مساء الثلاثاء 11 سبتمبر 2001، توجّهت أنظار العالم، إلى قاعة المؤتمرات الصحفية، بالمقر الرئيسي لوزارة الدفاع الأمريكية، في واشنطن، لمعرفه حقيقة ما حدث صباح هذا اليوم، وبينما كانت عمليات إخلاء الجرحى والقتلى مستمرة في البنتاجون، جراء الهجوم الذي تعرضت له عدة رموز أمريكية، إذ أعلن وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، دونالد رامزفيلد، أن غدا 12 سبتمبر 2001 هو يوم عمل في البنتاجون، وسط دهشة الجميع، وذلك لبحث الرد ضد أعنف وأكثر الهجمات دموية في التاريخ الأمريكي.
يُقال إنه بالرغم أن البيت الأبيض لم يتعرض إلى أي ضرر أو مبنى الكونجرس، إلا انه كان هناك إصرارا أن يكون الرد الأمريكي الأول على هجمات 11 سبتمبر من البنتاجون، أو كما يقال فإن البنتاجون إذا سقط سقطت أمريكا.
يُعد مبنى البنتاجون، أو Pentagon ، هو مبنى مقر وزارة الدفاع في الولايات المتحدة، ويقع في مدينة أرلينجتون في ولاية فيرجينيا، على ضفة نهر بوتوماك من جهة مدينة واشنطن، ويشغل مساحة 600 ألف متر مربع، منها 340 ألفا عبارة عن مكاتب إدارية.
وباعتباره رمزا للجيش الأميركي فإن مصطلح «البنتاجون» عادة ما يستخدم للإشارة لوزارة الدفاع نفسها، ويتكون البنتاجون، من خمسة أضلاع متحدة المركز حول ساحة مركزية، ومن هنا جاء سبب تسميته، حيث تعني البنتاجون، خماسي الأضلاع باللاتينية.
قصة 7 طوابق تُدار منها أكبر عمليات عسكرية في العالم
البنتاجون، هو وأحد من أكبر المباني المكتبية في العالم، والبعض يطلق عليه، مدينة البنتاجون، وليس مبنى البنتاجون، لضخامته، تمتد مساحته لتبلغ حوالي 6.34 مليون قدم مربع (حوالي 34 فدانا)، ويشمل خمسة طوابق فوق الأرض، وطابقين تحت الأرض، ويصل ارتفاعه لحوالي 71 قدمًا (23 مترا فقط)، وتم بنائه بشكل مسطح، لأنه يُمنع بناء مباني طويلة في العاصمة واشنطن، لعدم حجب الرؤية، وحتى يمكنك تخيل مساحته، فهو ضعف مساحة السوق التجاري في شيكاغو، وتبلغ مساحته أكثر من ضعف المساحة الأرضية لناطحة السحاب الشهيرة في نيويورك إمباير ستيت.
ويتبع مبنى البنتاجون الرئيسي مئات الآلاف من المباني والمنشآت الفرعية التي تقع في أكثر من خمسة آلاف موقع حول الولايات المتحدة الأمريكية، ويقال انه لو ضمت كل هذه المواقع في مكان واحد لكانت المساحة التي يحتلها مبنى وزارة الدفاع الأمريكية أكثر من 30 مليون فدان نحو 121 ألف كيلومتر مربع.
ويضم مبنى البنتاجون مكاتب لإدارات الجيش والبحرية والقوات الجوية، ومكتب وزير الدفاع الأمريكي. كما يوجد فيه مركز للتسوق ومطعم كبير ومواقف لسيارات الأجرة ومنصة لطائرات الهليكوبتر، ويضطلع البنتاجون بمراقبة عمل القوات المسلحة ومعاونة رئيس الدولة في شؤون الأمن القومي. وينقسم البنتاجون إلى أقسام فرعية رئيسية، هي مكتب الوزير، وقيادة الأركان المشتركة، والإدارات العسكرية، والقيادات الموحدة، ومجلس سياسة القوات المسلحة والوكالات.
صُمم المبنى من قبل المهندس المعماري الأمريكي جورج بيرجستروم، على هيئة مسطح خماسي الإضلاع، ومن الشائع انه صُمم بهذا الشكل تماشيا مع فروع القوات المسلحة الأمريكية الخمسة، لكن هذه الرواية عارية من الصحة، نظرا لأن فروع القوات المسلحة الأمريكية 6 فروع، وهي؛ الجيش، مشاة البحرية (المارينز)، البحرية، القوات الجوية، الحرس الوطني، خفر السواحل، والرواية الأقرب للصحة أن التصميم أخذ هذا الشكل لتحقيق الاستفادة القصوى من الأرض المخصصة للمشروع والتي كانت على شكل مسطح خماسي الأضلاع.
كان لدي إدارة الحرب الأمريكية في واشنطن نحو 24 ألف موظف، موزعين على 17 مبنى في واشنطن العاصمة، ومع التوسع في العمليات العسكرية الأمريكية، وزيادة احتمالات دخول الحرب العالمية الثانية بجانب الحلفاء، شُيد البنتاجون على عجل على ضفاف نهر بوتوماك في فرجينيا، على أرض مزرعة أرلينجنتون، وذلك أثناء المعارك الضارية للحرب في أوروبا، وبدأ العمل بشكل فعلي في موقع البنتاجون صباح يوم 11 سبتمبر 1941، نفس يوم هجمات الحادي عشر من سبتمبر على المبنى.
وفي ديسمبر 1941، هاجمت اليابان، المقر الرئيسي لأسطول الولايات المتحدة الأمريكية في المحيط الهادئ، في ميناء بيرل هاربور بهاواي، ودخلت أمريكا الحرب، وهو ما جعل واشنطن تسرع من وتيرة البناء في موقع البنتاجون، وتم تكليف فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي برئاسة الكولونيل ليزلي ر. جروفز، الذي سيتم اختياره فيما بعد لرئاسة مشروع مانهاتن وبناء القنبلة الذرية، لإنجاز المهمة في أسرع وقت، وبحلول مارس 1942، كان هناك نحو 15000 شخص يعملون ثلاث نوبات، على مدار 24 ساعة في اليوم، مع إضاءة كاشفة تضيء الموقع بالكامل.
انتقل أول موظف للعمل في البنتاجون في 30 أبريل 1942، وتم افتتاح المبنى رسمياً في 14 يناير 1943، خلال ولاية الرئيس فرانكلين روزفلت، بتكلفة بلغت 75 مليون دولار، والتي كانت باهظة للغاية في ذلك التوقيت.
ويشتمل المبنى على خمسة طوابق فوق سطح الأرض، إضافة إلى طابقين تحت الأرض. كما يعد المبنى، أحد أهم وأكبر المباني المكتبية، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل ربما في العالم أجمع، فـ هنا تدار عمليات عسكرية في شتى بقاع الأرض، كما تدار الترسانة النووية الأمريكية، ويقال أن الإتحاد السوفيتي السابق، أبان فترة الحرب الباردة كان يضع البنتاجون، على رأس قائمة الأهداف المحتملة، في حال اندلاع الحرب بين البلدين، وتم اكتشاف بعد ذلك انه كان هناك عدد معتبر من الصواريخ المحملة برؤوس تقليدية ونووية موجهة فقط إلى هذا المبنى، الذي نسير به، باعتباره مركز إدارة العمليات العسكرية للجيش الأمريكي.
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تم تجديد المبنى بالكامل، وإعداده للصمود أمام أي هجمات غير تقليدية، فتم إحكام واجهاته الزجاجية البالغ عددها 7754 وغلقها بشكل كامل لتعزل الهواء داخل المبنى، عن الهواء خارج المبنى، للتصدي لأي هجمات كيميائية محتملة، كما تم صقلها، لتتحمل ضربات مباشرة للقنابل، كما تم صقل عواميد المبنى بحيث تصمد لـ30دقيقة بعد تعرضها لاي انفجار شديد، لإعطاء فرصة للإخلاء.