محافظ البصرة يتحدث لـ«المصري اليوم»: خلافاتي مع رئيس الوزراء لا تؤثر على عملي

كتب: خالد الشامي السبت 15-09-2018 22:32

أعلن محافظ «البصرة» العراقية، المهندس أسعد العيدانى، إنه سيتقدم، اليوم، بالأدلة والمستندات للمحكمة التى طالبت بضبطه وإحضاره على خلفية اتهامه لقائد شرطة البصرة السابق، جاسم السعدى، بتلقى الرشاوى، لافتًا إلى أن مطالب شعب البصرة مشروعة باعتبارها من المحافظات الأغنى فى العالم، لكن تم إهمالها عبر سنوات عديدة، مؤكدا أن مشكلة مياه الشرب الملوثة ليست وليدة اللحظة.

وأضاف «العيدانى»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، عبر الهاتف، عقب الاحتجاجات الشعبية الدامية التى شهدتها المدينة خلال الفترة الماضية، اعتراضاً على سوء حالة الخدمات الحكومية، أن البرلمان هو الذى أجبر رئيس الوزراء على زيارة البصرة.

وإلى نص الحوار:

■ كيف تقبلت قرار ضبطك وإحضارك على خلفية اتهام بالقذف والتشهير؟

- علمت بقرار محكمة استئناف «ديالى» الاتحادية بالضبط والإحضار من وسائل الإعلام المحلية العراقية، ولم تصلنى رسميا من الجهات القضائية، رغم أن كلى ثقة فى نزاهة القضاء العراقى الذى يطبق القانون على الجميع بلا استثناء أو محاباة، كما أن القانونيين ونقابة المحامين لديهم معرفة بالقضية التى أمتلك كافة الوثائق والمستندات فى واقعة قضية فساد قائد شرطة البصرة السابق جاسم السعدى بتلقى الرشاوى، ولم يتم اتخاذ أى إجراء ضده، فكشفت الواقعة أمام الرأى العام فى جلسة مجلس النواب حتى يكون الشارع العراقى عامة والشارع البصرى بصفة خاصة، على علم بكافة الأمور التى تدور من حوله، وسأقدم الأوراق الثبوتية على ما قلته اليوم، أمام القضاء.

■ هل ثمة خلاف بينك وبين رئيس الوزراء «العبادى»؟

- أنا أتعامل بمهنية من منطلق وظيفتى التى شغلتها فى 11 سبتمبر من العام الماضى، وإذا كان هناك خلاف شخصى بينى وبين الدكتور حيدر العبادى، رئيس الوزراء، فإن هذا الخلاف لا يؤثر على طبيعة عملى، فأنا أعلم تماما حدود ونطاق وظيفتى وأعلم أنه رئيس الحكومة؛ لذلك أنا أعمل تحت طائلة القانون والدستور الذى يحكمنا جميعا ولا أتجاوز صلاحياتى وفق القانون.

■ وماذا تطلب من رئيس الحكومة بحكم صلاحياتك؟ وما مدة زيارته للبصرة؟

- طلباتى ليست شخصية بقدر ما أطالب رئيس الوزراء بتقديم مستحقات البصرة لأبنائها، وعليه النظر بعين الاعتبار لتاريخ هذا الشعب العريق منذ بداية الدولة الإسلامية، فهم يقبلون القليل لكن بكرامة وعزة نفس، كما أنه مطالب بخفض نسبة البطالة لأكثر من 120 ألف شخص. والعبادى زار البصرة لأربع ساعات فقط وجلس فى مقر قيادة عمليات البصرة وفى فندق البصرة الدولى ومن ثم توجه للمطار، وليس صحيحا ما تردد بأنه سيظل مقيما فى البصرة لحين تنفيذ مطالبها.

■ برأيك هل كان للبرلمان دور فى إطلاق المستحقات المالية للبصرة؟

- بالفعل البرلمان هو بيت الشعب، وكانت الجلسة العامة الاستثنائية مذاعة على الهواء مباشرة، وبالتالى كان شعب البصرة يطلع على ما قلته لرئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادى، رغم المكاتبات والمراسلات التى قمت بتوصيلها له فى وقت سابق بضرورة إيفاد المستحقات للبصرة من أجل علاج المشاكل الخاصة بالمياه وكذلك البنية التحتية، وبالفعل تم مؤخرا إطلاق جزء من موازنة عام 2018، كما أن البرلمان هو الذى أجبر العبادى على زيارة البصرة، وإرسال القوات الأمنية فى مدة زمنية قصيرة، مقارنة بالاستغاثة التى أرسلتها له مرارا وتكرارا عن أحوال المحافظة وأوضاعها وما آلت إليه.

■ وكيف حال الوضع الأمنى الآن فى ظل حرق مقار القنصلية الإيرانية وعدد من الأحزاب؟

- بعد جلسة البرلمان تم إرسال قوات أمن تعزيزية للبصرة، وقائد الشرطة الحالى يتمتع بخبرة عالية، بجانب تعاون أهل البصرة معه لإيمانهم بكفاءته فى التصدى لأعمال التخريب، ومن المهم أن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها فى حماية الممتلكات العامة والخاصة، وأعتقد أن مثل هذه الأمور طارئة، فمن كان يعتقد أن العراق سينهار عقب دخول تنظيم «داعش» الإرهابى، ولم تقم له قائمة، أصبح الآن لديه جيش وقوى أمنية وشعب يطالب بحماية ثرواته وتوزيعها بشكل عادل.

■ البعض يردد بأن المتظاهرين ينفذون مؤامرات على البصرة.. ما تعليقك؟

- هذا ادعاء كاذب وأبناء البصرة لديهم مطالب مشروعة، فمن غير المعقول أن يكون هذا الشعب من أبناء المحافظة يعانون من مياه شرب ملوثة وبطالة فى أغنى محافظة ليس فقط فى الشرق بل ربما فى العالم، لثرواتها الطبيعية والنفطية، فالبصرة «جوهرة الشرق»، لكن للأسف من يتقاعس فى عمله دائما يستخدم «شماعة» المؤامرة ليستظل بها ويغطى على إهماله تجاه المواطنين الذين نتشرف بخدمتهم، كما أننى لا أميل لنظرية المؤامرة، رغم أن البعض استغل الظروف ولجأ لحرق الممتلكات العامة والخاصة وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، لكنها تعتبر رسالة غضب تجاه الحكومة التى لم توفر المياه الصالحة والكهرباء، فمن غير المعقول أيضا أن تجد إقليما مثل البصرة ينتج من النفط من 700 ألف إلى 4 ملايين برميل، ما يعنى أن هناك خللا عند صاحب القرار، ومع الأسف كثير من المسؤولين العرب عندما يعجزون عن تقديم الخدمة لشعوبهم يلجأون ويرددون ويصدقون كلمة «المؤامرة».

■ لكن من حق المتضررين من أعمال العنف والحرق أن يروا الجناة يحاسبون أمام ساحات القضاء؟

- هذا صحيح وشىء طبيعى ومنطقى، فالحالة الأمنية حاليا مستقرة لدرجة كبيرة، بسبب تعاون رجال الأمن، وبالنسبة لمرتكبى أعمال العنف والحرق فهذا مسؤولية رجال الاستخبارات الذين يقع عليهم عبء تقديم المتهمين إلى القضاء ليأخذ كل ذى حق حقه، وأيضا حتى يدرك الجميع ضرورة نبذ العنف والتخريب، وأعتقد أن لدى رجال الأمن إشارات يستطيعون استخدامها للوصول إلى الجناة.

■ إذن ماذا تحتاج البصرة؟

- البصرة تحتاج 5% من أموالها فى إنتاج النفط من البترودولار، ورسوم الموانئ، كما أننى أعتقد أن 5 مليارات دولار نستطيع من خلالها إحداث نهضة فى البنية التحتية وتعود المحافظة ليس لسابق عهدها فحسب، بل أحسن مما كانت عليه.

■ مفوضية حقوق الإنسان أعلنت عن 60 ألف حالة إصابة بالكوليرا فى البصرة، هل الرقم صحيح؟

- نعم هناك 60 ألف حالة إصابة نتيجة استخدام مياه الشرب الملوثة، وهى حالات تسمم، ولا يوجد ما يسمى «وباء»، ويجب على المتابع العربى والدولى أن يعلم أن أبناء البصرة لا يشربون مياه النهر منذ سنوات، والأزمة متراكمة نتيجة تقاعس الحكومات السابقة عن تلبية مطالب الشعب، وليس صحيحا ما يقال بأن فى فترة النظام السابق كانت المياه نظيفة، فواقعيا أبناء البصرة يشترون المياه المعدنية منذ ما يقرب من 30 سنة، والأمر لم يكن وليد اللحظة.

ومن هنا أدعو الشركات المصرية ذات الخبرة فى مجال تحلية المياه أن تزور البصرة للعمل بها، فضلا عن تحلية مياه البحر، فهناك علاقة تاريخية مع مصر سواء بالنسبة للعراق عامة أو البصرة تحديدا، وأدعو العمالة المصرية للعودة إلى البصرة للعمل فى مختلف المجالات سواء البنية التحتية والمقاولات ومياه الشرب والصرف الصحى، كما أننى أبلغت القنصل المصرى فى البصرة بأن هناك رغبة فى استقطاب العمالة المصرية بسبب الخبرات والكفاءة وروح التحدى التى يمتلكونها وقدرتهم على إنجاز أعمالهم فى أقصر وقت وبأقل التكاليف.

■ حكم عليك بالإعدام، وقضيت بالسجن بضع سنوات قبل أن تصبح محافظًا للبصرة.. كيف كانت هذه المحطات فى حياتك؟

- أنا من مواليد البصرة يناير عام 1967، ولم أغادرها، وأعتبر أن جنسيتى «بصراوى» ولا أحمل أى جنسية أجنبية، حصلت على الهندسة الإلكترونية عام 92 من جامعة البصرة، ووالدى شيخ عشيرة العيدان، إحدى كبريات العشائر البصرية، وتم الحكم علىّ بالإعدام ومن ثم المؤبد، قبل أن أقضى 8 سنوات فى السجن منذ عام 95 وحتى أكتوبر 2002، وبعد 2003 عملت ضمن الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، وشغلت منصب نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الوطنى العراقى، وتم انتخابى محافظا للبصرة.