3 سيناريوهات لإنهاء أزمة إدلب (تقرير)

كتب: عمر علاء الخميس 30-08-2018 23:54

تتوجه الأنظار نحو إدلب مع قيام روسيا بحشد سفنها الحربية بكثافة في البحر المتوسط استعدادا لحسم الموقف في آخر معاقل المعارضة السورية المسلحة. يعتقد الخبراء أن هناك ثلاثة سيناريوهات لتحديد مصير إدلب والمقاتلين المتحصنين فيها، في ظل تصعيد سياسي وعسكري بين أطراف الأزمة.

يتجه السيناريو الأول إلى سيطرة النظام السوري عسكريًا على المحافظة، بينما يميل السيناريو الثاني إلى حل الأزمة بتوافقات سياسية والثالث بقاء إدلب ضمن النفوذ التركي بالاقتسام مع النظام أو كاملة مع تنفيذها للشروط الروسية، بحسب طارق دياب الباحث في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط.

لكن دياب الذي نشر العديد من المقالات المتخصصة في مجلة «شؤون تركية» التابعة لمركز الأهرام للدارسات الاستراتيجية، يقول إن «الوضع متأزم ويصعب ترجيح سيناريو محدد».

ففي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين الماضي، استعداد بلاده لشن ضربات جديدة على سوريا في حال استخدمت الحكومة السلاح الكيميائى، ويأتي ذلك عقب تحذير مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون بالرد في حال وقع هجوم كيماوي أو بيولوجي في إدلب.

على الجانب الآخر، اتهم الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، فرق الدفاع المدني المعروفة بـ«الخوذ البيضاء» بالإعداد لتدبير هجوم «كيميائي مفبرك» لإثارة الرأي العام الدولى تمهيدًا لاستهداف قوات النظام السوري.

المواجهة العسكرية بين الكبار.. «هذا العصر قد ولى»

هذا الوضع المتوتر للغاية بين أطراف الأزمة السورية لن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين القوى الكبرى، ويقول هاني سليمان المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات: «هذا العصر قد ولى»، مستبعدًا أي صدام بين روسيا وأمريكا نظرًا لتنسيق المصالح بين الدولتين.

على الصعيد الدبلوماسي تكثف جميع الأطراف جهودها لحل الأزمة، ففي موسكو عقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قمة مع نظيره السوري وليد المعلم أمس الخميس. وتباحث الطرفان حول الوضع في إدلب وملف عودة اللاجئين وإمكانية فصل الجماعات الإرهابية في إدلب عن المعارضة، وحذر «لافروف» الغرب «من اللعب بالنار».
بالتزامن مع عرض المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الذهاب إلى إدلب لإقامة ممر إنساني يسمح للمدنيين بالمغادرة قبل بدء المعركة. وحذر دي ميستورا من تكرار نموذج حلب.

وأوصى المبعوث الأممي بـ«مواصلة الضغط للحفاظ على صيغة لمحاربة الإرهابيين وحماية المدنيين»، مضيفا أن المدنيين ليس لديهم خيار آخر. وحذر من أن النظام و«جبهة النصرة» لديهم القدرة على تصنيع السلاح الكيميائي (غاز الكلور).

لكن نموذج حلب الذي حذر دي ميستورا من تكراره، قد يكون أسوأ في إدلب بحسب مصطفى صلاح، الباحث في المركز العربي للبحوث والدراسات لأن أعداد المسلحين في إدلب ما بين 80 و100 ألف مقاتل ما ينذر بحدوث سيناريو أشرس من حلب والغوطة الشرقية في حالة حدوث نزاع مسلح، عوضا عن الكتلة السكانية الكبيرة من المدنيين.

ويبلغ عدد المدنيين في محافظة إدلب السورية حوالي 3 ملايين نسمة، يعانون من نقص في الأغذية والأدوية منذ سيطرة المعارضة.

المصالح التركية في إدلب

في إدلب ما زال النفوذ التركي مؤثرًا خاصة على الجماعات المسلحة التابعة لها، وقد تلعب تركيا دورًا مهمًا إذا حاولت إقناع «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة بحل نفسها، لكن الاستقطاب الحاد بين الفصائل يصعب مهمة أنقرة.

وفي محاولة لتحقيق هذه المهمة الصعبة، طلبت تركيا من موسكو تأجيل الهجوم العسكري حتى انعقاد قمة ثلاثية في إيران بين الثلاث أطراف الضامنة لمناطق خفض التوتر يوم 7 سبتمبر، بحسب مصادر عسكرية لموقع «سبوتنيك».


ويعتقد «دياب» أن محافظة إدلب لا تقع ضمن حسابات الأمن القومي التركية، لعدم تقاطعها مع أي وجود كردي سواء حالي أو حتى محتمل. وأضاف أن إدلب بالنسبة لتركيا ساحة للنفوذ قد تستخدمها كنقطة قوة في التسوية النهائية للأزمة السورية، أو ورقة ضغط تجاه روسيا، تنتهي بمقايضة ببعض الأراضي الخاضعة لسيطرة الأكراد.

وعلى النقيض يرى الباحث مصطفى صلاح، أن ذلك لا ينفي أهمية إدلب كحاجز لحماية أمن تركيا القومي؛ من تدفق العناصر الإرهابية إلى أراضيها، وانتقال اللاجئين الذين باتوا يشكلون أحد أهم التهديدات التي تتعرض لها في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

سيناريو الحل السلمي

سيناريو آخر بدت ملامحه في الظهور لإنهاء أزمة إدلب، عندما توجه جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني إلى تركيا الخميس، لتحقيق التقارب في وجهات النظر تجاه الهجوم على إدلب، والعرض الروسي لأوروبا للمشاركة في إعادة إعمار سوريا مقابل التوقف عن الهجوم على إدلب.

وتوقع «صلاح» أنه سيكون هناك توافقًا سياسيًا بين العديد من الأطراف الإقليمية والدولية لمنع وقوع مواجهة مسلحة.

ويرى هاني سليمان أنه على مدار السبع سنوات الماضية كان التدخل الإيراني هو الحاسم في الأزمة السورية بعد التدخل الروسي، إلا أن هناك تفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل لتقزيم الدور الإيراني في سوريا.

وأضاف أنه رغم أن إيران من الدول الضامنة لمناطق خفض التصعيد إلا أن نوايا النظام الإيراني تختلف عن توجهات روسيا، موضحا أن روسيا تسعي لحماية المصالح الاقتصادية وتميل إلى آلية التفاوض، فيما أن أهداف إيران ديموجرافية وجزء من مشروعها الكبير في الشرق الأوسط يتمثل في السيطرة على العراق وسوريا ولبنان.

تنويه: كاتب هذا التقرير عمر علاء ضمن برنامج تدريب المصري اليوم