أعلن الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، تلقيه خطابا من عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، يتضمن الاعتراض على مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية، والمعروف إعلاميا بـ«التجارب السريرية»، والذي انتهى المجلس منه وأرسله إلى الرئاسة، إلا أن الرئيس اعترض عليه وأعاده للمجلس مرة أخرى لدراسته ومناقشة الملاحظات التي أبداها «السيسى».
وقال عبدالعال إنه للمرة الثانية في تاريخ الحياة النيابية في مصر يتم إعادة مشروع قانون من الرئيس إلى البرلمان مرة أخرى.
وأشاد «عبدالعال» خلال الجلسة العامة، اليوم الثلاثاء، بقرار الرئيس بالاعتراض على مشروع القانون، وأضاف: «حسنا فعل الرئيس بأن استخدم حقه الدستوري في الاعتراض على المشروع بقانون، وأعتقد أن الباحثين والأكاديميين في القاعة ممتنون للرئيس للاعتراض على مشروع القانون لكي يأتي متوافقا مع الدستور، ونشكر الرئيس لاستخدام الحق في إعادته للمجلس».
ونصت رسالة الرئيس الموجهة إلى المجلس على اعتراضه على مشروع القانون بحكم المادة 123 من الدستور، وأضاف «السيسى» في خطابه: «لقد عاهدت المجلس أن أضع الحقيقة مجردة ونتحمل مسؤوليتنا في البقاء والبناء وتمسكنا بعقدنا الاجتماعي بأن يكون دستورنا المصارحة والشفافية وتحقيق التنمية والاستقرار لمصر وبناء مستقبل يليق بتاريخنا، ولقد تابعت باهتمام مناقشات القانون ولاحظت من البداية تزايد الشد والجذب حول عديد من الأمور الخلافية بالمشروع، وطالعت بإمعان تام نصوص المشروع والذي أقره المجلس بجلسة 14 مايو 2018، وتزامن مع ذلك ورود رسائل عديدة من الدوائر العلمية والمهنية المعنية بالقانون، والتي تؤكد استمرار حالة الجدل داخل وخارج البرلمان».
وأشار الخطاب إلى أن الموضوع يحظى بدرجة عالية من الأهمية والخطورة تأسيسا على تشابك تداعياته العلمية والقانونية والاجتماعية وتعلقه بالحماية الدستورية وبالحق في الحياة وحرمة جسد الإنسان من جهة، وحرية البحث العلمي من جهة أخرى، والتي نص عليها الدستور، وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق الاستقلالية الوطنية وإسهام المصريين في الخارج في نهضة البحث العلمى .
وتابع «السيسى» في خطابه: «وترتيبا على كل ما ذكرت وجهت بسرعة اتخاذ رأي الجهات العلمية واعدت الاطلاع على المشروع ولاحظت عدة أمور رأيت معها أن أعيد القانون للمجلس الموقر لإعادة النظر فيه وفقا للأحكام الدستورية المقررة خاصة ما يتعلق بالمواد 4 و5و 9 و20 و22، والتي تحتوى على نصوص تشترط موافقة المجلس الأعلى للجامعات والمخابرات العامة والهيئات الرقابية على بروتوكول البحث والتفتيش عليه، ونظرا لأن الأبحاث الطبية تشمل رسائل الماجستير والدكتوراه والحرة والممولة في كليات الطب البشري والعلوم والصيدلة مما يعني وجود أعداد هائلة كل شهر يستحيل معها متابعة جميع الأبحاث».
واعترض الرئيس في خطابه على عدد ممثلي الجامعات المصرية والمعاهد في المجلس الأعلى للبحوث الطبية، وهو 4 فقط من أصل 15، وقال «مع العلم أن 97% من الأبحاث العلمية تجرى في الجامعات والمعاهد التابعة للتعليم العالي»، كما لفت إلى أن مشروع القانون ينص على أن يتولى الأمانة العامة للمجلس الأعلى رئيس الإدارة المركزية للعلوم الطبية في وزارة الصحة، وأضاف الرئيس في خطابه «مع العلم أن الوزارة لا تمثل إلا جزء ضئيل جدا من مجمل هذه الأبحاث في مصر».
ولفت إلى أن المواد العقابية من المادة 28 إلى المادة 35 لا تأخذ في عين الاعتبار طبيعة البحث العلمي وتعتبر المخالفات متساوية بغض النظر عن طبيعة وتصميم البحث مما يحدث خوفا شديدا لدى الباحثين ويتسبب في إعراضهم عن البحث العلمي.
واكد «السيسى» في خطابه على عدم واقعية النص المتعلق بمنع تحليل عينات المصريين في الخارج، وقال: «القانون ينص على أن إرسال عينات بشرية للخارج يترتب عليه عقوبات سجن وغرامة حتى لا يتم العبث بالجينات المصرية»، موضحا أن الجينات المصرية تمت دراستها بواسطة عدد من الجهات ومنها مؤسسة أمريكية، كما يوجد 10 ملايين مصري في الخارج يمكن بسهولة الحصول على عينات من جيناتهم، مشيرا إلى أن هذا النص يتناقض مع تحفيز الجامعات على البحث وإجراء والبحوث المشتركة، كما أن إرسال العينات يتيح الفحص بأجهزة لا تكون متوفرة محليا.
وأضاف: «هذه الملاحظات دعتنى لممارسة صلاحيات الرئيس وبمقتضاها أرد اليكم مشروع القانون لإعادة النظر فيه في ضوء الملاحظات المذكورة ويجب إيلاء دراسة المشروع عناية خاصة ومشاركة أوسع من الجهات العلمية لإحداث توافق بين الجهات ذات الصلة وللرد على المتربصين لإثارة البلبلة بين المصريين».
وعلق عبدالعال على الخطاب قائلا إن رد مشروع القانون مؤشر على حيوية الحياة السياسية، والتفاعل الصحي بين جميع السلطات، وأضاف: «كشف الخطاب حرص الرئيس الشديد على خروج هذا القانون بأكبر قدر من التوافق بين جميع الأطراف».
ولفت إلى أن مشروع القانون كان بالفعل محل جدل كبير بين لجنة الشؤون الصحية وكان من المفروض أن يتم إحالته للجنة التعليم والبحث العلمي، وقال عبدالعال: «كلنا نعرف أن أكثر من 97% من الأبحاث تجرى في الجامعات».
وأشار إلى أنه سبق وتلقى اتصالات من عمداء كليات الطب وغيرها من الكليات المعنية بالبحوث الإكلينيكية، أبدوا خلالها انزعاجهم من مشروع القانون، موضحا أنه طلب من رئيس لجنة الصحة محمد العماري الاستماع لهم ولكن كان في ظروف معينة أحالت دون ذلك، بحسب تعبيره.
وقرر المجلس إحالة الاعتراض والمبادئ محل الاعتراض إلى اللجنة العامة للمجلس فور تشكيلها لدراسة الامر وابتاع الإجراءات المقررة في اللائحة بهذا الشأن وتابع: «كلى ثقة في أن اللجنة العامة ستولى الأسباب التي وردت في خطاب الرئيس العناية التامة من أجل إخراج القانون متوافقا مع الدستور وفقا لأحدث المعايير الحاكمة للأبحاث العلمية.