أستاذ قانون سافر «شرم» ليستجم فاستقبله «نظام مبارك» بـ«سب وسجن ومحاكمة عسكرية»

كتب: هيثم دبور الجمعة 13-05-2011 20:14

زيارة قصيرة إلى شرم الشيخ جعلته يوقن أن التغيير الذى طال كل ربوع مصر لم يصل بعد للمدينة المحصنة ببقاء الرئيس السابق فيها، بل إن كل ما غيرته الثورة فى المواطن والسلطة والشارع يبدو أنه توقف عند حدود شرم الشيخ، التى لاتزال تحتفظ بصفة «بلد الرئيس» وكل الأخلاقيات التى تليق بهذا الاسم.

فى سيارته، جلس عمرو الشلقامى، المدرس المساعد لمادة القانون الدولى فى الجامعة الأمريكية، يسلى نفسه بالقراءة فى طريقه وسائقه إلى شرم الشيخ، لم ينتبه عندما استوقفهما ضابط بملابس مدنية، لكنه انتبه عندما سب السائق، بشكل أكد «الشلقامى» أنه لم يره منذ ثورة يناير.. هنا قرر أن يتدخل، مطالباً الضابط بأن يحترم آدمية السائق وينسى الطريقة التى كان يتعامل بها الضباط قبل الثورة، وهكذا نال «الشلقامى» نصيبه من السب.

لم يشعر «الشلقامى» بنفسه إلا وهو فى قسم الطور، يحرر محضراً للضابط، وبمجرد أن وطئت قدماه القسم اكتشف وجود محضر ضده يتهمه بالسكر والاعتداء على الضابط وسبه أثناء تأدية وظيفته، ليتحول «الشلقامى» فى غضون دقائق من معتدى عليه إلى متهم. لم يستسلم، وطلب «الشلقامى» التوجه إلى أقرب مستشفى لإثبات حالة السكر التى ادعاها الضابط فى المحضر، وبالفعل برأه تقرير المستشفى من ادعاء السكر، فيما أصر ضابط القسم على احتجازه لعرضه على النيابة.

خاض «الشلقامى» رحلة الترحيل إلى النيابة وإخلاء سبيله، وفى طريق عودته داخل عربة الترحيلات إلى قسم شرم الشيخ تعرف على سجين يدعى «محمد كلبة»، لم يمل الحديث طوال الرحلة داخل العربة عن ضرورة الثورة على الداخلية، وكأنه لا يدرك وجود ثورة على النظام ككل، واستمر يستمع إلى «كلبة» طوال الليلة التى قضاها فى حجز شرم الشيخ ـ بعدما رفض القسم إخلاء سبيله وقرروا احتجازه يوماً آخر رغم قرار النيابة. «كلبة» استمر يشعل مشاعر الغضب والثورة داخل أصدقائه المحتجزين، ووسط صمت الحجز إلا من صوت «كلبة» فوجئ الجميع بمخبر يدخل ليأخذ «كلبة» بالأحضان، ويعطيه ولاعة سبق أن طلبها منه، فهدد «كلبة» على مرأى ومسمع من الجميع بإحراق القسم إذا لم يتم الإفراج عن المساجين قبل العاشرة والربع مساء.

جاءت العاشرة والربع، ونفذ «كلبة» تهديده، حسب قول «الشلقامى»: «أشعل النيران فى البطاطين، لكن محاولته فشلت، ونقلنا الضباط إلى زنزانة أخرى، ولم يمل (كلبة) التوسل لنا بعدم الإدلاء عليه كفاعل لمحاولة حرق القسم».

لم تنته رحلة «الشلقامى» فى المدينة الأمنية، ففى صباح اليوم التالى تم الإفراج عن كل المساجين، عدا «الشلقامى» و«كلبة»، بحجة الإفراج عنه من النيابة مرة أخرى، وفى الطريق إلى هناك اكتشف «الشلقامى» الحقيقة: حولونى نيابة عسكرية، وعرفت إن كلبة مسجل خطر وبيشتغل مرشد لقسم شرم الشيخ، وإن اللى بيحصل لى مجرد تأديب من الضباط ليا، بعد ما طالبت باحترام آدمية المواطن، واتهمونى بإحراق القسم».

الموضوع الذى انتهى بتعاطف المحكمة العسكرية، وعدم نظرها القضية لأنها ليست جهة اختصاص، والإفراج عن الشلقامى من نيابة الطور لم ينته لديه، إذ تيقن فى الإجازة التى قضاها فى شرم الشيخ بين سجونها وأقسامها أن القانون الدولى الذى درسه ويدرسه فى الجامعة لا جدوى له، فى مكان يجلس فيه مبارك بقوانينه، حتى لو كان مخلوعاً أو مسجوناً أو سابقاً.