السيد منصف.. صياد أَسَرَتْهُ إسرائيل أثناء زرع الألغام

كتب: أمل عباس الأحد 07-10-2018 06:56

بعد أن كان منتهى أمله أن يرزقه الله بملء شبكته من السمك، وبعد أن وقعت نكسة 1967 أصر البطل السيد محمد منصف، 71 سنة، أحد الفدائيين، عضو منظمة سيناء العربية، على قتال العدو وزرع الألغام بدلا من صيد الأسماك، حيث ترك عائلته وكل شىء من أجل تحقيق النصر، وبات أسيرا فى السجون الاسرائيلية 14 شهرا تعرض خلالها لجميع أنواع التعذيب حتى عاد فى صفقة تبادل أسرى.

«المصرى اليوم» التقت منصف فى منزله بمنطقة الإيمان بمحافظة السويس، حيث استعاد بذاكرته أصعب لحظات مرت عليه حيث تدخل القدر أكثر من مرة لينقذه ويعيده إلى الحياة، وبدأ حديثه قائلا: «أنا صياد هذه مهنتى التى أفخر بها، وعندما وقع العدوان على سيناء فى 67 طلبت المخابرات الحربية المصرية من محمد غريب شلبى رئيس جمعية الصيادين أن يصطحب الصيادين بحثا عن الجنود التائهين فى الجبال، اجتمع بنا وخرجنا فى 6 مجموعات بقواربنا نعبر الجهة الأخرى بحثا عن الجنود لاستعادتهم بحثنا فى الجبال وانتشرنا فى البحر كل يوم نعبر من السخنة والجناين إلى الناحية الاخرى بسيناء، كنا نعود يوميا بنحو 10 جنود مفقودين أو أكثر حتى تمكنا من إعادة نحو 400 جندى».

وأضاف: «قامت القوات المسلحة بتقديم الشكر لنا وعرضت على من يريد الاستمرار معهم فى النضال أن يتقدم فكنت أول المعلنين عن رغبتى فى استمرارى معهم وأصبحنا خمسة صيادين فدائيين، وبالفعل استلمنا لاسلكى وعرفنا شفراته وتولى الجيش تدريبنا على الأسلحة وزرع الألغام. أتذكر أبرز العمليات التى قمت بها فى أول يناير 1969 عندما قررنا تدمير أتوبيسين محملين بعشرات الجنود الاسرائيليين ومدرعتى حراس بعدما تلقينا الاوامر بتنفيذ تلك العملية وانطلقنا باللنش إلى منطقة «كشران» واخترنا المكان الذى سنزرع فيه الألغام وعدنا ثانية فى ذات اللنش الذى انتقلنا به فى رحلة الذهاب، وعند الساعة الرابعة فجرا بينما كنا فى البحر فى طريق العودة إلى منطقة الزعفرانه سمعنا أصوات الانفجارات».

وتابع: «كانت فى انتظارنا سيارة من المخابرات الحربية المصرية أعادتنا إلى السويس وقام المكتب بتكريمنا بمبلغ مالى كبير، وفى الحقيقة لم نكن نريد أى أموال لأننا عقدنا العزم أن نضحى بأرواحنا فى سبيل نيل الحرية دفاعا عن وطننا الغالى لأننا نرى أننا نقوم بواجب وطنى بعد أن نادانا الوطن فلبينا النداء وعلمنا بعد ذلك أن خسائر العدو كانت مقتل 42 جنديا وتم إذاعة الخبر بجميع إذاعات العالم فيما كذبت إسرائيل وادعت أنه قتل فيها جنديان فقط».

وأكمل منصف حديثه قائلا: «فى 15 يناير 1969 كنا فى طريقنا لتنفيذ عملية خرجنا فى قارب بحرى من ميناء بورتوفيق وأخذنا معنا المعدات والألغام وانتقلنا إلى منطقة رأس لجوم قبل حمام فرعون بعدة كيلو مترات. كان الموج عاليا ووصلنا إلى المكان المحدد وزرعنا الألغام إلا أننا فوجئنا ونحن عائدون بمركب تجارى كبير قادم نحونا من بعيد وكانت هذه خدعة من الاسرائيليين وقف أمامنا مباشرة وأطلق علينا النار، حاولنا الهرب دون فائدة وحدثونا عبر مكبرات صوت بتسليم أنفسنا وهو ما حدث بسبب النيران الكثيفة، حيث لم يكن هناك مفر وألقت القوات الاسرائيلية القبض علينا».

وأوضح: «ألقينا بجهاز اللاسلكى الذى معنا وجميع معدات الحفر التى استخدمناها فى زرع الألغام فى البحر وأخرجونا من المركب وانتقلوا بنا إلى أبوزنيمة والمفاجأة أن الدليل الذى كان معنا اليهود يعلمون أنه يعمل مع المخابرات المصرية لكنهم لم يستطيعوا إمساك دليل عليه لذا طالبوه بأن يسافر مصر وألا يعود ثانية وإلا سيتم القبض عليه أو قتله، وبضبطه معنا تأكدوا أننا لسنا صيادين عابرين وإنما جئنا لتنفيذ عملية ضدهم وجاء أحد الضباط الاسرائيليين الذى كان يتحدث باللغة العربية وأطلق النيران على زميلى وأصابه بطلقة فى جانبه وتم نقله بواسطة طائرة إسرائيلية إلى مستشفى بتل أبيب، فالضابط كان يقصد إرهابه فقط من اجل إخافتنا لنخبرهم بأى معلومات تساعدهم فى كشف أى عمليات ضدهم لكننا فضلنا الموت على أن نتحدث بكلمة واحدة».

وأضاف: ذقنا جميع أنواع التعذيب وتنقلنا من سجن لاخر ومكثت بسجن سرافت ثلاثة أشهر ثم انتقلنا إلى سجن غزة المركزى ثم سجن اشكلوم فى اسرائيل، الا اننى سقطت فى حالة إعياء من شدة التعذيب وتم نقلى إلى مستشفى فى بئر العبد كانوا يعلقوننى بالحبال فى الشجر ويظلون يعتدون على بالضرب، وقمت بسب ضابط إسرائيلى أثناء تعذيبه لى عندما قال لى «عبد الناصر ده مجنون»، سألته لماذا؟ رد قائلا «ماله باليمن وفلسطين ما ينظر إلى شعبه ويرعاه»، فسبيته وقلت له انتم مجانين وليس من حقكم شىء فقام بضربى فوضعت يدى المكبلة بالسلاسل الحديدية خلف رأسى لأحميها من ضربه الهستيرى على، وبعد مكوثى فى المستشفى الذى نقلت له إثر هذا الاعتداء والتعذيب نحو 45 يوما، عدنا فى صفقة تبادل أسرى.