رحب عدد من الخبراء بإرساء مبدأ المصالحة مع المستثمرين، الذين كانت لهم تعاملات مع النظام السابق وحصلوا على أراض، معتبرين أن الخطوة تساهم فى دعم الوضع الاقتصادى المتردى فى الوقت الحالى، وتعمل على تهدئة حالة الذعر التى سادت أوساط المستثمرين، والحفاظ على ما سموه «الفرصة البديلة»، مطالبين بأن تقتصر المصالحة على حالات التربح التى ربما تكون تمت من خلال موقف قانونى صحيح، مشددين على ضرورة استمرار العقوبة الجنائية للمخالفات التى تمت من خلال دفع رشاوى، أو تقديم مستندات غير سليمة، مع إرساء قواعد مستقبلية تحافظ على حقوق الدولة.
قالت الدكتورة ماجدة قنديل، رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إنه من الأفضل من الناحيتين الاقتصادية والعملية ان تتم المصالحة فى حالات الحصول على الأراضى والتى تمت بالتعاون مع النظام السابق، مشيرة إلى أن الحالة الاقتصادية تحتاج إلى اختيار أفضل البدائل، موضحة الحصول على مبالغ مالية من خلال تقييم الأراضى بقيمتها الحقيقية، فضلا عن أن إلزام المستثمرين بدفع تعويضات، يساهم فى مساندة الاقتصاد المحلى، الذى يحتاج إلى مزيد من الدعم خلال الفترة الحالية.
وأضافت قنديل أن المخالفات التى شابت عمليات التعامل على الأراضى لم تقتصر على مجموعة صغيرة، لكنها امتدت إلى أعداد كبيرة من المحيطين بالنظام السابق، وهو ما يستدعى مراجعة جميع العمليات، لافتة إلى صعوبة إثبات وجود مخالفات قانونية صريحة فى بعض الحالات وبالتالى يبقى إرساء مبدأ المصالحة والحصول على تعويضات مناسبة منهم أفضل الخيارات، مع الاكتفاء بالعقاب الاجتماعى الذى سيشوبهم باعتبارهم مخالفين وحاصلين على أراض دون وجه حق أو بشروط ميسرة لم تكن متاحة للجميع.
ورأت قنديل أن هناك أبعاداً اقتصادية لابد من مراعاتها قبل اتخاذ القرار للحفاظ على هذه الاستثمارات، خاصة أن هناك فرص عمل ومشروعات قائمة تساهم فى الاقتصاد، داعية إلى تحسين القواعد الخاصة بتخصيص الأراضى، بما يضمن حقوق الدولة كاملة، لكن دون التطبيق بأثر رجعى وهو ما يسهم فى الحد من حالة الفزع التى سيطرت على المستثمرين خلال الفترة الحالية.
وقال شريف سامى، عضو مجلس إدارة هيئة الاستثمار، إن القرار له علاقة بتهدئة المستثمرين، مطالبا بالتفرقة بين الحالات التى تم فيها التعاقد على أراض بحسن نية وهى ليست مخالفة جنائية، وأخرى تمت عن طريق دفع رشاوى أو تقديم مستندات غير صحيحة أو تقديم تعهدات لن يتم الالتزام بها، وهو ما يجب العقاب عليه جنائياً، مشيراً إلى أن خطأ الموظف العام للدولة لابد أن يتحمله هو وليس المستثمر الذى حصل على أراض طبقا للقواعد التى حددها القانون ووافقت عليها الدولة، موضحاً أنه لو كانت القواعد غير سليمة فلابد من تعديلها فى التعاملات المستقبلية للتخصيص، لافتاً إلى أن تأثير القرار على مناخ الاستثمار خلال الفترة المقبلة، يتوقف على التطبيق العملى له.
وقالت الدكتورة سميحة القليوبى، أستاذ القانون التجارى، إن مبدأ التصالح مرفوض فيما يخص التواطؤ بين المستثمر والمسؤول، مشددة على ضرورة أن يتحمل كل طرف أخطاءه، موضحة أن التعاقدات التى جرت بحسن نية لا يمكن المحاسبة عليها، مستشهدة بحالة بيع الأراضى بقيمة دولار واحد للمتر، وهو ما حددته الدولة للأرض، وبالتالى لا يمكن محاسبة المستثمر على هذا، لأنه كان قرار الدولة.
وطالب المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، بضرورة رصد جميع الأراضى التى تم تخصيصها منذ 20 سنة، للتأكد من قانونية عملية بيعها وتخصيصها، معتبراً أن معظم الذين حصلوا على الأراضى من الفاسدين الذين استغلوا علاقاتهم بالمسؤولين للحصول على مساحات شاسعة من الأراضى.
وشدد الكفراوى على ضرورة أن يسدد المستثمرون المخالفون جميع حقوق الدولة من فروق أسعار وغرامات، ووقتها يمكن التصالح معهم، مشيراً إلى أن مصر لا تريد المستثمرين العرب المتورطين فى قضايا فساد، لكنها تريد رجال أعمال جادين، لديهم استثمارات حقيقية.
وقال صلاح حجاب، الخبير الاستشارى الهندسى: «يجب التعامل مع الحالات المخالفة فى حالة وجودها من جانب المستثمرين والشركات، كل حالة على حدة دون تعميم، فمن أخطأ بقصد منهم يجب معاقبته ماليا وجنائيا دون المساس بالأوضاع القانونية للمواطنين، الذى حجزوا فى مشروعات هذه الشركات سواء كانت خدمية أو عقارية، فليس ذنبهم التعامل مع جهات غير أمينة».
وأضاف حجاب أن مشكلة الفساد الذى كان فى بعض الجهات الحكومية خلال فترة النظام السابق، تعامل معها رجال الأعمال والشركات بمنطقين: الأول سعى لتسيير أموره ودفع رشاوى، والثانى تحمل المعاناة وصبر من أجل إنجاز أعماله، حتى وإن تأخرت كثيراً، وهؤلاء يجب عدم المساس بهم.