تنتخب البرازيل رئيسها الجديد يومى 7 أكتوبر الجارى، فى اقتراع يصعب التكهن بنتيجته، فى الدولة التى تبلغ مساحتها 8.5 مليون كيلو متر مربع، بما يعادل نصف مساحة أمريكا الجنوبية، أحد أكبر مصدرى المواد الأولية، لكن فضائح الفساد طبعت الحياة السياسية فيها خلال السنوات الأخيرة.
وتمتد البرازيل المعروفة بشواطئها الجميلة، على مسافة 7400 كيلومتر من السواحل على المحيط الأطلسى، وهى البلد الوحيد الناطق بالبرتغالية بأمريكا الجنوبية، وتتقاسم حدودا مع كافة دول القارة تقريبا باستثناء تشيلى والإكوادور، وتحتضن المساحة الأكبر من غابات الأمازون الرئة الخضراء لكوكب الأرض، ويقطنها 208 ملايين نسمة، وهى أكبر بلد كاثوليكى فى العالم.
وكانت البرازيل تحت سيطرة البرتغال منذ عام 1500 وأصبحت ملكية مستقلة عام 1822 ثم جمهورية فى عام 1889، وألغيت العبودية عام 1888، وحكمتها ديكتاتورية عسكرية بين عامى 1964 و1985، وفى 2003 بات لويس إيناسيو دا سيلفا من حزب العمال أول رئيس يسارى للبرازيل، وأعيد انتخابه عام 2006، وبفضل برامجه الاجتماعية خرج 29 مليون برازيلى من حالة البؤس، وفى السنوات الأخيرة شهدت الحياة السياسية تقلبات كبيرة، بعد إقالة أول امرأة تتولى الرئاسة وهى الرئيسة السابقة ديلما روسيف (2010-2014) عام 2016 بعد اتهامها بالتلاعب فى حسابات عامة، بينما نجا الرئيس اللبنانى الأصل، ميشال تامر من الإقالة رغم فضيحة الفساد التى تورط فيها، وعزف عن الترشح لولاية جديدة بسبب تدنى شعبيته، فيما رفض القضاء ترشيح لولا، الذى ظل لفترة طويلة الأوفر حظا رغم سجنه فى إبريل الماضى، بتهمة فساد، ولم يسلم أى حزب كبير من فضيحة الفساد الهائلة التى انكشفت عام 2014 وتتعلق بصفقات عامة لشركة النفط العامة «بتروبراس».
وتواجه البرازيل التى شهدت ركودا تاريخيا مع تراجع 3.5% فى الناتج الإجمالى عامى 2015 و2016، صعوبات فى تعزيز النمو، وحقق اقتصادها نموا 1.5% فقط العام الماضى، وخفضت الحكومة توقعاتها لعام 2018 إلى 1.6%، وسبب إضراب سائقى شاحنات النقل وعدم وضوح الرؤية حول الانتخابات الرئاسية تراجع العملة الوطنية «الريال»، رغم أنها أقوى اقتصاد فى أمريكا اللاتينية ولديها موارد اقتصادية ضخمة وتعتمد على قطاع صناعى حيوى يشمل السيارات والطيران والأدوات المنزلية والنسيج، وهى أحد منتجى ومصدرى القهوة والسكر وعصير البرتقال والإيثانول والحديد والصويا ولحم الأبقار والدواجن، فى العالم، إلا أنها تحتل المرتبة الـ9 عالميا فى الفوارق الاجتماعية، بحسب البنك الدولى مع آلاف مدن الصفيح التى يوجد مئات منها فى ريو دى جانيرو، كما أنها أكثر الدول التى ينتشر فيها العنف مع عدد قياسى من 63880 جريمة قتل عام 2017، ونحو 60 ألف حالة اغتصاب وأكثر من 600 حالة عنف منزلى يوميا، ومع ذلك فهى معلم مهم فى كرة القدم وحازت على مونديال كرة القدم 5 مرات، وتتميز بالموسيقى والرقص من السامبا إلى الفونك مرورا ببوسا نوفا والجاز، بحسب تقرير وكالة الأنباء الفرنسية.
وسيواجه الرئيس المقبل ضغوطا قوية من الأسواق لمواصلة سياسة التقشف مع ضرورة تنشيط الاقتصاد و23 مليون فقير، و13 مليون عاطل، وخلل الموازنة وصعوبات تلبية حاجات المواطنين والخدمات الأساسية، وبلغ حجم الدين العام 77% من إجمالى الناتج المحلى مقابل 56% عام 2014، وسط توقعات ببلوغه 140%، رغم تجميد النفقات العامة وإصلاح نظام التقاعد ويخوض السباق الانتخابى 23 مرشحا، وشارك العديد منهم فى مناظرات حول برامج كل منهم لمواجهة التحديات، والمرشح الأوفر حظا جاير بولزونارو من اليمين المتشدد، ويدعو لنظام تقاعد ممول وخفض نسبته 20% للدين العام ببرامج خصخصة، والمرشح الثانى حسب استطلاعات الرأى هو فرناندو حداد عن حزب العمال، ويقترح «وضع حد للخصخصة» و«التصدى للتهرب الضريبى» لتحقيق توازن الحسابات العامة، حسب ما أكدت دراسة للبنك الدولى، ومجلة «إيكونوميست» البريطانية.