قال المستعرب الصينى، تشونج جى كون، الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع شخصية العام الثقافية مؤخراً، إنه من حق المصريين أن يتقدموا، مؤكداً أن ثورة 25 يناير التى شاهد جانباً منها بنفسه، جاءت فى وقتها، لأن مصر تأخرت كثيراً فى السنوات الماضية، مشيراً إلى أن الأدباء المصريين، خاصة جيل الستينيات، مهدوا بأعمالهم لها.
وأضاف «كون» فى حواره مع «المصرى اليوم»، أنه لا يخشى وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة مادام حدث ذلك فى انتخابات حرة ديمقراطية، وإلى نص الحوار:
■ كنت فى القاهرة يوم اندلاع ثورة 25 يناير، فكيف ترى الثورة؟
- بالفعل وصلت القاهرة يوم اندلاع الثورة على رأس وفد صينى يضم 400 ناشر وكاتب، للمشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وكنت شاهداً على جانب من الثورة، ومن حق المصريين أن يطالبوا بالتغيير وأن ينشدوا التطور والتقدم فى بلدهم، فعندما زرتها عام 1978 لدراسة اللغة العربية والأدب العربى فى جامعة القاهرة، انبهرت بجمالها وحداثتها، وما شاهدته فيها من مبانٍ أنيقة وبنايات مرتفعة وشوارع واسعة نظيفة ومرصوفة، وقتها تمنيت من كل قلبى أن تصبح بكين مثلها، لكن عندما زرتها مرة أخرى عام 2005 حزنت لما وصلت إليه، فقد وجدتها تأخرت كثيراً، وهو ما جعل اندلاع الثورة أمراً منطقياً وضرورياً، وأنا متفائل بمستقبل مصر والثورة فى الفترة المقبلة، لأن عجلة التاريخ تدور وتتقدم ولا يمكن أن تعود إلى الخلف.
■ هل ترى أن الأدب العربى يقدم صورة واقعية لما يحدث فى بلادنا؟
- هناك أدباء مصريون كثيرون يعكس أدبهم الواقع الاجتماعى فى مصر، خاصة جيل الستينيات، مثل صنع الله إبراهيم، ويوسف القعيد، وجمال الغيطانى، وبهاء طاهر ومحمد البساطى، وقد عبروا عن ذلك بأساليب عديدة، منها التاريخى الذى قدمه الغيطانى فى «الزينى بركات»، وقد مهد معظم الأدباء بأعمالهم للثورة من خلال طرح مشكلات وهموم الناس بصورة واقعية، والأديب الحقيقى يجب أن يكون مفكراً وناقداً اجتماعياً، وأن يعرض مشكلات المجتمع وقضاياه لتصبح أعماله أدوات ضغط على النظام لتحقيق الإصلاح وتطوير البلاد، وليس واجبه أن يتغنى بمآثر ومفاخر الحكام، وعلى الحكام أن يقبلوا هذا النقد، حتى لا يؤدى تراكم هذه المشكلات إلى انفجار المجتمع فى ثورات مفاجئة، كما حدث فى تونس ومصر.
■ تيارات كثيرة داخل وخارج مصر الآن متخوفة من وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد زوال النظام السابق، هل تؤيد هذا التخوف؟
- لا أتخوف من وصول التيارات الدينية للسلطة ما دامت أنها ستأتى عبر انتخابات ديمقراطية تعبر عن رأى الشعب.
■ فزت مؤخراً بجائزة الشيخ زايد للكتاب كشخصية العام الثقافية، ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟
- حصولى على الجائزة كان مفاجأة غير متوقعة، وهو تكريم لجميع المستعربين الصينيين، وليس لى فقط، ويشكل دفعا قويا لجهودهم الثقافية بما يخدم العرب والصينيين عموما، فالأمتان العربية والصينية تلعبان دوراً كبيراً فى عالم اليوم، ولذلك فإن من واجبنا نحن المستعربين أن نعرّف الشعب الصينى بالحضارة العربية الإسلامية خاصة إنتاجها الأدبى.
■ هل ترى أن المستشرقين خدموا العرب والمسلمين؟
- أولاً أتحفظ على استخدام كلمة «مستشرق»، بالنسبة لى أفضل استخدام كلمة «مستعرب»، فنحن ننتمى إلى الشرق والحضارات الشرقية، وهى قريبة من الحضارة العربية والإسلامية، بينما يأتى الاستشراق من المركزية الغربية، بكل ما له وما عليه، فإلى جانب الدور الايجابى الذى لعبه بعض المستشرقين فى بناء جسور ثقافية وحضارية بين الشرق والغرب، هناك أيضا دور آخر سلبى، ربما أدى إلى تشويه الشرق، وبعض المستشرقين أسهم فى «شيطنة» صورة الإسلام والمسلمين.
■ وهل ترى أن الترجمات الغربية تقدم صورة واقعية لمجتمعاتنا؟
- الترجمات الغربية للأعمال الأدبية العربية ليست بريئة دائماً، فهى فى كثير من الأحيان تسعى لاختيار الأعمال التى تظهر سلبيات المجتمعات العربية، مثل العنف، والإرهاب، ومشكلات المرأة، والفقر، وغيرها، وأنا فى الحقيقة أختار أحيانا أعمالاً عربية تعبر عن مشكلات أو فساد أو غيرها من سلبيات، لكن يأتى ذلك بهدف مقاربة المشكلات نفسها فى المجتمع الصينى والدعوة إلى إصلاحها.
■ وكيف ترى حال اللغة العربية، وهل ستنقرض فى القرن المقبل كما يتوقع البعض؟
- اللغة العربية مثل الصينية من أصعب اللغات فى العالم، لكنها لن تنقرض، لأنها لغة القرآن، كما أن الأزهر بفضل أساتذته وعلمائه يحميها، واللغة مازالت قوية حتى الآن، لكننى أرى أنه يجب تبسيط الفصحى، وتفصيح العامية، خاصة أن هناك أكثر من لهجة عامية، منها المصرية والمغربية والشامية والخليجية، ولابد من الحفاظ على الفصحى، لأن دورها مهم فى توحيد الأمة العربية، مثلما حدث للغة اللاتينية التى أصبحت ميتة الآن.
■ هل تذكر أول عبارة تعلمتها باللغة العربية؟
- أول عبارة تعلمتها وهتفت بها كانت «تعيش مصر ويسقط الاستعمار»، وذلك فى مظاهرة تأييد نظمتها مع مجموعة من الطلبة والشباب الصينى أمام السفارة المصرية فى بكين عام 1956 لمساندة الشعب المصرى فى تصديه للعدوان الثلاثى.
■ ما تفسيرك لعدم حصول أى أديب عربى على جائزة نوبل باستثناء نجيب محفوظ؟
- نوبل جائزة مسيسة ولم تنصف الأدب العربى، وهناك كثير من الأدباء والشعراء العرب الذين يستحقون الفوز بها فضلاً عن محفوظ، مثل توفيق الحكيم، وطه حسين، وجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، والغيطانى وعبدالرحمن منيف، وعبدالوهاب البياتى، وأدونيس.
■ ما أكثر ما يعجبك فى الأدب العربى؟
- قصائد الغزل العذرى لمجنون ليلى، وجميل بثينة، وعمر بن أبى ربيعة، وغزليات نزار قبانى التى ترجمتها وأصدرتها فى كتاب باللغة الصينية لاقى إقبالاً كبيراً من الشباب.