«زي النهارده».. وفاة محمد الصواف مؤسس «الإخوان» في العراق 11 أكتوبر 1992

كتب: ماهر حسن الخميس 11-10-2018 06:19

في الموصل بالعراق، وفي 1915، ولد الداعية الإسلامي محمد محمود الصواف وهو أحد علماء العراق الإسلاميين، وكان من الذين جمعوا بين العمل السياسي والإسلامي. وقد ولد ونشأ في أسرة عُرفت بالصلاح، وتعمل بالزراعة والتجارة.

تلقى في صغره تعليمًا في المدارس التابعة للمساجد إذ أتم حفظه للقرآن الكريم في سن مبكرة، ثم درس مبادئ اللغة والشريعة بحيث تأهل ليلتحق بالمدرسة الفيصلية التي أنشاها العالم «عبدالله النعمة» المعروف في مدينة الموصل، والذي كان له تأثير كبير في شخصية الصواف فيما بعد.

وفي صغره التقي عالم الموصل وإمامها الشيخ محمد الرضواني؛ فكان يلازمه لسنوات في صلاة الفجر، ويبقيان يذكران الله حتى طلوع الشمس من كل يوم، ثم يخرجان سويا إلى دروس العلم والفقه وتخرج في المدرسة الفيصلية عام 1936م ثم عمل معلما في بعض المدارس الابتدائية ثم الثانوية، واستقال من عمله، وذهب إلى القاهرة، والتحق بالأزهر بكلية الشريعة عام 1943 م.

أقبل على العلم الشرعي، واستطاع اختصار سنوات الدارسة إلى النصف، وحصل على شهادة العالمية، وتخصص في القضاء في 3 سنوات بدلا من 6 سنوات وأثنى عليه الإمام المراغي شيخ الأزهر.

وكانت القاهرة في تلك الفترة عاصمة حية تموج بالأفكار والتيارات السياسية المختلفة، وكان الوافد إليها يجد بغيته من المناهل الثقافية والفكرية المتعددة، وكان النبوغ جزءًا من سمات ذلك العصر، وكان اعتناق الأفكار والمبادئ بدرجة من المثالية والنقاء سمة غالبة في أبناء هذا الجيل.

وكانت دعوة الإخوان المسلمين من أبرز الدعوات الرائجة في الساحة المصرية آنذاك، واستطاعت أن تجذب إليها مجاميع من شباب مصر والعالم الإسلامي، ومنهم الصواف الذي ساهم في تأسيس قسم الاتصال بالعالم الإسلامي في هذه الجماعة.

وبعد عودته إلى العراق وتبنيه فكر الإخوان المسلمين، رأى أن يبدأ الدعوة من خلال العمل الشعبي في المساجد والجمعيات والخطابة والتدريس وأسس فرعا لجماعة الإخوان في العراق.

وعمل الصوّاف مدرسا بكلية الشريعة في مدينة الأعظمية مفضلا التعليم على القضاء، وأنشأ جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ثم أسس مع الشيخ أمجد الزهاوي جمعية الأخوة الإسلامية سنة 1948 واجهة عمل الإخوان في العراق.

أصدر مجلة الأخوة الإسلامية التي استمرت عامين حتى أغلقتها حكومة «نوري السعيد» في العهد الملكي، وألغت الجمعية وأثار توقيع حكومة العراق لمعاهدة «بورتسموث» مع الإنجليز في 15 يناير 1948 غضبا لدى الشارع العراقي في حينه، فكان الصواف بخطبه النارية يمثل المعارضة، فتعرض للسجن، وفصل من عمله.

وكانت قد احتلت فلسطين صدارة جهاده؛ فعندما دخلت الجيوش العربية فلسطين وتم إعلان قيام إسرائيل في 15 من مايو 1948م.

وكان الصواف وإخوانه من الإخوان المسلمين في العراق في طليعة المجاهدين العراقيين الذين ذهبوا إلى فلسطين؛ فقد خرج على رأس مجموعة من الإخوان العراقيين إلى فلسطين بعدما جهز 3 أفواج بكامل عتادها وسلاحها، وعندما انتهت حرب 1948 بين العرب واليهود وقامت إسرائيل.

لم يتوقف جهاد الصواف في نصرة قضية فلسطين، بل خاض جهادًا آخر في ميدان الدعوة وأسس جمعية «إنقاذ فلسطين» وبعد حدوث انقلاب عسكري في العراق في 14 من يوليو 1958م بقيادة عبدالكريم قاسم، وألغيت الملكية وأعلن قيام الجمهورية العراقية.

وقد استقبلت الأوساط السياسية والشعبية هذا الانقلاب بابتهاج شديد سرعان ما تبدد مع صعود الشيوعيين ومحاولتهم الاقتراب من عبدالكريم قاسم الذي رحب بهم في البداية لعدم وجود قاعدة سياسية أو حزبية يتكئ عليها في ممارسة الحكم، إضافة إلى صراعه مع الضباط الوحدويين مثل عبدالسلام عارف.

وأدى اقتراب قاسم من الشيوعيين إلى احتقانات سياسية عسكرية كبيرة استغل بعضها أحد قادة الجيش وهو «عبدالوهاب الشواف» للقيام بحركة انقلاب مضادة في الموصل، عرفت بحركة الشواف ساندته فيها القوى المختلفة الرافضة للشيوعية، غير أن فشل الحركة تسبب في حدوث مجازر قام بها الشيوعيون، وأشيع أن الصواف قد قُتل ونعته بعض الإذاعات العربية، غير أن الرجل كان قد اختفى فترة، ثم رحل إلى الشام سرا في 1959 إلى أن توفي «زي النهارده» في 11 أكتوبر 1992 في مطار مدينة إستانبول؛ حيث كان ينتظر الطائرة التي ستقله إلى مكة المكرمة.