، واللواء محمد شرباش، مدير مباحث المديرية، والعقيد محمد رفعت، مدير العمليات، وقيادات الأمن، الخدمات الأمنية جميعاً.

وبدأت الجلسة بتلاوة المحكمة قرار الإحالة، وذكرت أنه مع سبق الإصرار، بيّت المتهم النية وعقد العزم على التخلص من طفليه، بقتلهما، وتحيّن الفرصة لذلك حتى واتته، فاقتادهما بالسيارة إلى مكان الواقعة أعلى كوبرى فارسكور، وألقى بهما بمجرى النيل، فسقطا حتى لقيا حتفهما غرقاً على نحو ما أورده تقرير الطب الشرعى المرفق بالأوراق، مؤكدة أن تلك الجناية اقترنت بجناية أخرى، وهى حيازة المتهم «حشيش وترامادول».

وأشارت المحكمة إلى اعتراف المتهم تفصيلاً: «أنه وعلى أثر خلافات زوجية وأسرية وكذا تعثره المالى وبناءً على علاقاته ورفقته وتعاطيه البانجو والحشيش والأدوية المؤثرة على الحالة النفسية، الأنافرانيل والأبتريل، راودته فكرة التخلص من نجليه (ريان) و(محمد)، حتى لاحت له الفرصة فى أول أيام عيد الأضحى الماضى، فقام باصطحابهما للترفيه عنهما بمكان يُدعى (العبد) بـ(ميت سلسيل)، إذ بدأ فى التروى والتدبر لتنفيذ فعلته، واعتقر الأنافرانيل والأبتريل، وتعاطى سيجارة بانجو، وذهب بهما إلى كوبرى فارسكور وتوقف حتى خلا الكوبرى من المارة، وأخرج (ريان) وألقاه فسقط فى مياه النيل، ثم أخرج (محمد) وفعل به ما فعله مع الأول ذاته، وذلك لإرسالهما إلى مكان أفضل خوفاً عليهما من مساوئ الحياة أو مستقبلهما، خاصة أن سمعته قد خالطها العطب، ثم فر من مكان الواقعة، واختلق واقعة اختطافهما بالمحضر المسطر على لسانه فى 21 أغسطس الماضى».

ووجّه القاضى سؤاله إلى المتهم: «ما قولك فيما هو منسوب إليك؟»، فرد: «محصلش»، وبدأ ممثل النيابة العامة، فى مرافعته، قائلاً: «جئت لمحراب عدالتكم وقد أثقلت من أوراق القضية التى تحمل سهام الخسة والندالة التى ارتكبها المتهم.. جئتكم أحمل أنين مجتمعٍ لم يرَ مثل تلك الجريمة النكراء، لقد قتل الأب طفليه وماتا غرقاً فى دموعهما قبل أن يغرقا فى مياه النيل حزناً وألماً على مشاعر الأبوة التى تحجّرت وحزناً وألماً على مأوى الأمان الذى عصف بحياتهما.. وها قد أتى الطفلان (ريان) و(محمد) يرتديان ملابس العيد، والتى غدت كفناً لهما بعدما استقبلهما الأب وفى رأسه فكرة شيطانية بقتلهما، لأنهما يعوقان طريقه إلى الرذيلة والفسق، إن المتهم الماثل أمام عدالتكم اليوم ممن استحوذ عليهم الشيطان، والذين طاشت أحلامهم وعميت قلوبهم وقست نفوسهم ولم يروا من النور إلا ظلاماً».

وأكد ممثل النيابة أن ما ارتكبه المتهم جريمة تُنكرها الإنسانية ولا تقبلها النفس البشرية وتشعر النفس بغصة من مجرد التفكير فيها، بأن قتل طفليه اللذين هما من أحباب الله بعدما بيّت النية والعزم للتخلص منهما لأنهما يعوقان استمتاعه بملذات الحياة،.

وأضاف أن أدلة الثبوت وأقوال الشهود كوّنت حلقة من حلقات الفجيعة، التى تطوق هذا المارق بحبل من مسد، كما أن المتهم اعترف فى التحقيقات اعترافات جوهرية، مُحدداً الأفعال التى ارتكبها تفصيلاً، والتى هى تتناسب مع ما قاله الشهود، حيث أكد الشاهد محمد عبدالوهاب محمد حسن الأمير، الذى كان موجوداً بمغسلة سيارات على طريق ميت سلسيل، أنه شاهد المتهم بسيارته ومعه الطفلان ينصرف مستكملاً طريقه، كما رآه الشاهد محمد عبدالمنعم إبراهيم، الذى يعرفه جيداً، وكان على طريق «ميت سلسيل- المنصورة»، وهو يستدير للعودة باتجاه طريق «ميت سلسيل- الجمالية» فى السادسة وعشرين دقيقة مساءً، وشاهده سامح عبدالباقى، عامل ببنزينة على طريق «الإسكندرية الجديدة» المتجه إلى طريق فارسكور فى الساعة السادسة والثلاثين دقيقة مساءً، يوم ارتكاب الواقعة، حيث وقف لتزويد سيارته، وأكد أن المتهم جاء ومعه الطفلان، وكان أحدهما نائماً والثانى بجانبه بالمقعد الخلفى.

وكشف ممثل النيابة عن مفاجأة كبرى، بعدما أظهر للمحكمة خطاباً بخط يد المتهم، يعترف فيه بقتل ابنيه وندمه على قتل طفليه، اللذين هما من عصافير الجنة- كما وصفهما فى الخطاب. وأكد أنه ضُبط وبحوزته الخطاب فى 21 أكتوبر الحالى، وأنه أراد تمريره لأهله، لكنه تم ضبطه أثناء تفتيشه احترازياً.

وعقب انتهاء النيابة العامة من مرافعتها، واجهت المحكمة المتهم بالخطاب المسطر بخط يده، ووجّه القاضى حديثه إلى المتهم داخل القفص: «الجواب ده إنت اللى كتبته يا محمود؟»، فرد: «أيوة»، فهاجت المحكمة بهمهمات، فتراجع المتهم بعدها، بقوله: «لا يا فندم.. مش بتاعى يا فندم.. لله الأمر من قبل ومن بعد».

وطالب عبدالستار جاد، محامى الدفاع، بعرض الورقة على مصلحة الطب الشرعى لبيان ما إذا كانت مكتوبة بخط يد المتهم أم لا وتحديد مَن الذى كتبها، وملابسات كتابتها، وهل كُتبت فى ظروف طبيعية أم لا، وهل كان كاتبها مطلق الحرية أم واقعاً تحت تهديد.