أكد الفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، أن العام الحالى شهد الكثير من الأحداث والفعاليات والأنشطة المسرحية المهمة، وقال فى حواره لـ«المصرى اليوم»: «إن البيت الفنى نجح فى إيجاد أماكن بديلة لعروضه وتجول بها فى كل ربوع مصر»، وأضاف أن عروض مسرح الدولة ساهمت فى إنعاش المسرح الخاص، وفى عودة كبار النجوم إليه، وأشار إلى أن هناك العديد من الأحداث المسرحية المهمة ستكشف عنها وزيرة الثقافة فى مؤتمر صحفى سيعقد قريبا، وستؤكد الوزيرة خلاله مدى اهتمام الدولة بالمسرح وعروضه ومهرجاناته ودوره التوعوى وأن الدورة القادمة لمهرجان المسرح العربى ستكون تحت رعاية رئيس الجمهورية، تأكيدا على مدى إدراك الدولة لدور «أبوالفنون» فى تنمية وتوعية وجدان الشعب المصرى.. وإلى نص الحوار:
ما تقييمك لمسرح الدولة فى 2018؟
- المسرح فى حالة تصاعد على كل التيارات، وفيما يخص البيت الفنى، قمنا بعملنا بإخلاص، وأوجدنا حلولا مختلفة للمشاكل التى واجهتنا، كل ذلك فى سياق تنظيمى، سواء كعدد عروض وليالى عرض، بالإضافة إلى تواجد عدد من النجوم، منهم الدكتور يحيى الفخرانى، وتحقيق مسرحيته إيرادات كبيرة، ونجوم آخرين، مثل أحمد بدير، وسامح حسين، وفتحى عبد الوهاب، وتحقيق إيرادات بالملايين من خلال مجموعة من الشباب الذين قدموا عروضا قليلة التكلفة، مثل «يوم أن قتلوا الغناء»، و«قواعد العشق الـ 40»، و«سنووايت» الذى حصد مؤخرًا جوائز مهرجان المسرح، ومجموعة الأفكار الجديدة على الساحة فى وجود أول فرقة مسرحية متخصصة تابعة للبيت الفنى لذوى القدرات الخاصة، وتواجد مسرحى كبير فى الأقاليم من خلال المسرح المتجول، أو مسرح المواجهة، فالمسألة أصبحت فى ازدياد رغم وجود بعض المعوقات بسبب الحماية المدنية، لكن هناك تعاونا بينها والقائمين على الحركة المسرحية لصالح الجمهور، للوصول إلى كفاءة معينة لدور العرض، ورغم ذلك استطعنا إيجاد أماكن بديلة، ونجح مسرح الدولة فى ملء فراغ كبير، وستظل أسعارنا لتشجيع الجميع للهدف التنويرى ولعودة الفنانين إلى المسرح مرة أخرى.
■ كيف كانت الخطوات لإيجاد الأماكن البديلة؟
- هنا أُشيد بدور الدكتور أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقد انتقلت عروضنا إلى أماكن عديدة، سواء فى القاهرة أو الإسكندرية أو الأقاليم، فقدمنا مجموعة عروض رائعة بالتعاون مع الثقافة الجماهيرية، ويجب أن ألفت النظر إلى تصاعد المسرح الجامعى، فى جامعات مثل عين شمس، القاهرة، المنصورة، وغيرها، قاموا بتقديم عروض مميزة وقمنا بالتعاون معهم بكل الأشكال كممثلين، ومخرجين، وكُتاب، بخلاف مسرح المواجهة الذى تجولت عروضه فى أنحاء الجمهورية، وكم تمنيت أن يرى الجميع ما حدث فى ساحة الحجاج بمحافظة الأقصر، وردود الأفعال حول العروض، حيث كانت أمهاتنا وإخوتنا يشاهدون المسرح لأول مرة فى ساحة تسع 2000 مواطن، بالإضافة إلى «حلايب وشلاتين»، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر.
■ كيف ترى عودة النجوم الكبار للمسرح مرة أخرى؟
- النجاح يأتى بنجاح والتنافس مطلوب بشكل إيجابى، ولا أحد ينكر أن ما حدث فى البيت الفنى للمسرح على مدار الـ 5 سنوات الماضية، سواء فترة تولى الفنان فتوح أحمد أو بعدما توليت المسؤولية، كان ناجحًا فى الصعود، سواء داخل مصر أو الأقاليم التى وصلت لذروتها، وبعض الجهات الخاصة التى بدأت تفتح مسرحا وآخر، وهذا شجع الكبار إلى العودة، مثل الفنان محمد صبحى من خلال عرضه «خيبتنا» الذى أتمنى له كل التوفيق، زمان كان لدينا كم هائل من المنتجين الذين انسحبوا من الساحة، ولكن لم يعُد المسرح الخاص بشكل كامل حتى الآن، ولكن عودة صبحى إضافة جديدة للحركة المسرحية هذا العام وجعل المسرح الخاص يضع نفسه على الخريطة مرة أخرى، كما أن تواجد البيت الفنى بعروضه خلق حالة نشاط مسرحى، بالإضافة إلى الإنجاز الذى قدمه الفنان أشرف عبد الباقى، بفرقته «مسرح مصر»، استطاع أن يعيد الجمهور مرة أخرى، ولا ننسى مركز الإبداع التابع للأوبرا وما قدمه المخرج خالد جلال، وصناعته لحالة رواج وجودة فنية، كل هذه حصيلة كبيرة حصدها رواد المسرح، وأرى أن هناك تنافسا شريفا ومحترما بالإضافة إلى الفرق المستقلة وتجاربهم ومهرجاناتهم التى تُثرى الحركة المسرحية، فكان الموسم مليئا بالأحداث والأعمال الجديرة بالاحترام، لكن يجب أن أؤكد على الجودة الفنية، وهذا يسير بالتوازى مع القضايا التنويرية والحضارية للمجتمع المصرى وسنجده فى أكثر من مبادرة، سواء من مسرح الشمس، أو المواجهة، وأطالب كل من المخرج مجدى الهوارى، والفنانين محمد صبحى ومحمد هنيدى، أن تمثل هذه العودة المسرحية فائدة للمتفرج المصرى حتى يعود مرة أخرى إلى «أبو الفنون» وأن يعود دوره التنويرى الثقافى.
■ كيف رأيت الجدل حول عرض «حدث فى بلاد السعادة»؟
- هذا العرض قمنا بإنتاجه مؤخرًا، والجدل حوله كان إيجابيا، والعرض يترجم وضعا راهنا، ويجب أن نفهم أن المسرح والثقافة سابقان بخطوة، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا بوجود شعب وحاكم متماسكين وهو ما يضعنا فى المقدمة، ويجعل المسرح يسير على الطريق الصحيح.
■ إلى أين وصل مشروع «ابدأ حلمك»؟
- قريبًا جدًا ستُعلن الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، فى مؤتمر صحفى يتم الإعداد له عن حركة التجوال الجديدة، ومشروع «ابدأ حلمك»، والذى نشأ فى البيت الفنى للمسرح، ومسرح الشباب، بمجموعة من الشباب المخلصين الذين نجحوا فى الخروج إلى النور وقدموا لنا قرابة الـ100 موهبة من خلال عرض رائع باسم «نظرة ومدد»، وحاليا نحن بصدد تقديم الدُفعة الثانية بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، تنطلق من 3 محافظات، هى أسيوط، والفيوم، والشرقية، وستنتهى بعروض تُقدم للفروع فى كل محافظة وتنتقل بعدها إلى القرى والنجوع.
■ ما خطة البيت الفنى للمسرح لعام 2019؟
- نحن بصدد عمل شراكة واعية وجديدة لتنمية مستدامة للمنتج المسرحى، بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية، ويتم حاليًا الإعداد لها من خلال بروتوكول للاستفادة، سواء من المنتج المسرحى، أو المنشآت، لعمل موارد جديدة تُفيد خزانة الدولة من ناحية، وتفيد صيانة المسارح والبنية التحتية، بالإضافة إلى تقديم دُفعة جديدة لورشة «ابدأ حلمك» من المحافظات، والاستعداد لبدء المرحلة الثانية من «مسرح مصر» الذى كنا انتهينا من الجزء الأول له، على الرغم أن ميزانية التخطيط قد أغفلت هذا المسرح ولكنه سيكون صرحا ثقافيا كبيرا، فى محاولة ليكون به مصادر دخل وتمويل بشكل آخر، بالإضافة إلى قرب الانتهاء من ورش ومخازن 6 أكتوبر، والعمل على تطوير المسرح العائم الكبير والصغير وننتظر فقط الجزء الخاص بالحماية المدنية.
■ هل واجهتم عوائق فى تقديم منتج ثقافى بمتطلبات السوق الحالية؟
- الإجابة هنا تكمُن فى شقين، الأول خاص بالرسالة الجمالية والثقافية والتنويرية التى يجب أن تصل للجمهور وأُبشركم بأنه فى كل مكان تواجدنا فيه كانت هناك حفاوة بالغة بالمنتج المسرحى وبالرسالة الهادفة وكنت أشعر بالفخر عندما ذهبت إلى الفيوم ووجدت عددا من رواد المسرح بعد انتهاء العرض يتناقشون فى كيفية تجديد الخطاب الدينى وأنه لابد من مواجهة الإرهاب، ويجب أن يكون هناك قبول للرأى الآخر، وصورة أخرى فى حلايب وشلاتين، شاهدتهم يخرجون بأعلام مصر بعد عرض «ولاد البلد»، فهنا أستطيع أن أؤكد أن الناس يحتاجون للحالة المسرحية، ولديهم شغف واستقبال لكل ما يقدم من رسائل هادفة ومتشوقون لها.
■ وماذا عن الشق الآخر؟
- المعوقات ناتجة من الروتين وإن الوزارات تحتاج إلى زيادة التشبيك وهمزة وصل وأن يكون هناك تعاون صادق لإيصال الخدمة لكل مصر، فالمشاكل كلها كانت لوجستية فى الإقامة والإعاشة، وجميعها تكمن فى الإجراءات الإدارية والمالية، وسرعة الاستجابة لتحقيق الأهداف التى نصبو جميعها لتحقيقها.
■ وما هى الحلول من وجهة نظرك للإسراع بتحقيق هذه الأهداف؟
- من خلال التواصل مع منظمات المجتمع المدنى، ولابد أن يسير هذا فى إطار إجراءات سهلة مُيسرة، سواء إداريًا أو ماليًا، ولكن إذا لم يحدث ذلك وأردنا تحقيق مشروع ما سيكون نصيبه التأجيلات لفترات طويلة، فالمعوقات جميعها لوجستية، سواء فى الإقامة والإعاشة، أو البنية التحتية التى تحتاج فيها جميع المسارح إلى التعاون مع الحماية المدنية وباقى الجهات، لأن منظومة الحماية المدنية ليست على الكود المصرى، وهذا ليس فى «الثقافة» فقط ولكن فى كل الجهات الحكومية، فتطبيق الكود يتم بمجموعة عمليات وكثير من الاتفاقات وكل هذا يحتاج إلى وقت ومجهود، خاصة أن كثيرا من الأجهزة الخاصة بالمسرح يتم استيرادها من الخارج، فهنا لابد من تسهيل الإجراءات حتى نستطيع الإسراع فى عمليات فتح المسارح وما إلى ذلك.
■ ما أسباب عدم وجود تبادل خارجى لعروضنا المسرحية؟
- حاليًا نقوم بتقديم عروض فى الخارج ولكن ذلك لا يتعدى سوى دول محددة، مثل الأردن، والجزائر، والمغرب، وتونس، وأحيانًا السودان، ولكن الانتشار الحقيقى يحتاج لوجود خريطة للثقافة الخارجية، حيث إن المنتج المسرحى الذى أعتبره أقيم وأفضل منتج يُقدم، لأنه يعبر عن الفكر والحضارة المصرية واستشراف المستقبل وأن تكون هناك خريطة مقسمة لدول أوروبا، وأتساءل أين نحن من هذه الأماكن، ومتى يتم تقديم عرض مسرحى فى أمريكا، وأوروبا، على الرغم أن لدينا عروضا قيمة موجودة سواء فى البيت الفنى أو خارجه، للكبار، أو العرائس، فنحن قادرون على أن نصل للآخر فى أى مكان بالعالم، وأرى أن هذا كله يحتاج إلى خريطة.
■ ما الذى يمنع تحقيق ذلك؟
- من الممكن أن يكون العائق ماديا، وهذا ما يجعل هناك صعوبة، ولكن أرى أنه شىء مهم وضرورة الخروج من الاكتفاء بالأشياء التقليدية التى يتم إرسالها لتؤدى مهام زخرفية للثقافة، مثل التنورة، فهذا هو ما يقدم فى الخارج، على الرغم من أننا رأينا مؤخرًا حدثًا جيدًا فى إيطاليا، والسعودية، ومجموعة الحفلات التى حضرتها وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، لذلك لا بد من وضع المسرح وعروضه على هذه الخريطة.
■ الإرهاب كان محور عروض البيت الفنى هذا العام فماذا ستناقش العروض فى العام المقبل؟
- حينما قدمنا رسالة تنويرية لاقت نجاحًا وصدى ومردودا بين الجمهور، وهو دور لابد أن يستمر إلى الأبد، وتغيير الأفكار الموجودة لدى الناس وإعلاء قيم الحوار وتقبل الآخر، لكن أرى أننا نسير لإضافة جديدة مهمة جدًا فى مسيرة الدولة المصرية، وهى فكرة دور المواطن تجاه الدولة، بمعنى أن الذى يقوم به الفرد فى محصلته يؤثر على مسار الدولة، فإما أن يدفع الفرد للأمام، أو يتراجع ويقف فى الخلف، ويأتى هذا نتيجة ما أراه مؤخرًا من كم الشائعات الكثيرة التى يتوه معها الكلام الذى يحمل قيمة ونقدا بناءً، وما إلى ذلك وأن دورك مهم إلى جانب الدولة بشكل متوازٍ وحتى إذا كان هناك نقد فيجب أن يكون فى الإطار الإيجابى وأعتقد أن هذا سيكون مسارنا التنويرى فى الفترة المقبلة ومواجهة الشائعات عبر السوشيال ميديا، والتوعية إلى ذلك، بالإضافة إلى استمرارنا فى مواجهة الإرهاب من خلال الرسائل المسرحية للعروض.
■ وماذا عن أزمة تأخير المستحقات ورواتب الموظفين بالمسارح؟
- أعتقد أن الأزمة سببها الوقت الذى تستوفيه منظومة الدفع الإلكترونى، والدورة المستندية حتى يحق لنا الصرف، فتأخذ وقتا ومراحل كثيرة.
■ ومهرجان المسرح العربى ودورته المقبلة فى مصر؟
- الهيئة العربية للمسرح تُعظم الدور المصرى وتاريخه، ورأت أن البداية فى كل دورة عشرية أن تكون فى مصر، لذا ستتم استضافة مصر لهذه الدورة، وجاءت لنا الموافقة الرسمية برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، لها، والدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، وأوجه خالص احترامى لشخص الشيخ سلطان القاسمى، الذى يقف خلف الحركة الثقافية العربية بشكل قوى، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح، وحسن النفالى، وغنام غنام، ومن مصر الدكتور سامح مهران، والمخرج عصام السيد، والمخرج خالد جلال، وأنا أُباشر كلجنة تنفيذية، وستسير الأمور على 3 مسارات، التنافس، وتقوم به لجنة من خلال الهيئة، وآخر للعروض، ومسار يعبر عن الحركة المسرحية المصرية التى تُقام فيها الدورة.
■ ماذا أعددتم لتقديمه فى المهرجان؟
- سنقدم مجموعة من العروض، منها «مخدة الكحل»، «الطوق والإسورة»، بالإضافة إلى أن مسارحنا فى القاهرة والأقاليم ستكون مفتوحة للجماهير، ومسرح العرائس- السلام، وكل هذا سيكون تحت مظلة المسرح العربى تعبيرًا عن قوة ونهضة الحركة المسرحية الموجودة فى مصر، وسنكرم 15 شخصية مسرحية فى هذا المهرجان، بالإضافة إلى مجموعة من الإصدارات التى تتكفل بها الهيئة العربية عن المسرح المصرى وما إلى ذلك، مع القيام ببعض الأنشطة الخاصة بالورش والندوات.