هل يٌخمد إطلاق سراح القس الأمريكي الأوضاع المشتعلة في تركيا؟ (تقرير)

كتب: عمر علاء السبت 13-10-2018 16:44

تعددت التحليلات حول أسباب إطلاق سراح القس الأمريكي أندرو برانسون فبينما ذهب فريق إلى أن تلك الخطوة أتت نتيجة ضغوطات الولايات المتحدة على تركيا ذهب فريق أخر للقول بإمكانية وجود مقايضة بين الطرفين حول الملف الكردي أو رفع العقوبات الاقتصادية عن تركيا.

وأخلت محكمة تركية، أمس، سبيل القس الأمريكي الذي كان محتجزاً لدى أنقرة منذ ديسمبر 2016 وذلك إثر إدانته بدعم منظمات إرهابية.

وقال الرئيس ترامب في تغريدة الجمعة إن القس الأميركي أندرو برانسون سيصل الولايات المتحدة قريبا، متمنيا له رحلة عودة آمنة.

وأضاف ترامب أن «أفكاري وصلواتي مع القس برانسون، ونأمل بأن نراه مجدداً، وسريعا ومن دون مشاكل في المنزل»، وذلك بعدما قال في تغريدة سابقة إنه «بذل جهدا كبيرا» من أجل برانسون.

يرى مصطفي صلاح، الباحث بالمركز العربي لبحوث والدراسات أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لاستثمار تلك الحادثة لدعم الجبهة الداخلية لحزبه في الولايات المتحدة في انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس الأمريكي.

وأضاف أن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعد الخاسر الأكبر بعد استجابته للضغوطات الأمريكية.

«الأمر كان متوقع في ظل الضغوطات الشديدة التي مورست على القيادة التركية»، هذا ما قاله عاطف السعداوي الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مستبعداً فكرة المقايضة أو أن يكون إطلاق السراح تم بمقابل لتركيا.

«السعداوي» يضيف: «الأمر أتى تنيجة الضغوط الأمريكية الكبيرة والتي بدى أثرها على الاقتصاد التركي»، وتابع أن تركيا كانت متخوفة من تصعيد أمريكي جديد ضد تركيا مما قد يعقد الأمور.

و يرى السعداوي أن تركيا الحلقة الأضعف في العلاقات الأمريكية التركية وأضاف «تركيا لا تملك أوراق ضغط على أمريكا» لتتم عملية المقايضة، باستثناء بعض الملفات التقليدية مثل قاعدة أنجرليك، التي من الممكن للولايات المتحدة أن تستعيض عنها.

على النقيض يرى جلال سلمي الباحث في العلاقات الدولية أن عملية إطلاق سراح القس الأمريكي تأتى في إطار صفقة أمريكية تركية حول مدينة منبج التي لطالما سعى الرئيس التركي لطرد المليبيشات الكردية منها لكن ظلت العقبة الدؤوب أمامه هي الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديموقراطية.

و تسعى تركيا لتفعيل اتفاق مبنج، الموقع في يونيو الماضي، والذي لم يتم تنفيذه.

بموجب الاتفاق ستنسحب قوات «سوريا الديمقراطية» من مدينة منبج إلى شرق نهر الفرات ويتم نزع سلاحها.

و رأي (الباحث في المركز العربي) أنه من الممكن أن يؤثر إطلاق سراح برانسون على تحسن العلاقات بين البلدين مما يلقي بظلاله على الملف السوري.

يأتى ذلك بالتزامن مع تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، الذي قال فيه إن الاتفاق بين بلاده والولايات المتحدة حول مدينة منبج في شمال سوريا تأجل «لكنه لم يمت تماما»، وأن وزيرى الدفاع والخارجية الأمريكيين سيتخذان خطوات ملموسة.

وأدى إحتجاز القدس برانسون إلى اشتعال ازمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وتركيا، بلغت ذروتها في أغسطس الماضي مما أدى لأزمة في الاقتصاد التركي واتفخاض لسعر الليرة التركية لتفقد 40% من قيمتها خلال عام 2018.

العقوبات لم تقتصر فقط على الشق الاقتصادي بل تجاوزت لتشمل شخصات رسمية؛ حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على وزيري العدل والأمن الداخلي التركيين، تتمثل في في مُصادرة الممتلكات لكلا الوزيرين وو فرض حظر على الأشخاص الأمريكيين الدخول في معاملات معهم.

ورفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الواردات التركية من الحديد والألمنيوم بنسبة تراوحت بين 25-50%.

جلال سلمي الباحث في العلاقات الدولية، رأى أيضاً، أن الافراج عن برانسون قد يأتى في إطار مقايضة حول تغيير أمريكا موقفها تجاه نائب مدير عام بنك خلق (على محمد حقان أتيلا) الذي ألقت السلطات الامريكية القبض عليه عام 2017 وحكمت عليه بالحبس 32 شهراً لإدانته بمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وطالبت السلطات الأمريكية، تركيا بدفع غرامة تصل إلى 37.5 مليار دولار لمعاقبة بنك خلق الذي تملكه الحكومة التركية.

و في أغسطس الماضي أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإدارة الأميركية رفضت عرض تركيا الإفراج عن القس أندرو برونسون لقاء وقف ملاحقة بنك خلق التركي المهدد بغرامات أميركية بمليارات الدولارات.

وتوقع سلمي أن يشهد الاقتصاد التركي تحسن مع إطلاق سراح القس، بعد أن ارتفعت الليرة التركية مقابل الدولار يوم الجمعة لتسجل أعلى مستوياتها منذ منتصف أغسطس قبيل عقد جلسة المحاكمة التركية للقس الأمريكي أندرو برانسون.

على النقيض يرى السعداوي أن إطلاق سراج برانسون قد يخفف الضغط قليلا على الاقتصاد الامريكي لكن لن يؤدي إلى عودة الاقتصاد لما كان عليه قبل أغسطس الماضي، المشاكل الاقتصادية التركية أعمق من أن يحلها إطلاق سراح برانسون.

و أضاف «أن ازمة الاقتصاد التركي هيكيلة تتعلق بتدخل أردوغان في السياسة المالية والنقدية، وتدخلات تركيا في الخارج التي أتت على حساب الاقتصاد التركي، وامور عديدة لا ترتبط بالعلاقة مع أمريكيا».

و تفتح تلك الخطوة العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين خاصة بعد التوترات التي حدثت في الأشهر الماضية.

ويرى مصطفي صلاح، الباحث بالمركز العربي للبحوث والدراسات، أن العلاقات التركية الأمريكية لا تسير في اتجاه واحد، مشيراً إلى أن العلاقات تشهد تجاذبات وتصاعدت بشكل كبير بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016 وإيواء الولايات المتحدة لفتح الله جولن والذي طالب أردوغان الولايات المتحدة مرات عديدة بتسليمه، لاتهامه بالوقوف وراء الانقلاب.

و تابع أن تطور الأحداث في سوريا والتنافس الروسي قاد الولايات المتحدة لانتهاج سياسة أحادية الجانب في سوريا دون التنسيق مع تركيا -حليفها التقليدي في حلف الناتو-.

وأضاف أن زيادة التعاون بين الولايات المتحدة والاكراد في سوريا أدى لازدياد التوترات بين البلدين.