العراق.. الطريق إلى «كعكة السلطة»

كتب: خالد الشامي الثلاثاء 28-08-2018 03:57

تتسارع الأحزاب والكتل السياسية العراقية لتكوين ائتلافات برلمانية كبيرة من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، فى الوقت الذى ينتظر فيه الشارع العراقى ما تسفر عنه تلك الخطوات لتلبية مطالبه التى خرج من أجلها فى تظاهرات أسفرت عن سقوط ضحايا وعدد من المصابين جراء إطلاق قوات الأمن العراقية النار على المتظاهرين، وتأتى محاولات اقتسام كعكة السلطة، تماشيا مع رفع المحتجين سقف أهدافهم، مطالبين بإعادة كتابة الدستور، وإسقاط كافة الأحزاب السياسية، التى لم تعد تعبر عن وجهة نظرهم ولا تسع لتلبية مطالبهم المشروعة من مياه وكهرباء وخدمات.

مئات المحتجين فى بغداد طالبوا بإسقاط النظام، ما اعتبر البعض أن الأمر لا يستحق، فى ظل تعهد رئيس الوزراء حيدر العبادى بتلبية الاحتياجات، ولكن مع سقوط ضحايا لما يزيد على 10 أشخاص، فضلا عن المصابين، أعرب المحتجون عن غضبهم على الحكومة، مهاجمين مقاراتها، ومطار النجف الدولى.

التطورات بدأت باحتجاجات فى البصرة جنوب العراق، مطلع يوليو الماضى، وتركزت فى توفير المياه الصالحة للشرب وتحسين الكهرباء فى محافظة تمثل صادراتها نحو 65% من عائدات العراق، فكانت أغلب الاحتجاجات أمام مواقع شركات النفط، التى توفر الوظائف للأجانب، فيما طالبوا بتوفير تلك الفرص لأبناء العراق، وتحسين مياه الشرب التى تصل ملوثة لبعض المنازل، وهو ما لم يكن متوقعا فى بلاد الرافدين، بجانب انقطاع الكهرباء فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، وأعلنت لجنة العمل المشترك لمنظمات الجالية العراقية- أستراليا عن تنظيم مهرجان تضامنى مع حركة الاحتجاجات، مطلع سبتمبر المقبل، دعما للمطالب العادلة للحراك واحتجاجا على العنف والقوة المفرطة التى قوبل بهما المشاركون فيه وكذلك دعما لحملة «انقذوا البصرة».

وفى مبادرة منها لاحتواء الأزمة، سعت الحكومة بإعلانها عن توفير وظائف فى محاولة لتهدئة الأوضاع قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية التى شارك فيها الكثير ولجأ آخرون لإبطال أصواتهم فقدا للثقة فى الحكومة والنظام الانتخابى فى العراق الذى تم إعداده على مقاس الكتل السياسية والمحاصصات.

تأتى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الرابعة منذ سقوط صدام حسين، 2003، حيث 24.5 مليون شخص يحق لهم التصويت، من بين 38 مليون عراقى، فيما أدلى قرابة مليون شخص بأصواتهم فى الخارج، و700 ألف شخص أدلوا بأصواتهم فى «التصويت» الخاص (الشرطة والجيش)، وبلغ عدد المرشحين 320 حزبا سياسيا وائتلافا وقائمة انتخابية فى الانتخابات ترشح لها 7367 شخصا.

ويبلغ عدد المقاعد البرلمانية 329 مقعدا، منها 83 للمرأة و9 للأقليات «المسيحيون والشبك والصابئة والإيزيديون والفيليون».

ووفقا للدستور العراقى، فإن تشكيل الحكومة يأتى بعد إعلان النتائج النهائية، حيث يدعو رئيس الجمهورية البرلمان الجديد إلى الانعقاد خلال 15 يوما من إعلان النتائج، وينتخب البرلمان رئيسا جديدا له من العرب السنة، ونائبين أحدهما كردى وآخر شيعى، كما ينتخب البرلمان رئيسا جديدا للعراق خلال 30 يوما من انعقاد الجلسة الأولى بأغلبية ثلثى الأصوات، وأجبرت الأعراف العراقية أن يكون الرئيس من المنتمين للطائفة الكردية، فيما يمهل الحكومة 30 يوما لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان لنيل الثقة.

ورفع الزعيم الشيعى الشاب ابن الـ 44 عاما، مقتدى الصدر، بحصول تحالفه الانتخابى «سائرون» على الأغلبية البرلمانية فى البرلمان، شعار «لن أبيع الوطن من أجل المقاعد ولن أبيع الشعب من أجل السلطة، فالعراق يهمنى وأما المناصب فهى عندى أهون من عفطة عنز» مضيفًا فى خطابه لأبناء شعبه: «عراقكم ملىء بالفقراء والمظلومين واليتامى والجرحى والثكالى والأرامل والمسنين والمعوزين والمعاقين، وبلا ماء ولا كهرباء ولا زراعة ولا صناعة ولا مال ولا بنى تحتية ولا خدمات ولا بيئة صالحة ولا حدود أمنية والأعداء تتكالب عليه من كل حدب وصوب»، وهو ما يستدعى وقف الصراع على المقاعد والمناصب والمكاسب والنفوذ والسلطة والحكم، مطالبا بنزع السلاح لتسليمه إلى الدولة بدلا من تخزينه فى المساجد والحسينيات فينفجر ويحصد أرواح الأبرياء، متعهدا عقب انتهاء الانتخابات بتشكيل فرقة خاصة للبحث عن القائد السابق فى حزب البعث الحاكم إما لقتله أو اعتقاله، فى محاولة منه للقضاء على رموز نظام صدام.. فهل سيفعل ذلك أم مجرد دعاية انتخابية؟

ويشتد الصراع بين كتلة «سائرون» المدعومة من الصدر و«النصر» بزعامة حيدر العبادى، و«الفتح» بزعامة هادى العامرى و«دولة القانون» بزعامة نورى المالكى، لكن يبدو أن هناك اتفاقا على شخص العبادى رئيسا للوزراء لفترة جديدة.

وذكر ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوى، فى تصريحات منسوبة للنائب رعد الدهلكى، عن وجود عمليات بيع وشراء لنواب فى البرلمان من قبل تحالفات وكتل سياسية، فيما قال رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى إن زج المؤسسات العسكرية فى مفاوضات تشكيل الحكومة يمثل انحرافا كبيرا، مطالبا بعدم تسييس الحشد الشعبى.

واقتناصا للفرصة، يستعد النواب الكرد لتأييد الكتلة الأكبر من أجل الحصول على مزايا خاصة بهم، ويرى البعض أن تحالفهم سيكون الأقرب لكتلة سائرون بزعامة الصدر، الذى يتحالف مع ائتلاف النصر، بقيادة العبادى، وتيار الحكمة الوطنى، بقيادة عمار الحكيم، وائتلاف الوطنية، بقيادة إياد علاوى، ويبدو أن ما لجأ إليه العبادى، بإعادة فتح المطارات فى الإقليم، وصرف رواتب الموظفين، قد خفف من حدة الخلافات مع الكتل الكردية، التى ستطرح مطالبها بتسوية وضع المناطق المتنازع عليها، ودفع الرواتب وميزانية إقليم كردستان، والمناصب التى سيحصل عليها الكرد.