لسوء الحظ!

سليمان جودة الجمعة 07-09-2018 03:57

فى الرسالة التى تلقيتها من الدكتور يوسف بطرس، يرى أن رفع حد الإعفاء للضريبة العقارية إلى ٢ مليون جنيه، يستبعد ٧٥٪‏ تقريباً من المصريين من الخضوع لها!.. فأربعون فى المائة منهم يقعون على حافة خط الفقر، أو تحت هذا الخط، وهؤلاء لا يقيمون بالطبع فى بيوت تصل قيمة البيت منها إلى مليونين، وبالتالى فإنهم مستبعدون من الخضوع لمثل هذه الضريبة!.

ولأن فى البلد سبعة ملايين موظف على وجه التقريب، فهؤلاء أيضاً مستبعدون لأن بيوتهم تقع دون حد الإعفاء، فإذا كان كل موظف منهم يعول أسرة من خمسة أفراد فى المتوسط العام، فهذا معناه أننا أمام ٣٥ مليوناً آخرين مستبعدين من الخضوع للضريبة العقارية!.

يبقى ٢٥ مليوناً هُم فى الغالب المقصودون بها، وهُم الذين يخاطبهم قانونها، وهُم الذين عليهم أن يدفعوها، لأن بيوتهم يزيد سعر البيت منها فى أغلب الحالات على ٢ مليون جنيه!.

وما يضايق هذه الفئة الثالثة فى قطاع كبير منها، أن الضريبة العقارية لا يمكن التهرب منها، فأنت.. فى تقدير الدكتور يوسف.. قد تستطيع إخفاء جزء كبير أو صغير من دخلك، وتستطيع بناء على ذلك أن تتهرب من دفع حق الدولة فى أرباحك، أو فى مجمل دخلك.. تستطيع أن تفعل هذا بأساليب مختلفة.. ولكنك لا تستطيع إخفاء بيتك، أو منزلك، أو شقتك، التى تزيد قيمتها على حد الإعفاء!.

هذه فى تقديره هى مشكلة كثيرين من أفراد هذه الفئة!.

وليست هذه هى المشكلة الوحيدة لسوء الحظ.. فهناك مشكلة أخرى أكبر، وأهم، وأعقد، هى أنه من السهل بعد تقدير قيمة الضريبة العقارية المستحقة على بيت شخص ما، تحديد إجمالى دخل الشخص نفسه بصورة تقريبية، وهذه مسألة موجودة فى شتى الدول التى تأخذ بالعقارية!.. ولا يمثل الأمر فى هذه الحالة، كما قد يبدو، تغولاً من جانب الدولة فى خصوصية الناس، أو فى مجموع أملاكهم، أو فى دخولهم، ولكنه أقرب إلى الحسبة الرياضية منه إلى أى شىء آخر!.

يذكر أن هذه النقطة تحديداً كانت عند وضع قانون الضريبة فى ٢٠٠٨ محل حساسية شديدة لدى كثيرين، ممن أحسوا بأن تحصيل الضريبة على نحو صحيح سيكشف حجم أملاك لديهم، لا يريدونها ظاهرة أمام الجهات المختصة فى الدولة، التى لم تكن تريد كشف حقيقة أملاك أحد، عن قصد، ولا كانت ضد أن يتملك أى مواطن ما يحب وما يشاء، بشرط أن يفعل ذلك من مصدر مشروع، وأن يؤدى حق الخزانة العامة فيه!.