«من الخطأ التجرؤ ومحاولة إخضاع تركيا عبر إطلاق التهديدات من أجل قس، أخاطب أولئك فى أمريكا مجددا: عار عليكم، عار عليكم، تستبدلون شريككم الاستراتيجى فى الحلف الأطلسى بقس»، هكذا قلل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من الأزمة الاقتصادية التى تمر بها بلاده، وحاول تبريرها بأنها بسبب القس الأمريكى، أندرو برانسون الذى حكمت عليه محكمة تركية بالإقامة الجبرية ويحاكم حاليا بتهمة الإرهاب والتجسس.
انتقل «أندرو» فى عام 1993 مع زوجته من الولايات المتحدة للتبشير للكنيسة الإنجيلية، إلا أنه اتهم بالتجسس وتحول إلى لعبة فى أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة، ولديه جماعة صغيرة تضم 25 شخصا، يلتقون بانتظام بمدينة إزمير الساحلية غرب تركيا، يعزف على الجيتار ويغنى ويصلى معهم، بحسب ما هكذا تظهره صوره على الموقع الإلكترونى للجماعة، حتى تم اعتقاله قبل نحو عامين ليفجر أزمة غير مسبوقة بين واشنطن وأنقرة، حليفى «الناتو»
وبرانسون، 50 عاما، وزوجته عضوان فى كنيسة إنجيلية يتمثل شعارها الرسمى فى أن الوحدة هى الأساسية وليس الحرية والإحسان أساس كل شىء، وتفرغ لأعمال التبشير فى تركيا التى يُعد 99% من سكانها مسلمين، والتبشير لم يعد محظورا فى تركيا منذ 2003، إلا أنه غير مرحب به، وأسس عام 2010 كنيسة القيامة فى إزمير، وحاول تمديد تأشيرة إقامته، إلا أنه اعتُقل فى أكتوبر 2016 بعد 3 أشهر على محاولة الانقلاب الفاشلة التى أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من موظفى الدولة والقضاء والشرطة والجيش أو تسريحهم أو إعفائهم من الخدمة، كما اعتقلت زوجته لأيام ولكن تم إطلاق سراحها، ووجهت له المحكمة تهمة الانضمام إلى منظمة إرهابية مسلحة، والقيام بأعمال تجسس والمشاركة فى التخطيط للمحاولة الانقلابية وتقديم الدعم لحزب العمال الكردستانى المحظور، وهى اتهامات رفضها القس وأكد أن كنيسته بعيدة عن العمل السياسى، واعتبرها سياسيون أمريكيون ومراقبون دوليون غير مقبولة.
وعندما طالبت الحكومة الأمريكية عام 2017 بإطلاق سراحه، رد أردوغان بعرض يقضى باستبداله بالداعية النافذ، فتح الله جولن الذى يقيم بمنفاه فى الولايات المتحدة منذ 1990، ويتهمه أردوغان بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة فى صيف 2016 ويطالب بترحيله إلى تركيا لمحاكمته، وتجاهل ترامب وإدارته العرض، ويصرون على حتمية الإفراج عن القس، لمغازلة الناخبين فى الولايات المحافظة التى يطغى عليها التدين وأهميتها بالنسبة لجمهوريين فى انتخابات التجديد النصفى بالكونجرس فى الخريف المقبل، كما أن مايك بنس، نائب ترامب أولى لقضية القس الأمريكى أهمية خاصة، لأنه إنجيلى محافظ.
إلا أن القضاء التركى ووضعه تحت الإقامة الجبرية فى 25 يوليو الماضى حتى 12 من أكتوبر المقبل موعد جلسة التحقيق الثانية معه.