بدأت الولايات المتحدة الأمريكية فصلًا جديدًا في تصفية القضية الفلسطينية، بعد قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإدانة مسؤوليها بـ«عدم اتخاذ أي خطوة لبدء مفاوضات مباشرة وجادة مع إسرائيل».
يأتي قرار ترامب بعد سلسلة إجراءات تستهدف القضية الفلسطينية، أبرزها نقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإلغاء الدعم الأمريكي المقدم إلى منظمة الأونروا، فضلًا عن إلغاء أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات المخصّصة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يهدف القرار الأمريكي، بحسب الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إلى «إخضاع القيادة الفلسطينية لإملاءات واشنطن، بما يمنعها من ممارسة حقوقها القانونية والسياسية في ملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية».
وأحالت السلطة الفلسطينية ملف الاستيطان وجرائم الحرب الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، مايو الماضي، ويتزامن القرار الأمريكي مع تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، جون بولتون، ضد المحكمة الجنائية الدولية، ووصفه لها بأنها «هيئة بيروقراطية غير قابلة للمساءلة».
يقول «شعث»، لـ«المصري اليوم»، إن قرار إغلاق مكتب منظمة التحرير «لن يؤثر على المكانة القانونية لدولة فلسطين في الأمم المتحدة»، ويضيف أن «الشعب الفلسطيني كله يعتبر الولايات المتحدة عدوًا منذ قرارها بنقل سفارتها إلى القدس».
ويرى «شعث» أن «القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، لن تلتفت إلى القرار الأمريكي، ولن نستسلم للضغوط الأمريكية، ومحاولات الابتزاز التي تمارسها إدارة ترامب على الشعب الفلسطيني».
يتفق الدكتور محمد جمعة، مدير برنامج الدراسات الفلسطينية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع هذا الطرح، ويقول إن «القرار متوقع، ويأتى منسجمًا مع إدارة ترامب التي تسعى إلى مزيد من الضغط على الحركة الوطنية الفلسطينية لتقديم التنازلات».
يقول «جمعة»، لـ«المصري اليوم»، إن «إدارة ترامب في الوقت الراهن تسعى إلى حسم القضايا العالقة مثل القدس واللاجئين والمستوطنات، وإن القرار سبقته عدة إجراءات مثل رفض تجديد الترخيص لمكتب منظمة التحرير، وتأييد قانون القومية».
يتفق عاطف سعداوي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع الرأيين السابقين، ويقول إن «القرار يأتي للضغط على الفلسطينيين، في ظل إصرارهم على محاكمة المسؤلين الإسرائيليين امام المحكمة الجنائية الدولية».
ويأتي القرار الأمريكي أيضًا بعد أسبوع من إعلان القناة الثانية الإسرائيلية أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تلقى عرضًا أمريكيًا بـ«تشكيل كونفدرالية مع الأردن»، وأن «عباس اشترط أن تكون إسرائيل جزء منها».
ويعتبر «سعداوي»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن «تلك التصريحات ما هي إلا بلونات اختبار لقياس الرأي العام العربي بشأن حلول غير تقليدية للقضية الفلسطينية، ولكنها تبقى أفكارًا غير قابلة للتنفيذ».
يضيف الباحث في مركز الأهرام أنه «رغم توقف الاتصالات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، منذ قرار نقل السفارة، تمثل هذه الخطوة صفعة جديدة لعملية السلام»، معتبرًا أن «الجانب الفلسطيني في موقف ضعف، ولا يملك أوراق ضغط، خاصة في ظل التحديات الداخلية المتمثلة في الانقسام بين فتح وحماس».
ويرى «سعداوي» أنه «لا يوجد من يستطيع أن يحل محل الدور الأمريكي في القضية الفلسطينية، والحديث عن بديل لدور واشنطن أضغاث أحلام، خاصة بعد جولات الرئيس الفلسطيني الخارجية، وزياراته إلى موسكو التي لم تسفر عن جديد».